آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » «المحكمة العليا» تثبّت رئاسة مادورو: أميركا «تستنجد» بالعقوبات الشخصية

«المحكمة العليا» تثبّت رئاسة مادورو: أميركا «تستنجد» بالعقوبات الشخصية

سعيد محمد

 

صادقت «محكمة العدل العليا» (أعلى سلطة قضائية في فنزويلا) على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في الـ 28 من تموز الماضي، وفاز بها الرئيس نيكولاس مادورو، بأكثر من نصف مجموع الأصوات، ما من شأنه أن يمنح الزعيم الاشتراكي التكليف رسمياً لقيادة البلاد، لولاية ثالثة مدّتها ست سنوات. وأعلنت رئيسة المحكمة، كاريسيليا بياتريس رودريغيز، في خطاب بثّ عبر التلفزيون الوطني، أول من أمس، أنه «تم التحقّق من المواد الانتخابية وقُيّمت بشكل كامل من قِبَل هيئة المحكمة من دون أيّ اعتراض، وصادقنا على صحة نتائج الانتخابات الرئاسية الصادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات، حيث تم انتخاب نيكولاس مادورو رئيساً للجمهورية كأمر لا تعتريه شكوك»، واصفةً قرار المحكمة بـ»القاطع، والنهائي، وبأنه لا يمكن استئنافه».وتعليقاً على ذلك، أشاد مادورو بقرار المحكمة «التاريخي»، وهو ما فعله أيضاً المدعي العام للجمهورية، طارق وليام صعب، الذي تحدّث عن لحظة «سامية وتاريخية»، فيما اعتبر وزير الخارجية، إيفان جيل، أن القرار «ينهي تماماً الجدل في شأن العملية الانتخابية في فنزويلا»، ويُظهر أن دستور البلاد قد ساد. من جهته، عبر وزير الاتصالات، فريدي نيانيز، عن شعوره بالرضى الشديد إزاء القرار الذي وصفه بأنه «نهاية سعيدة» للشعب الفنزويلي، و»سيسجَّل في التاريخ كانتصار حاسم للديموقراطية».

في هذه الأثناء، وفيما ساد الهدوء شوارع العاصمة الفنزويلية كاراكاس، حيث تتّخذ قوات الأمن إجراءات متشدّدة على خلفية الاحتجاجات العنيفة التي دعت إليها أخيراً المعارضة اليمينية المدعومة من قِبَل الولايات المتحدة، وقُتل فيها أكثر من 20 شخصاً، واعتقل أكثر من 2000، قال مرشح تحالف المعارضة للانتخابات الرئاسية، إدموندو غونزاليس، الذي يتّهم السلطات الفنزويلية بتزوير الانتخابات لمصلحة مادورو، إن قرار المحكمة العليا «لاغٍ وباطل». وكان الديبلوماسي السابق – الذي دفعت به زعيمة المعارضة اليمينية، ماريا كورينا ماتشادو، بدلاً منها لخوض الانتخابات إثر منعها من الترشح لاقترافها مخالفات قانونية – قد امتنع عن حضور جلسة المحكمة بداية الشهر الجاري، عندما استدعت كل المرشحين للرئاسيات وزعماء الأحزاب السياسية التي شاركت فيها للاستماع إلى وجهات نظرهم حول مجريات العملية الانتخابية.

وغونزاليس، كما ماتشادو، متواريان عن الأنظار منذ أن أطلق المدعي العام للجمهورية تحقيقاً مع زعماء المعارضة بتهمة تحريض جيش البلاد والأجهزة الأمنية على التمرّد وخيانة الدستور. والجدير ذكره أن المعارضة تعتبر «محكمة العدل العليا» جزءاً من النظام الحاكم، وهو ما ردّدته أيضاً مارتا فاليناس، رئيسة بعثة تقصّي الحقائق التابعة لـ»مجلس حقوق الإنسان»، إذ رأت أن حكومة كاراكاس «مارست تسلّطاً لا مبرّر له على قرارات محكمة العدل العليا الفنزويلية» من خلال إرسال «رسائل تهديد مباشرة إلى القضاة»، فيما حاول العضو في البعثة، فرانسيسكو كوكس فيال، التقليل من استقلالية وحياد رئيسة المحكمة، من منطلق أن الأخيرة كانت في وقت سابق عضواً في «الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد» الحاكم. كما يدّعي تحالف المعارضة فوز غونزاليس بما بين 68% و80% من أصوات الناخبين، وفق بيانات يقول إن مراقبين عيّنهم جَمَعوها من حوالي 3000 مركز اقتراع عبر البلاد.

