آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » اللغة “العربيزية” الهجينة… أن تكون “حداثياً” بالشكل فقط!

اللغة “العربيزية” الهجينة… أن تكون “حداثياً” بالشكل فقط!

أرسلت له رسالة SMS وقالت فيها بالحرف: “هاي بيبي، مودي اليوم كتير باد، وكتير هارد إني سي يو، بشوفك تمورو… أمواااه”، وطبعاً كلمة “مودي” تعني مزاج، باد: سيئ، هارد: صعب، سي يو: أراك، تمورو: غداً، وتلك الأمواااه الطويلة تعني قبلة طويلة.
ردّ عليها بالتالي: “سويتي، أنا كتير Hazeen لأنو ما بدّي سي يو تودي، أنا رايح عالـ college وبس come back بمرّ عليكي… تشاو”.
أَإلى هذه الدرجة لم تعد اللغة العربية تتسع لمشاعر وأفكار الشباب والصبايا كي يلجؤوا إلى هذا التهجين المخيف والمزج الفانتازي بين العربية والإنكليزية أو ما بات يعرف بالـ”عربيزي” عبر وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل “الموبايلات”؟ هل ضاقت مفردات الشِّعْر والوجدان وتقزّمت بحورُ الاستعارات والتشبيهات في لغتنا العربية حتى نرى هذا الاكتساح المرعب لرموزٍ وكلمات تحتاج إلى سِحْر هاروت وماروت أو نبوءات “نوستراداموس” كي نفكَّ طلاسمها وشيفراتها ومعانيها؟

اغتيالُ اللغاتِ الأمّ!

يتحدثُ أحد الباحثين عن أن جزءاً من التخطيط الخبيث الذي قامت به أميركا لاغتيال “الهندي الأحمر” كانت تقوم على الفكرة التالية: “إنْ أردتَ أنْ تغتالَ شعباً من الشعوب؛ اجعله يخجل من لغته… يجبُ عليكَ أن تغتالَ تلك اللغة”!
أستحضرُ هذه الفكرة المرعبة عن “اغتيال اللغة” عندما أمرّ بمراهقين ومراهقات سوريين يتحدثون بلغة غير مفهومة هي أقرب إلى الهمهمة والرموز المختصرة التي يكتبون بها رسائلهم على الموبايل أو الفيسبوك، خليطٌ عجيبٌ من مصطلحات إنكليزية بطريقة لفظ فرنسية… إنها رموز تجعل من اثنين أو ثلاثة شبّان أو شابّات يبدون أكثرَ ألفةٍ وقرباً من بعضهم ضمن مجموعةٍ ما، تم توليفها تحديداً من الموضة نفسها أو الموديل ذاته الدارج في هذه المرحلة العمريّة.
أكثرُ ما يخيف هو تلك “اللغة” الهجينة -بالتأكيد لا نتحدث هنا عن لغاتِ القومياتِ السورية غير العربية مثل الكردية والسريانية وغيرها- لكنْ مَن قال لأولئك الشبّان إن اللغة العربية ليست جميلة وإن علينا إزاحتها عن دربنا ودرب أطفالنا؟ مِن أين تأتي فكرة أننا سنكون “حضاريين” أكثر إذا كنا “منحكي إنكليش وفرينش وسبانيش” ومستعدين لأن نشتري كل قواميس اللغات الأجنبية لنثبت مدى ثقافتنا، لكننا نخجل من قول كلمتين باللغة العربية الفصحى، ونضجرُ من مجرّد تخيّل قاموس اللغة العربية فيما لو مرّت معنا كلمة صعبة لم نفهم معناها؟!
هل نسينا عمر أبو ريشة وبدوي الجبل وسعيد عقل ومحمود درويش ونزار قباني وأحمد شوقي ومحمد مهدي الجواهري والمئات من شعرائنا وأدبائنا وفلاسفتنا وكل فقه اللغة العربية؟ هل يمكن أن نتجاهل كل التراث الغنائي العربي الفصيح الذي غنّته أم كلثوم، ونقله الأخوان رحباني عن كنوز الشعر الأندلسي؟ بل أشعار الأخوين رحباني الساحرة الرقيقة والتي جعلت يماماتِ قلوبنا تُرفرف؟ وبالطبع إن كل ما ذكرت ليس إلا أمثلةً قليلةً جداً من خزّان التراث العربي العملاق.

أن نكونَ متفرّدين!

لم أكن يوماً من المعادين لطريقة أي شخص في أن يكون حرّاً، متفرّداً، ومتجدّداً، سواء في شكل اللباس أو في اختيار الألوان أو التشبّه بطريقة نجوم السينما العالميين، بل أتعاطف دائماً مع حيوية الشباب وجرأتهم ومحاولاتهم الدائمة، بكونهم شباباً، من أجل كسر قيود بعض العادات والآراء غير المرنة عند أجيال تكبرهم عمراً، إذ ليس بالضرورة حين نتمنى عليهم التمسكَ باللغة العربية الفصحى أن “يتقعّروا” في نُطقها ويختاروا طلاسمَ الأقدمين المعجميّة… لكن ما يُحزن فعلاً هو أن يأخذَ شبابنا مِن ثقافات العالم مظاهِرَها فقط؛ تلك الأشكال الأكثرَ سطحية، لأنها هي أصلاً سريعةُ الزوال والتبدّل في “بلاد المنشَأ” حسب رغبات إمبراطوريات الموضة والمال العالمية!

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

غوته.. شاعر ألمانيا العظيم الذي عشق لغة الضاد وقرآنها الكريم

أحمد بوبس شاعر ألمانيا الكبير يوهان غوته أحب الشعر العربي إلى درجة العشق. بل أحب الشرق كله بروحانيته وأمنه. وعبر عن ذلك في العديد من ...