غسان ريفي
تتوافق اللجنة الخماسية منذ إنطلاقها قبل أكثر من عام، على أمر واحد فقط هو ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وما دون ذلك تختلف على كل شيء، سواء في مقاربة هذا الاستحقاق، أوفي التعاطي مع المكونات النيابية المعنية فيه، أو في ربطه بأحداث المنطقة أو فصله، أو في طرح الأسماء أو المواصفات، فيما التنافس بين أركانها ما يزال على أشده.
ويشكل إجتماع سفراء الخماسية الذي عقد في قصر الصنوبر أمس، إنعكاسا للتخبط الذي تعيشه اللجنة على مستوى وزراء الخارجية، وبالرغم من إستغراقه ساعة ونصف الساعة من الوقت، فهو لم ينتج منه أية خطوات إيجابية، حيث لم تستطع المصادر أن تنقل عن المجتمعين سوى تأكيدهم على ضرورة إنتخاب الرئيس، في حين تأخرت السفارة الفرنسية في إصدار البيان الرسمي حول الاجتماع حتى ساعات الليل، وقد جاء مقتضبا وعموميا، ما يشير الى إستمرار التباينات القائمة بين الدول الخمس حول كيفية مقاربة هذا الاستحقاق.
وبالرغم من الأجواء الايجابية التي حاول البعض إشاعتها حول إجتماع السفراء، إلا أن ذلك لم يستطع حجب الخلافات الجوهرية القائمة، إن لجهة إصرار أميركا على ربط الرئاسة اللبنانية بملفات المنطقة كونها تخوض مفاوضات على أكثر من جبهة، وبالتالي هي تريد أن يكون ملف لبنان ضمن سلة التسوية الكاملة في المنطقة، في حين يسعى الفرنسي الى تطبيق الورقة التي أعدها حول وقف الصراع بين لبنان وإسرائيل وتطبيق القرار 1701 أولا، في حين يشدد القطري على ضرورة فصل المسارات، وبالتالي العمل على إنتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن الحرب الدائرة في غزة أو في الجنوب، أما السعودية العائدة بكثير من الحماسة الى اللجنة، فترفض السير وفق التوجهات الأميركية ما أدى الى نوع من الجفاء، والتنافس على قيادة اللجنة، خصوصا أن المملكة تحمّل الولايات المتحدة عدم وقف إطلاق النار في غزة، وهي أصدرت أمس وبعد إجتماع السفراء في قصر الصنوبر بيانا أسفت فيه لنقض مشروع القرار الذي يدعو الى وقف إطلاق النار في غزة، وذلك في إشارة الى أميركا التي إستخدمت حق النقض في إجتماع مجلس الأمن مقابل 13 دولة وافقت عليه.
هذا الواقع يجعل إجتماع الخماسية في حال إنعقد على مستوى وزراء الخارجية، أو إجتماع سفرائها في لبنان لإثبات الوجود والتأكيد أن اللجنة ما تزال موجودة ومهتمة بالاستحقاق الرئاسي وتذكر اللبنانيين بين الحين والآخر بضرورة إنجازه.
يصح القول باللجنة الخماسية أن “فاقد الشيء لا يعطيه”، فهي لا تستطيع أن تفرض أسماء للاختيار من بينهم، ولا هي قادرة على طرح مواصفات يعتبرها البعض فضفاضة، أو إقناع الكتل النيابية بها، خصوصا أن كل منها تتطلع الى أن تأتي هذه المواصفات على قياس مرشحها، ولا هي تستطيع الضغط في الوقت الحالي على أي مكون سياسي للذهاب الى الانتخابات أو القبول بهذا المرشح أو ذاك، ويبدو أنها عاجزة عن إستخدام سلاح العقوبات ما يجعل إجتماعاتها عبارة عن “دق الميّ ميّ”.
يبدو واضحا، أن اللجنة الخماسية تشكل مرآة للواقع القائم في المنطقة، وهي اليوم تنقل صورة التخبط الحاصل فيها وتعكسها على لبنان حيث لا تسوية لإنتاج قرار بملء الفراغ في كرسي قصر بعبدا، ومتى تنضج هذه التسوية، ستكون اللجنة الخماسية أقوى وأكثر قدرة على التأثير، وستعكس التوافق الاقليمي والدولي الذي سينتج رئيسا للجمهورية اللبنانية.
(سيرياهوم نيوز ١-سفير الشمال)