آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » المرحلة البهيمية… (2)..

المرحلة البهيمية… (2)..

 

باسل علي الخطيب

قرأنا في علم الاجتماع السياسي أن البشرية مرت بالمراحل التالية: المشاعية، الإقطاعية، الرأسمالية، الاشتراكية، الشيوعية…. طبعاً هذا التسلسل تسلسل نمطي بدائي، يوجد الكثير مما يسمى (تحت تصنيفات) أو المراحل الانتقالية، أو أن هناك الكثير من المجتمعات التي لم تمر ببعض هذه المراحل….
طبعاً، الصراع في القرن العشرين كان صراعاً بين النظام الرأسمالي و النظام الشيوعي، و انتهى هذا الصراع نظرياً بانتصار الرأسمالية بسقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991، و ليست الليبرالية أو الليبرالية الحديثة أو كما أسميها الليبرالية المتوحشة، ليست إلا تجليات أو تحديثات للرأسمالية و لكن المضمون واحد، أعود و أكرر التسلسل أعلاه تسلسل نمطي أولي بدائي قابل جداً للنقاش، و نحن هنا لسنا بصدد مناقشة الاقتصاد أو عملية الإنتاج….

قلنا في الجزء الاول من هذا المقال أن المفكرين الغربيين انتهوا إلى استنتاج أنه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي أن النظام الرأسمالي هو نهاية التاريخ، و هو النظام الأمثل و الأكمل للبشرية…
دعونا نطرح السؤال الأساسي التالي، ما الذي يميز النظام الرأسمالي ؟ الذي يميزه عن غيره من الأنظمة هو الحرية الفردية (المطلقة)، الفرد (مقدس) في النظام الرأسمالي، و لكن هذه الحرية الفردية أو هذه القداسة هي (افتراضية)، تم إيهام الأفراد في النظام الرأسمالي أنهم يمتلكوها، و لكن حقاً هم موضوعون ضمن قوالب جاهزة معدة لهم مسبقاً، تم زركشتها بأمور عديدة كالانتخابات و الديمقراطية، كرة القدم، الصرعات، الموضة، سباقات السيارات، القدوات الاجتماعية المعلبة، الأنماط الموسيقية الفوضوية….إلخ، و لأنه تم إفهام الفرد هناك أنه يحق له أي شيء، صار كل شيء لا يكفي أي شيء، و ما عاد الفرد هناك يكتفي، و ليس السبب أن الفرد ذاته لا يكتفي، أو أنه قادر على تحصيل كل شيء، إنما لأن الآلة الدعائية لليبرالية المتوحشة، كانت تقدم الجديد و الغريب والمثير كل يوم، و ليس بالضرورة أن يكون المفيد…

لست أذكر متى تحديداً شاهدت فيلم (المسيح سوبر ستار)، و لكن قولاً واحداً قبل أن أنهي الدراسة في المدرسة، و ٱنا في هذا العمر توصلت للاستنتاج التالي،أن المنظومة الغربية ستسقط نفسها بنفسها…

يتساءل البعض في ما خص الحرب الروسية الأوكرانية لماذا روسيا الدولة العظمى لم تحسم هذه الحرب حتى تاريخه؟… و يجرون مقارنة بين هذه الحرب و بين غزو الولايات المتحدة للعراق 2003، حيث حسمت أمريكا الحرب هناك في ثلاثة أسابيع، و احتلت بغداد في 19 نيسان 2003، و يقولون في سياق المقارنة أن روسيا على حدود أوكرانيا، أما أمريكا فقد ذهبت بجيوشها آلاف الكيلومترات…
حسناً، يجب أن لا نغفل أولاً فرق القوة بين العراق و أوكرانيا، العراق آنذاك كان محاصراً لمدة 12 عاماً، اقتصاد متهالك، دولة متهالكة، جيش متهالك و ضعيف، معنويات في الحضيض، و كان كل جيرانه ضده إلا سوريا، و أسلحة الجيش العراقي لا تقارن بأسلحة الجيش الأمريكي أبداً، في المقابل الجيش الأوكراني ” إذا استثنينا الأسلحة النووية” هو ثالث أقوى جيش تقليدي في أوروربا بعد الجيش الروسي و الجيش التركي، يتجهز لهذه الحرب منذ 9 سنوات أو أكثر، يمتلك أفضل الأسلحة و أفضل تدريب، و الاهم أن هناك دعم كامل من كل دول الناتو لهذا الجيش، فالروس هناك لا يحاربون الجيش الأوكراني فحسب، بل يحاربون دول الناتو مجتمعة….
و لكن الأهم من كل هذا، أن روسيا وفق المنظومة الأخلاقية التي تحكمها لا تتعاطى مع أوكرانيا كدولة عدوة، ولا تتعاطى مع الشعب الأوكراني كأعداء، نما تتعاطى مع النظام النازي الحاكم في كييف أنه نظام معادي لروسيا و معادي لكييف، إذاً هي لا تسعى لتدمير أوكرانيا، تدمير البشر و الحجر فيها، لذا و حتى تاريخه لم تستعمل القوة الغاشمة ضد أوكرانيا، لم تدمر البنية التحتية لأوكرانيا، مازال هناك مطارات، طرقات، سكك حديدية، جسور، محطات كهرباء، محطات مياه، مازالت البنية التحتية سليمة، و لو أردنا روسيا تدميرها لدمرتها و أجبرت أوكرانيا على الاستسلام خلال أيام….
بالمقابل نرى أن الولايات المتحدة ووفق المنظومة الأخلاقية التي تحكمها، والتي لاترى الآخر ألا عبداً، و بحجة أنها تريد مساعدة الشعب العراقي عبر الإطاحة بنظامه الديكتاتوري، دمرت العراق بالكامل بشراً و حجراً، و أعادته عشرات السنين إلى الوراء، و الاهم أنها دمرت بنيته الاجتماعية …

قبل أيام فازت بمسابقة ملكة جمال هولندا أمرآة متحولة جنسياً عن ذكر، وصيفتها الأولى كانت غاية في الجمال، و بالمقارنة هي أجمل من الفائزة، تستطيع أن تستنتج و بسهولة أن الفوز هنا كان قراراً و ليس نتيجة للمنافسة…

لم يعرف التاريخ أن أياً من الامبراطوريات الكبرى قد سقطت نتيجة حرب شنت عليها، إنما هذه الامبراطوريات كانت تسقط نتيجة الفساد الداخلي فيها و تحديداً نتيجة الانحلال الأخلاقي، أي أنها سقطت من الداخل، هذا الأمر ينطبق على الامبراطورية العباسية، المغولية، الرومانية…إلخ….

إذا حاولنا الربط بين كل ما قلناه أعلاه، فالغرب يتجه ، أو أن الليبرالية المتوحشة تسحب الغرب باتجاه الهاوية، لا أيها السادة ليست الرأسمالية هي نهاية التاريخ، الغرب يدخل و باندفاع المرحلة (البهيمية)، يدخلون البهيمية عن قرار وعن إدراك وسابق إصرار وترصد….
تبقى مشكلة وحيدة ولكن كبيرة وخطيرة، هؤلاء يمتلكون السلاح النووي، و يسرعون الخطى في ما خص الذكاء الاصطناعي……
(سيرياهوم نيوز4-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...