الرئيسية » مجتمع » الليبرالية الحديثة” عدو الأسرة والمجتمع

الليبرالية الحديثة” عدو الأسرة والمجتمع

دينا عبد  2020/12/16

تنتشر حول العالم العديد من العادات والتّقاليد التي صارت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة وحياة الشعوب، وتحوّلت من مُجرد أفكار وآراء إلى أُسّس ثابتة لا يُمكن تغييرها، أو تجاوزها، أو تحديثها، وتطويرها، أو التخلي عنها، فالعادات بحسب ما تتحدث ثريا “معلمة” لمادة الفلسفة هي نتائج أفعال متكررة حتى تصبح شيئاً من كيان الشخصية، ويجد بعضنا صعوبة في ترك بعض العادات المجتمعية لأننا تربينا عليها و انغمست في وجداننا حتى أصبحنا ننظر لأي شخص يرفض بعض عادات المجتمع على أنه غريب وغير طبيعي، وهناك ظواهر عديدة تفشت في المجتمع لكننا نرفضها رفضاً قاطعاً ، لا بل نقاطع من يمارسها مثل ظاهرة المساكنة التي برزت بشكل علني في المجتمعات العربية ومثلت صراعاً بين قطبين : تقاليد المجتمع من جانب وحرية الشباب في اختيار أسلوب الحياة من جانب آخر.
فالسيدة تهاني تقول : لاحظت أن المفاهيم الاجتماعية في المنطقة العربية شهدت في السنوات الأخيرة تغيرات كبيرة ومن ضمنها مفهوم العلاقات على اختلاف أنواعها، حيث بات الشباب يتجرؤون على الجهر بمعتقداتهم وأسلوب الحياة الذي يؤمنون به كاعترافهم بالمساكنة التي أصبحت ظاهرة ملحوظة حتى في المجتمعات المحافظة …
فهي” المساكنة” ليست حالة طارئة وغريبة عن المجتمعات العربية وإن كان مسكوتاً عنها، بل هي ظاهرة موجودة بالأصل ولكنها برزت الآن بشكل علني وجريء أكثر من ذي قبل، نتيجة تحرر قسم كبير من الشباب من قيود الأهل والرقابة الاجتماعية التي كانت تمنعهم من المجاهرة بها كما يفعلون الآن.
د. محمد حسان عوض رئيس قسم الأحوال الشخصية في كلية الشريعة – جامعة دمشق وخطيب جامع عباد الرحمن في دمشق يقول:
ثمة طروحات غريبة على مجتمعنا كبعض طروحات الليبراليين تحتاج الى الرد بشكل متخصص ودقيق وملفت للنظر عبر الندوات التوعوية والفكرية ومن ذلك قضايا مهمة كالربط ما بين العروبة والقرآن والإسلام والرسول ، والفصل بين الليبرالية الجديدة والعلمانية.
ومايتم الاضاءة عليه في هذه الندوات يتناول الجانب المُستَحدَث والملغوم من الليبرالية الحديثة والذي يتعلق بالمفاهيم والقيم غير السويّة أو الصحيحة، فالليبرالية الحديثة بدأت تتطور منذ حوالي خمسة عقود بشكل تدريجي خبيث وببطء على مبدأ السرطان ، الذي لا يشعر به الإنسان ، وهكذا بدأت بتسويق منهجيتها كتسويق الانحلال الأخلاقي وفرديّة الإنسان وانفصاله عن أسرته ومجتمعه بشكل كامل ، فيصبح الفرد لا ينتمي إلى أي شيء ، بل ينتمي لنفسه في الداخل وفصل الإنسان عن أية مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول لأهدافها.
ومن الأمثلة العملية لهذا التيار الخبيث :
أنها سوقت الزواج المثلي ابتداءً من السبعينيات تدريجياً إلى أن أصبح قانونياً ، والآن بدأ يتكون لديهم أبناء من الزواج المثلي يعدونه ابناً لهم ، وهو بعيد عن التبني وليس ابناً حقيقياً وسوقت فكرة أن الطفل لا يختار دينه بنفسه ، وأن هذا تعدٍّ على حريته ، فقالوا : إنه يولد من دون دين ، ولكن لاحقاً عندما يكبر يختار الدين الذي يريد أن ينتمي إليه .
وهذه الطروحات الخبيثة بمقارنتها مع الواقع تثبت النتائج أنها مناقضة لطبيعة الإنسان ، لأن الإنسان منذ أن اخترع أدياناً وآلهة وأصناماً كان الابن بشكل غريزي ينتمي لدين العائلة التي ولد فيها ، فهم يناقضون إنسانية الإنسان .
وسوقت المخدرات منذ عام أو أكثر على اعتبار أنها ليست ضارة ، وأصبحت تباع بشكل قانوني وعلني في المتاجر ، والآن في بعض الأماكن تستطيعون أن تطلبوا أنواعاً من الخبز بنكهة هذا المخدر .
وسوقت البدعة الجديدة التي تقول : إن الطفل يولد ليس ذكراً وليس أنثى ، وهو يختار لاحقاً إن كان ذكراً أو أنثى.
وسوقت رفض العقائد، لأنها تطلب من الإنسان ألا ينتمي للعقائد وهي بذلك تلغي إنسانية الإنسان ، أي تحوله إلى حيوان
علماً أن الفارق بين الإنسان والحيوان هو الشيء الوحيد الذي يتميز به الإنسان وهو العقيدة .
وسوقت تحول مرجعية الفرد من المرجعية الجماعية – كما هو الحال الطبيعي بالنسبة للبشر – إلى مرجعية الفرد أي : رغباته ، فكل ما يرغب به الفرد هو الأساس وصحيح بغض النظر عن المجتمع.
وسوقت انسلاخ الفرد عن الأسرة وعن المجتمع وعن الوطن ،وأن المطلوب منها هو ضرب إنسانية الإنسان .
وهذا يتناقض حتى مع الدين ..
لأن الأديان أنزلت من أجل تكريس الإنسانية .
ولأنه عند فصل الإنسان عن إنسانيته وقيمه وعقائده ، سيقوده شيئان : المال والغريزة ، وعندها تسهل قيادته بالاتجاه المطلوب ، وهو أن نتخلى عن المبادئ والقيم .
وأخيراً يُظلُّ الدين الصحيح درعَ حماية من كل ذلك عبر التمسك بمبادئه فكراً وسلوكاً.

(سيرياهوم نيوز-تشرين)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...