آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الليرة السورية: من الفوضى إلى الاستقرار… تحديات وآفاق التعافي الاقتصادي

الليرة السورية: من الفوضى إلى الاستقرار… تحديات وآفاق التعافي الاقتصادي

تُعد مشكلة تعدد أسعار الصرف في السوق المحلية واحدة من أبرز التحديات التي تعاني منها سورية، حيث يستغل كل طرف مسمى “سياسة السوق الحر” بما يتناسب مع مصالحه. فالتاجر ما زال يحتسب تكاليف بضائعه على سعر صرف يتجاوز الـ19 ألف ليرة بحجة التحوط، بينما تُحدد شركات الصرافة والحوالات سعر صرف الدولار دون الـ10 آلاف ليرة، مستغلة ضعف المواطن وحاجته. في الوقت نفسه، يبقى مصرف سورية المركزي بعيدًا عن كلا السعرين، سواء كان ذلك نتيجة انفصاله عن الواقع أو عجزه عن ضبط الأسواق، مما يُعزز حالة الفوضى الاقتصادية الحالية، الأمر الذي يتطلب من الحكومة الجديدة إعادة النظر في السياسة النقدية والمصرفية.
الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي اعتبر أن سعر الصرف اليوم من أهم المؤشرات الذي يدل على إمكانية تعافي الاقتصاد السوري، لأنه يجسد أداة الربط بين الاقتصاد المحلي وباقي الاقتصاديات، فضلاً عن كونه وسيلة هامة للتأثير على تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية وعلى ربحية الصناعات التصديرية وتكلفة الموارد المستوردة، مما يؤدي إلى ارتباط أسعار السلع والخدمات بتكلفة عناصر الإنتاج المستوردة، وقدرة السلع المحلية على منافسة السلع العالمية بسبب أن السعر العالمي والسعر المحلي للسلعة مرتبطان من خلال سعر الصرف.
ورأى قوشجي أن من أهم أسباب انخفاض سعر صرف الليرة السورية في النظام البائد هو سياسة التمويل بالعجز وطرح كميات من الليرات السورية في السوق، مع تحجيم الاستثمار أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات ومن ثم الدولار الأمريكي.
وأضاف: اليوم بعد تحرير سوريا من النظام الساسي والاقتصادي الذي عمل على تردي الأنظمة الاقتصادية والسياسية والإدارية والتعليمية في سوريا، وجعلها في أخر قائمة دول العالم في كل مجالات الحياة. يتطلع الشعب السوري على رفع مستوى معيشتهم والخروج من دائرة الفقر والعمل على عودة اللاجئين والمهجرين والنازحين خارج الأرضي السورية وداخلها، وليتحقق ذلك لا بد من عودة النشاط الاقتصادي لكافة القطاعات الاقتصادية وارتفاع معدل النمو، وهذا الهدف لم يتحقق إلا بإدارة النقود بشكل سليم ومتطور تعمل على ضبط التضخم من خلال زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وضبط سعر الصرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي.
ورأى فوشجي أن هذا يتطلب إصلاح النظام النقدي بشكل كامل بسورية وأن الإصلاح يبدأ من مصرف سورية المركزي بما يتناسب مع المتطلبات المصرفية العالمية ويخدم استراتيجية اقتصادية سورية طويلة الأمد تحقيق بيئة استثمارية جاذبة.
حيث لا بد أن يطور مصرف سورية المركزي أدائه للعمل بأدوات السياسة النقدية سعر الفائدة وسعر الصرف وعمليات السوق المفتوحة والاحتياطي القانوني. والتي تهدف هذه الأدوات إلى زيادة الشفافية الاقتصادية ومراقبة الأداء الاقتصادي والحفاظ على توازن الاقتصاد الكلي والحد من معدل التضخم وتذبذب سعر الصرف.
ووفقا للخبير فإن الحلول الضرورية والأهم في إصلاح النظام النقدي والمالي كمدخل لاستعادة استقرار سعر الصرف وتعافي الاقتصاد السوري،يحتاج اتباع سياسات نقدية ومالية متكاملة تعالج الأسباب الهيكلية التي أدت إلى تدهور العملة المحلية. وتشمل هذه السياسا في إصلاح السياسة النقدية للمصرف المركزي حيث يجب أن يعمل مصرف سورية المركزي بشكل مستقل وفعّال، باستخدام أدوات السياسة النقدية الحديثة مثل: سياسة سعر الفائدة لجذب المدخرات وتقليل التضخم، وتنظيم عمليات السوق المفتوحة لضبط السيولة المحلية، وتعديل نسبة الاحتياطي القانوني للمصارف لتوجيه الائتمان نحو القطاعات الإنتاجية، إدارة احتياطيات النقد الأجنبي بحكمة لدعم سعر الصرف، ومعالجة العجز المالي والحد من التمويل النقدي: من الأخطاء الكبرى في النظام السابق كانت سياسة التمويل بالعجز، مما أدى إلى تضخم جامح.
ولفت إلى أن تنشيط القطاع الإنتاجي وزيادة الصادرات وارتفاع سعر الصرف يزيد تكلفة الواردات، لذا يجب دعم الصناعات المحلية والزراعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتشجيع الصادرات عبر تسهيل الإجراءات وتقديم حوافز للمصدرين، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
إضافة لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد مع غياب الرقابة الحقيقية لإدارة النقود خلال النظام البائد أدى إلى تهريب العملة الصعبة خارج الاقتصاد السوري وانتشار السوق السوداء وتحكمها في تحديد سعر الصرف. العلاج يكون عبر رقابة دقيقة على تحويلات العملة ومعاقبة المتلاعبين، وإصلاح النظام المصرفي لمكافحة غسيل الأموال وتبييض الأموال غير المشروعة، وتعزيز الحوكمة في المؤسسات المالية العامة.
واعتبر أن استعادة الثقة بالليرة السورية الثقة النقدية أساسية لاستقرار سعر الصرف، يتم عبر إصدار عملة جديدة مدعومة بنشاط الإنتاجي ونسبة تشغيل عالية وتكوين احتياطيات حقيقية من الذهب والعملات الأجنبية). وربط سعر الصرف بسلة عملات بدلاً من الاعتماد على الدولار فقط، وتوعية المواطنين بأهمية الادخار بالليرة بدلاً من التحول إلى الدولار.
ونونه قوشجي بأن استقرار سعر الصرف ليس هدفاً بحد ذاته، بل هو نتيجة لإصلاحات هيكلية في السياسات النقدية والمالية والاقتصادية. إن تعافي الليرة السورية يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، وإدارة كفؤة للمصرف المركزي، وإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية. فقط من خلال هذه الإصلاحات يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتحسين مستوى المعيشة، وإعادة بناء سوريا اقتصادياً واجتماعياً بعد سنوات من الدمار.

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إدارة ترامب تطالب بالسيطرة على الاقتصاد الأوكراني

تصر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على توقيع أوكرانيا اتفاقية تمنح واشنطن السيطرة على المشاريع الاقتصادية الرئيسية، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، التي نشرت مسودة ...