هذه هي النقطة الأبرز خلال المفاوضات الأوروبية – الإيرانية.
عاد الضوء إلى الملف النووي الإيراني من بوابة لقاء الترويكا الأوروبية، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وإيران، بعد الضربات المدمّرة التي وجّهتها الولايات المتحدة للمواقع النووية الثلاثة في فوردو، نطنز وأصفهان، وقبل اقتراب موعد عودة العقوبات الأوروبية المحتمل ضد إيران، وبالتالي الأنظار تتجه نحو أفق هذه المفاوضات واحتمال تمهيدها لمباحثات أخرى مع الأميركيين.
بعد الهجوم الإسرائيلي – الأميركي عليها، اتخذت إيران مواقف تصعيدية وهدّدت بالانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وعلّقت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما عقّد المشهد أكثر وخفّض احتمالات العودة إلى الاتفاق النووي، لكن إيران عادت إلى واقعيتها وتحدّثت عن “أشكال جديدة” للتعاون مع الوكالة، وفتحت الخطوط الديبلوماسية مع أوروبا.
محلل الشؤون الخارجية والمتخصّص في شؤون أوروبا الشرقية وروسيا أولريتش بومان يتحدّث من فرنسا لـ”النهار” عن أهمية المفاوضات الأوروبية – الإيرانية وأفقها. وإذ يقر بأن “الثقل” الأكبر هو للمحادثات بين واشنطن وطهران، يشير إلى “فجوة الثقة” بين الطرفين و”انحياز” واشنطن لتل أبيب، ما يشجّع انفتاح طهران على أوروبا كونها “أكثر ديبلوماسية”.
النقطة الأبرز خلال المفاوضات الأوروبية – الإيرانية قد تكون العودة المحتملة للعقوبات، ويمكن للدول الأوروبية الثلاث، وهي جزء من الاتفاق النووي، فرض عقوبات على إيران بموجب آلية منصوص عليها بالاتفاق، إذ بمجرد انتهاء صلاحية هذه الآلية في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، يمكن إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران.

بومان يتطرّق خلال حديثه إلى هذه النقطة، ويقول إن الأوروبيين على استعداد لإعادة فرض عقوبات ضد إيران، وهذا هو محور المفاوضات بين الطرفين، لكن الطرفين “لا يريدان” العودة إلى العقوبات والتصعيد، خصوصاً أن إيران تعاني وضعاً اقتصادياً صعباً بعد الحرب الإسرائيلية والضربات الأميركية، والدول الأوروبية لا تريد أن “تفشل” مهمتها.
وقد يكون السؤال الأبرز عن احتمال تمهيد هذه المحادثات الأرضية لمفاوضات أميركية – إيرانية، خصوصاً أنها طريقة لإعادة إيران نسبياً إلى التواصل مع المجتمع الدولي، وبتقدير بومان، إن الطرفين، وخاصة الأوروبيين، يسعون للتوصّل لـ”إطار تفاوضي” يفتح المجال أمام محادثات أميركية – إيرانية، وبالتالي قد يكون هذا هدفاً أساسياً أيضاً للمفاوضات الجارية.
إلى ذلك، فإن قدرات إيران النووية أيضاً نقطة وجب التوقف عندها، كون الضربات الأخيرة التي تلقتها كانت قاسية، وإن كانت النتائج غير دقيقة بعد. فالترجيحات تراوح بين التدمير الكامل للبرنامج النووي وتأخيره لسنوات، وبالتالي السؤال يطرح بشأن مضمون هذه المفاوضات، وفي هذا السياق، يقول بومان إن تقديرات الدمار “غير محددة” بعد، لكن المواد “موجودة”.
هذه التقديرات قد تصبح أكثر دقّة مع العودة المفترضة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، في ظل حديث عن تعاون محتمل بين الطرفين وإن بأشكال أخرى، لكن ما هو مؤكد وفق بومان أن التفاوض يجري على “ما تبقّى” من برنامج نووي، بانتظار ما ستفرزه التقارير التي ستصدر عن الوكالة إذا تمكّن مفتشوها من زيارة المواقع النووية.
في المحصلة، فإن المفاوضات الإيرانية – الأوروبية أمام هدفين واضحين، الأول تفادي التصعيد وإعادة إيران للتفاوض مع المجتمع الدولي مقابل عدم فرض عقوبات عليها، والهدف الأهم هو تمهيد الطريق أمام مفاوضات أميركية – إيرانية تعيد الطرفين إلى الاتفاق الذي من غير المتوقع أن يتوقف عند حدود النووي، بل قد يتطرق إلى الاقتصاد وغيره من التفاهمات.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية