ديب علي حسن:
لا تكف الليبرالية عن تجديد أدواتها وأساليب عملها للوصول إلى نقطة حاسمة لا رجعة فيها الا وهي السيطرة الفكرية التامة على العقول البشرية أينما كانت والتحكم بمسارات تفكيرها بحيث تمضي بخط محدد تم تصميمه سلفا على يد علماء النفس والاجتماع الغربيين الذين توضع مقدرات العائلة تحت تصرفهم ..يعملون في مراكز الدراسات والأبحاث والمختبرات ليصلوا إلى النتائج التي تصبح ناجزة فيما بعد ..
وقد أشرنا اكثر من مرة إلى ما أنجزه عالم النفس السلوكي الأميركي سكينر ووضعه في كتابه تكنولوجيا السلوك الإنساني..الذي من عنوانه يعامل الإنسان على انه آلة وعالم النفس مهندس هذه الآلة..
وكان واضحا سكينر في الحديث عن ضرورة هندسة السلوك كما يرغبون ..
وهندسة السلوك النهائية لايمكن الا بعد السيطرة الثقافية والفكرية على المجتمعات المقصودة أو المستهدفة..فما من سبطرة اقتصادية أو سياسية الا بعد إنجاز السيطرة الثقافية.
من هنا كان طوفان الغزو الثقافي الخشن والناعم الظاهر والمخفي الذي وصل إلى غرف نومنا ولهاثنا مع المحمول ..غزو اقتلعنا من جذورنا وجعل عيوننا شاخصة إلى حركة المضاربات والبورصات التي تبعد عنا آلاف الأميال لكنها ربطتنا بها بصعودها وهبوطها …انتقلت موجاتها وارتدادها إلى رغيف الخبز في كل بيت ..
وهذا ما تريده الليبرالية الحديثة التي تحرس الدولار الأميركي العملة التي تستعبد العالم دون رصيد وتقود إلى سراب الثروات غير الحقيقية..
في كتابه المهم استعباد العالم يرى فالنتين كاتاسونوف أن الدولار هو الذي يستعبد العمل.
ويقتبس القول التالي..( ثمة بين هؤلاء الأقوياء والحاذقين افراد يراكمون رؤوس أموال طائلة إلى أبعد حد انهم ملوك البورصة الحقيقيون ومعها البلاد بأكملها..يشبك أموالهم ببعضها عدد كبير من القضايا والمشاريع والمؤسسات وإليهم تدين الطبقات العاملة وليس في بلد واحد فقط ..بل في بلدان مختلفة ..ويرتبط بهم ارتباطا وثيقا ملايين المستثمرين الريعيين وانصاف المستثمرين ..وهذا ما يجعل من أولئك قوة سياسية جبارة وملوكا حقيقيين ولكنهم غير متوجين قط ..وهم في الوقت نفسه عابرون للحدود لان سلطتهم تمتد إلى اي مكان تعمل في رؤوس أموالهم…س.ف..شارلوف ..مفكر روسي وعالم اقتصاد).
الأولمب المالي ..
يرى فالنتين كاتاسونوف..في كتابه استعباد العالم ترجمة إبراهيم استنبولي ..يرى أن ثمة الأولمب المالي والسياسي يتربع على عرشها عائلة آل باروخ والأكثر شهرة من بينهم برنارباروخ الذي طالما كان الوصي على الكثير من الرؤساء الأميركيين بدءا من وادور ويلسون وانتهاء بجيرالد فورد والحديث يدور حول باروخ اياه الذي أعطى الايعاز في تشرين الأول من عام ١٩٢٩م إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بأن يغلق دائرة الأوكسجين النقدي عن السوق مثيرا بذلك الانهيار والإفلاس في أسواق المال الأميركية..
ويضيف ..ثمة واقعة معروفة أوردها أنتوني ساتون في كتابه سلطة الدولار
.حدث في الولايات المتحدة الأميركية انه تمت طباعة اوراق نقدية من فئة اكبر من العادة فئة من الف ..خمسة آلاف…عشرة آلاف دولار..ولكن دون أن يتم طرحها في التداول(مبدئيا) وإنما تم الاحتفاظ بها في الخزنات المصرفية ..واللافت أن تلك الأوراق لم تكن تحمل صورة اي من الرؤساء الأمريكيين ..
وقد قال جيكي روبين وزير المالية الأميركي في التسعينات ..هؤلاء عبيد يعني رؤساء اميركا..صورهم على أوراق نقدية من فئة صغيرة ..اما هؤلاء فهم الاسياد يعني شيفت وباروخ.. صور هؤلاء الذين يحكمون العالم في حقيقة الأمر أصبحت مطبوعة على الأوراق النقدية التي لا يجري تداولها بين الناس العاديين.
وهؤلاء ينتظمون في ناد أسموه..الآلهة الذين يقطنون السماء….
هذا جزء من حكاية سلطة الدولار المعولم فماذا عن بقية الحكاية؟..
(سيرياهوم نيوز-الثورة ١٤-٣-٢٠٢١)