فردوس دياب:
لم يعد الحديث عن المرأة في مواقع القيادة ترفاً فكرياً أو شعاراً تنموياً، بل أصبح ضرورةً استراتيجية تمسّ جودة القرار، وتنوّع الرؤية، واستدامة النمو، فالمرأة اليوم لا تكتفي بالمشاركة في صنع القرار، بل باتت تسهم بفاعلية في تشكيل المستقبل وقيادة التحوّلات الكبرى في المجتمعات والمؤسسات على حدٍّ سواء.
للحديث عن دور المرأة خلال المرحلة الحالية والمقبلة، التقت صحيفة الثورة الباحث والمتخصص في مجال التدريب الإعلامي الحكومي حسام نجم الذي استهل حديثه بالتأكيد على أن النقاش حول المرأة والقيادة في هذا العصر يتجاوز البعد الاجتماعي، إلى البُعد الاستراتيجي، لاسيما في ظل الصعود المتزايد للمرأة على المستوى العالمي، حيث القيادات النسائية في مختلف المجالات، بينما يعيش العالم العربي حالة من الحراك بين التمكين الرمزي والتأثير الفعلي، مضيفاً أن تمكين المرأة لم يعد شعاراً تنموياً بقدر ما أصبح ضرورة مؤسسية تضمن جودة القرار وتنوّع الرؤية واستدامة النمو داخل مؤسسات الدولة والمجتمع.
وأكد نجم أن التجارب العالمية، أثبتت أن مشاركة المرأة في مواقع القيادة يُسهم في تعزيز الشفافية، وتحسين الأداء، وتوسيع قاعدة الابتكار داخل المؤسسات، لافتاً إلى أن الحديث عن المرأة في العالم العربي اليوم والقيادة هو حديث عن العدالة، والكفاءة، والتوازن في إدارة المجتمعات والمؤسسات، وهو دعوة لتوسيع مفهوم القيادة لإعادة صياغة السياسات والبيئات التنظيمية بما يضمن مشاركة حقيقية للمرأة في رسم السياسات، واتخاذ القرارات، وصناعة المستقبل.
القيادة العاطفية
ورأى نجم أن القيادة النسائية تتميز بقدرتها على الدمج بين الحزم والاحتواء، وبين الرؤية الاستراتيجية والذكاء العاطفي، حيث تتسم أنماط القيادة لدى النساء بالتشاركية، والإصغاء الفعّال، والقدرة على خلق بيئة عمل آمنة ومحفزة، هذه الخصائص لا تعكس فقط أسلوباً إدارياً مختلفاً، بل تُسهم في رفع مستوى الأداء، وتعزيز الولاء المؤسسي، وتحقيق نتائج أكثر استدامة.
وبحسب نجم فإن القيادة العاطفية، التي تُجيدها كثير من النساء، لا تعني ضعفاً أو تردداً، بل تعكس حساً عالياً في قراءة السياقات، وإدارة الأزمات، وبناء علاقات إنسانية متينة داخل المؤسسة، مشيراً إلى أن القيادات النسائية قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، وإدارة الموارد بكفاءة، والتعامل مع التحديات بكفاءة عالية من دون أن تفقد البُعد الإنساني في القيادة.
وعن أثر القيادة النسائية، قال نجم: إنه يتجاوز حدود المؤسسة، ليصل إلى المجتمع ككل، فوجود المرأة في مواقع التأثير يُعيد تشكيل الثقافة التنظيمية، ويُحفّز التغيير، ويُقدّم نماذج ملهمة للأجيال القادمة، لتقدم نموذجاً قيادياً متوازناً لا ينافس الرجل، بل يكمله برؤية أكثر شمولاً وعدالة.
وشدد نجم أن التمثيل العددي وحده لا يكفي لقياس مدى تأثير المرأة في مواقع القيادة، فوجودها في اللجان أو المجالس لا يعني بالضرورة امتلاكها لصوت مؤثر أو قدرة على توجيه المسارالاستراتيجي للمؤسسة، فالمشاركة الفعلية تُقاس بمدى قدرة المرأة على طرح المبادرات، وقيادة الملفات، والتأثير في القرارات المصيرية، لا بمجرد شغلها لمنصب رفيع، لذلك يجب التأكيد على أهمية الانتقال من التمكين الشكلي إلى التمكين النوعي، من خلال توفير بيئة تنظيمية تمنح المرأة أدوات التأثير، من الوصول إلى المعلومات، والمشاركة في صياغة السياسات، والانخراط في الحوارات الاستراتيجية.
وختم نجم حديثه بالتاكيد على أن المرأة ، حين تُمنح المساحة الكافية، تُثبت قدرتها على قيادة التحولات، وصياغة مستقبل أكثر شمولًا وعدالة، فهي اليوم لم تعد مجرد شريكة في اتخاذ القرار، بل أصبحت فاعلة رئيسة في صياغة ملامح المستقبل، حيث تجاوز حضورها حدود التمثيل الرمزي إلى دور جوهري في بناء السياسات، وقيادة المبادرات، وتشكيل الرؤى الاستراتيجية في مختلف القطاعات، فالتمكين الحقيقي كما يوضح نجم لايعني منح المرأة مقعداً على طاولة القرار فحسب، بل الاعتراف بقدرتها على ابتكار الحلول، وقيادة التغيير، وإلهام الأجيال القادمة.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة