| مايا سلامي
تحت رعاية وزارة الثقافة افتتح المتحف الوطني بدمشق معرض «قراءة بصرية» للفنانة التشكيلية محار داؤد.
وفي تصرح يعج بعبق التاريخ وأصالته قدمت الفنانة أعمالها التي استقتها من `موضوعاتها الجديدة بأسلوب فريد ومميز، فنجحت في خلق علاقة رائعة بين الفن المعاصر والإرث التاريخي والحضاري العتيق من خلال مفهوم خاص وحديث كرست له دراساتها وطرحته للمرة الأولى في بلدها سورية.
وتنوعت القطع الأثرية التي عملت عليها الفنانة محار بين أصداء حلي وأغراض طقسية ومخططات معمارية تنتمي إلى فترات مختلفة، العديد منها منتج في سورية وبعضها الآخر يعود إلى دول حوض البحر المتوسط وآسيا الصغرى وروسيا، وتعود إلى مقتنيات عدة متاحف دولية.
منهج قديم
في تصريح خاص لـ«الوطن» قالت الفنانة داؤد: «سعيدة جداً بافتتاح معرضي الفردي في بلدي سورية، ولطالما تمنيت إقامة هذا المعرض في المتحف الوطني تحديداً لأن مشروعي مرتبط بهذا المكان وبقطعه الأثرية كما أنه متعلق بجانب يشبه حياتنا نحن السوريين حيث يجسد الارتباط غير المفهوم تماماً بالماضي وبالمكان».
وأضافت:» المتحف الوطني يعني لي الكثير منذ أيام دراستي في كلية الفنون الجميلة حيث أمضيت فيه سنتين ونصف السنة وأنا أرسم القطع الأثرية المقتناة فيه وأمتلك أرشفة بقلم الرصاص لأغلبية القطع الموجودة في هذا المتحف ومن هنا بدأت محبتي لهذا المجال».
وأشارت إلى أن الغاية من هذا المعرض طرح مفهوم القراءة البصرية بين المهتمين، مبينة أن القراءة البصرية هي منهج معقد وعريق وهي تعني إعادة رسم وتلوين القطع المتحفية والبحث عن احتمالات للمنظور الخاص بها.
وأوضحت أن المنهج القديم بشكل عام يجيب على ثلاثة أسئلة مهمة أولها يتعلق بكيفية الاستفادة من محفوظات المتحف والقطع الموجودة فيه بإنشاء عمل فني معاصر جديد، والسؤال الثاني كيفية الانتقال وما العناصر التي تقبل الانتقال بين عمل قديم وعمل حديث؟ السؤال الثالث هو كيف يمكن لفنانين في زمنين مختلفين وفي بقعتين جغرافيتين مختلفتين أن ينتجوا العمل الفني ذاته والمفهوم البصري ذاته باختلافات بسيطة أو تكاد تكون معدومة؟
وتابعت: «التقنيات المستخدمة هي مواد الكتابة وكل المصورين في دول حوض المتوسط يميلون إلى الأدب والشعر وكل ما يكتب بالقلم وباليد، وأنا أميل لهم أيضاً ولذلك اخترت مواد لها علاقة بالكتابة مثل الحبر والورق مضافاً إليها تنويعات على الحبر والورق ومواد أخرى مثل الأكريليك وأحياناً يكون العمل بحاجة إلى معالجة فاستخدم الطلاء».
رؤية خاصة
وبين مدير مديرية الفنون الجميلة وسيم عبد الحميد أن هذا المعرض مهم جداً لأنه يعكس علاقة دائماً ما نبحث عنها بين الفن التشكيلي والآثار، منوهاً بأن الفنانة استحضرت قطعاً فنية وأثرية قديمة وعرضتها بطريقة وأسلوب جديدين وبرؤية خاصة ومعاصرة.
وأشار إلى أن الفنانة محار قدمت رؤية بصرية جديدة قائمة على علم وفن وخطوات ثابتة، مؤكداً أن هذا المعرض هو خطوة أولى في طريق إقامة العديد من المعارض المهمة والنوعية في هذا المكان.
روح الشرق
وأوضح المدير العام للآثار والمتاحف محمد نذير عوض أن المتحف الوطني استضاف قبل الحرب على سورية مئات المعارض الفنية ومعارض للقطع الأثرية وكان متحفاً مهماً ولا يزال، مبيناً أنه تم تأهيل المدخل الرئيسي للمتحف عند بوابة قصر الحير لاستقبال أشكال مختلفة من المعارض الفنية سواء كانت منحوتات أم صوراً.
ورأى أن استضافة مثل هذه المعارض مهمة من أجل إعادة الألق الذي كان عليه المتحف قبل عام 2010، منوهاً إلى أن اللوحات التي تضمنها المعرض تستوحي موضوعاتها من قطع أثرية متنوعة ومن متاحف مختلفة نسقتها الفنانة محار التي بذلت جهداً كبيراً للوصول إلى هذه الدقائق، وأن كل القطع التي اختارتها تحمل روح الشرق وتؤكد أهمية سورية كواحد من الأماكن التي نمت وتطورت فيه كل أشكال الفنون.
وكشف أنه يتم العمل مع الفنانة محار داؤد من أجل التحضير لمعرض آخر يعكس قطعاً أثرية جديدة من القطع المحفوظة في المتحف الوطني بدمشق.
معرض مختلف
وأكد الفنان غازي عانا أن المعرض مختلف بالفكرة وبالتقنيات التي استخدمتها الفنانة وبطريقة عرضها للموضوعات التي اشتغلت عليها، مبيناً أنها استفادت من جميع التقنيات واستطاعت توظيف الفوتوغراف والكولاج، كما نجحت في الاستناد إلى التاريخ والإرث الحضاري السوري.
وأشار إلى أن الأعمال كان فيها الكثير من المعاصرة والحداثة حيث استفادت الفنانة من القطع الأثرية التي اختارتها في التكوين ونجحت في بعض الأحيان بتوظيفها في موضوعات جديدة، كما صنعت مقارنة بين العمل الذي نفذته والصورة التي استقته منها، لافتاً إلى أنها لم تعد بناء تلك القطع من جديد بل استلهمت منها فقط موضوعاتها المختلفة.
سيرياهوم نيوز 1_ الوطن