آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » المبادرة الاجتماعية لتخفيف الأعباء المادية والمعنوية

المبادرة الاجتماعية لتخفيف الأعباء المادية والمعنوية

 حسين صقر:

للمبادرات على اختلاف أنواعها أهمية كبيرة، سواء في محيط العمل، أو بالشارع ووسائط النقل، أم في المنزل، ولاسيما في ظل الضغوط النفسية والمعنوية التي تسببت بها الحرب الإرهابية الوحشية على وطننا الغالي والحصار الظالم والجائر ، حيث باتت المبادرة أمراً مهماً يخفف تلك الضغوط ويزيح بعضاً من الأعباء الضاغطة..
وبما أنه تتعدد أوجه المبادرات، ولا سبيل لحصرها لأنها تتعلق بالأخلاق والأحاسيس والمشاعر، وإعطاء صورة للغير بأننا موجودون بجانبكم، تماماً كما يقفون بجانبنا، لأن أفراد المجتمع بالنتيجة يكملون بعضهم، سوف أسوق لكم تلك الحادثة..
وكي لايتحول الحديث إلى تنظير ، أدرج تلك القصة التي حصلت أمامي في مطعم شعبي يقدم وجبات المسبحة والفول والفلافل، تلك الأصناف التي باتت أيضاً صعبة المنال كغيرها، بعد أن غدا القرص الواحد يساوي خمسين ليرة وفي أماكن أخرى خمسة وسبعين، وحتى مئة، وملعقة المسبحة تساويها أيضاً في القيمة وقليلاً من حبات الفول.
القصة باختصار، جاء أحد تلاميذ المدارس وهو يحمل فئة الخمسمئة ليرة، وتقدم بها نحو صاحب المطعم أو الفلافلجي قائلاً: من فضلك اعطني سندويشة، ماداً يده نحوه والفئة تتقدمها، رد عليه صاحب المطعم: المبلغ لايكفي، فمازلت بحاجة لثلاثمئة ليرة غيرها..ما حدا بتلميذ المدرسة لإعادة يده وهو مكسور الخاطر، لكن شاءت الصدفة أن يكون هناك شخص من أصحاب الأيادي البيضاء وهو يتسوق من نفس المطعم، حيث بادر صاحب المطعم بأن يعطي الطفل حاجته، وحصل ذلك وأخذ التلميذ السندويشة وانصرف، ولكن القصة لم تنته، لأن فاعل الخير، لم يكتف بمبادرته تلك، بل كان له رأي آخر بما شاهد..
والرأي الذي طرحه فاعل الخير هذا قائلاً لصاحب المطعم: بدل أن تكسر خاطر الطفل، وتقول له المبلغ لايكفي، كان واجباً عليك أن تخبره بسعر السندويشة، وتعطيه بما يعادل الخمسمئة فيها، كأن تقطع الرفيف إلى نصفين، وتضع له بدل الخمسة أقراص أو الأربعة ثلاثاً، وبدل الست شرحات بندورة أيضاً كمية أقل وبالمثل على جميع المكونات التي تحتويها تلك “الوليمة” ..
وبذلك تكون أنت قد فعلت خيراً، وجبرت بخاطر الطفل، وبذات الوقت لم تخسر من جيبك شيئاً، وتكسبه في ذات الوقت زبوناً دائماً، وربما يروج لك ويعلن عن حسن تعاملك بطريقة غير مباشرة، وذلك من خلال التحدث لأقرانه وأسرته عنك، وأسرته تتحدث لجيرانها عن حسن معشرك وتعاملك.
ليس من باب التنظير، وإنما لو شعر كل منا بالآخر لخفت عن كواهلنا الأعباء المادية والمعنوية، ولو قدر كل شخص ما معنى أن يقدم له هذا الشخص أو ذاك مساعدة، وبادلها بالأفضل، لما شعرنا بكل تلك الأعباء والضغوط، وكان ذلك حافزاً مستمراً لأن نقدم المزيد.
فالراكب في الحافلة لو شعر بكهل أو عاجز أو امراة حامل وترك هاتفه النقال الذي يلهو به، وأخلى المقعد لهؤلاء مجنباً إياهم شر السقوط والترنح، في الوقت الذي يستطيع هو بسهولة أن يقوم بذلك، ولو بادر أحدنا وساعد مسناً أو عاجزاً بقطع الشارع أو حمل الأشياء الثقيلة عنه، ولو أحضر غني ما يلزمه من الطعام دون أن يرمي ما يبقى في القمامة، في الوقت الذي يبيت فيه المئات دون عشاء، لكانت الأمور سهلة مهما صعُبت.
نحن لا نعرف بأي ذرة أو سنبلة حبة البركة التي تزيد الرزق وتديم النعم، لأن الخير في القليل دائماً.
لم تكن قصة مطعم الفلافل هي الوحيدة في حياتنا، ولكن تنقصنا دائماً المبادرات في محيط العمل والشارع والحديقة وكل مكان، ولا أعمم طبعاً فهناك الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء الذين نسمع عنهم ونراهم دائماً ونلمس أفعالهم.
فكل من سمع وشاهد.مبادرة فاعل الخير في مطعم الفلافل أعجب بها وبصاحبها وأيد قوله..لكن وحده صاحب المطعم بقي صامتاً، إما ندماً على فعلته، وإما مسايرة للرجل كي يكمل كلامه وينصرف، ليعود هو لطمعه وجشعه..لا ندري.
التعاون والمبادرات يجب أن تكون بين الأخوة أو الأصدقاء والجيران و الأزواج، وهو ما يسهم بتقدم ونمو الأمم، كما أن له فوائد كثيرة منها أنه يحقق الاطمئنان للفرد حيث يجعله يشعر أنه ليس وحده، كما أن التعاون في شيء ما يجعل النتائج تصبح أفضل، أيضا يعمل على الترابط بين الأفراد والأسر ويرسخ العلاقات الاجتماعية الصحيحة.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

محاكم التفتيش المارونية الحديثة

هيام القصيفي   باتت بعض القوى المارونية تتصرّف، في الآونة الأخيرة، على قاعدة العمل على «توحيد الرأي»، في سعي للقبض على المجتمع المسيحي، بحيث لا ...