رأى مرشح المعارضة، إدموندو غونزاليس، أن قرار المحكمة العليا «لاغٍ وباطل»

 

وكانت البرازيل وكولومبيا والمكسيك – التي يرأسها قادة من يسار الوسط – قد حثّت السلطات الفنزويلية على نشر نتائج التصويت بالكامل، فيما اقترح الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إعادة الانتخابات سعياً لحسم الجدل الذي أثارته ادعاءات المعارضة اليمينية ورعاتها الغربيّين، لكن المعارضة رفضت ذلك، وطالبت بتسلّم السلطة. وسبق لإدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أن حاولت تحدّي نتيجة انتخابات عام 2018، والتي فاز بها مادورو، إذ اعترفت بمرشح المعارضة اليمينية في حينه، خوان غوايدو، رئيساً مؤقتاً للبلاد. لكن تلك الجهود فشلت في تحقيق أيّ نتيجة على الأرض، ما اضطرّ إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، إلى التخلي عن غوايدو نهائياً، وإعادة فتح باب الحوار غير المباشر مع كاراكاس في إطار جهود واشنطن لتعويض الأسواق عن النفط الروسي بعد فرض الغرب حظراً على استيراده. ومنحت الولايات المتحدة بالفعل استثناءات لعدد من شركات النفط الغربية من الحصار المفروض على فنزويلا، ما قد يفسّر تراجع وزارة الخارجية عن الاعتراف المتسّرع لرئيس الديبلوماسية الأميركية، أنتوني بلينكن، بغونزاليس فائزاً بالانتخابات الفنزويلية، وتأييدها لجهود الوساطة التي تقودها البرازيل بين النظام هناك والمعارضة.

على أن جهات مطّلعة تقول إن الولايات المتحدة أعدّت بالفعل قائمة عقوبات جديدة تستهدف نحو 60 قاضياً ومسؤولاً حكومياً وأفراد أسرهم، كردّ عقابي على قرار «محكمة العدل العليا» الفنزويلية بتثبيت فوز مادورو. وبحسب وكالات الأنباء، فإن تلك القائمة تشمل أعضاء في «الهيئة الوطنية للانتخابات»، وشرطة مكافحة التجسس، و»محكمة العدل العليا»، وستتضمّن حظراً على سفر المسؤولين المستهدفين، وأفراد أسرهم، وستمنع الكيانات الأميركية من التعامل معهم تحت طائلة القانون. وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون نصف الكرة الغربي، براين نيكولز، قد استبق قرار المحكمة الفنزويلية بقوله، عبر موقع «إكس»، إن واشنطن «ستحاسب أولئك الذين يسمحون بتزوير الانتخابات والقمع في فنزويلا»، ليردّ عليه وزير الخارجية الفنزويلي، متهماً الأميركيين بـ»تدبير انقلاب ضد الرئيس الشرعي للبلاد».

ووفق خبراء، فإن لجوء واشنطن إلى العقوبات الشخصية ضدّ مسؤولين فنزويليين إنّما يعكس محدودية خيارات المناورة التي تملكها السلطات الأميركية في مواجهة سيطرة التشافيزيين المتينة على مجريات الأمور في بلادهم. وأعاد الاشتراكيون البوليفاريون تنظيم القوات المسلحة وقوة الشرطة العسكرية والقوات شبه العسكرية وأجهزة الاستخبارات المختلفة لمنع الولايات المتحدة من تدبير انقلابات، كما أمّموا قطاع النفط الأساسي لاقتصاد البلاد، وبنوا شبكة واسعة من التنظيمات الشعبية الموالية لهم، وهم فوق ذلك يحظون بعلاقات ودية مع العديد من الحلفاء، مثل الصين وروسيا وكوبا ونيكاراغوا وإيران، ما يشير إلى أنهم ليسوا في وارد إعادة شعبهم إلى الحظيرة الأميركية في أي وقت منظور.

 

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الاخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

فوز ترامب يثقل على أوروبا: لا «أمان» مع أميركا بعد اليوم

سعيد محمد   لندن | ألقى فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية في الولايات المتحدة، بظلال ثقيلة على القارة الأوروبية التي اجتمع زعماء دولها الـ47، ...