اعتبر مصرف سورية المركزي أن الاقتصاد المحلي يخضع لتأثيرات الظروف المالية العالمية المتقلبة على الرغم من صغر حجم الاقتصاد وقلة قنوات اتصاله باقتصادات العالم.
تباين تأثير السياسات..
وبحسب المركزي في دراسة له عن “دور السياسة النقدية في الاقتصادات المناشئة” فإن فعالية السياسات النقدية –في سورية- تتباين تبعاً لتلك التأثيرات، كما لايعتمد نجاح فعاليتها على أداة سعر الفائدة الرسمي أو أحد الأدوات الأخرى منفرداً، ولاسيما في ظل ما يعاني منه الاقتصاد من ضعف في الإنتاج، والاعتماد الكبير على الاستيراد وتباطؤ كبير في النشاط الاقتصادي المحلي، مع استمرار هيمنة العقوبات الاقتصادية، الأمر الذي يحد من نتائج تأثير السياسة النقدية المحلية على الدورة الاقتصادية على المدى القصير.
تدفقات رأس المال..
ووفقاً للدراسة فإن الاقتصادات الناشئة تشهد فترات متكررة من تدفقات رأس المال الداخلة والخارجة، والتوقف المفاجئ وانعكاس اتجاهها بسبب خضوعها للظروف المالية العالمية المتقلبة، وخلال هذه الفترات تواجه السلطات النقدية مقايضات معقدة، وعلى سبيل المثال وبمراجعة التأثيرات المترتبة على تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة والذي أدى بطبيعة الحال إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية وتدهور النشاط الاقتصادي، فمن ناحية وجد في الاقتصادات الناشئة أن البنوك المركزية تستطيع زيادة أسعار الفائدة بالتوازي مع بنك الاحتياطي الفيدرالي من أجل تجنب التقلبات الكبيرة في تدفقات رأس المال وأسعار الصرف، ويشير هذا الاختيار لمحاكاة السياسة النقدية الأمريكية إلى الافتقار لسياسة نقدية مستقلة، ومن ناحية أخرى تستطيع البنوك المركزية تخفيض أسعار الفائدة لتخفيف التدهور في النشاط الاقتصادي المحلي الناجم عن انكماش الطلب العالمي وتشديد الظروف المالية العالمية.
ارتباط النشاط الاقتصادي بالفائدة..
وفي هذا السياق -بحسب الدراسة- تركز ورقة صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) على عوامل متعددة منها تعرض البلاد للدورة المالية العالمية وما إذا كانت تسمح بالاستقلال النقدي الفعّال، وقدرة السياسة النقدية على التأثير على الظروف المالية المحلية وتضعها في مركز الاهتمام، كما تدرس السلوك النموذجي لأسعار الفائدة في الاقتصادات الناشئة مقابل التضخم المحلي والنشاط الاقتصادي وبالاعتماد على قواعد تايلور، وكذلك الارتباط بين أسعار الفائدة المحلية والنشاط الاقتصادي المحلي مُقاساً بنمو الناتج الإجمالي الحقيقي، (وقاعدة تايلور هي قاعدة اقتصادية متعلقة بالنقد يعتبرها منظّرو الاقتصاد في أوروبا وأمريكا أداة بسيطة ولكن قوية لصانعي السياسات في تحديد سعر الفائدة المناسب للاقتصاد، بحيث يأخذ هذا السعر في الاعتبار المتغيرات الاقتصادية الرئيسية مثل التضخم، وفجوة الإخراج، والإنتاج المحتمل، وبالرغم من أن لهذه الأداة حدودها، إلا أنها تظل مرشداً مهماً لقرارات السياسة النقدية).
قاعدة تايلور..
وأشارت الورقة وفق الأدلة الخاصة بها، إلى أن السياسة النقدية المحلية كانت معاكسة للدورة الاقتصادية في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء خلال الفترة الماضية، كما بيّنت الورقة أن البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة تتبع من جهة قاعدة تايلور فتخفض أسعار الفائدة الرسمية عندما يتباطأ النشاط الاقتصادي، ومن جهة أخرى فإن سعر الفائدة الرسمي ينتقل بصورة جزئية (غير كاملة) إلى أسعار السوق قصيرة الأجل.
تخفيض أسعار الفائدة..
وتفترض الورقة في هذا السياق أن عدم الارتباط ينشأ من اعتماد هذه البلدان على الظروف المالية العالمية المتقلبة، ففي أعقاب تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، قامت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بتخفيض أسعار الفائدة استجابة لتباطؤ النشاط الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك ارتفعت أسعار الفائدة في السوق على المدى القصير في الوقت ذاته، ما أسفر عن فرض قوة انكماشية على النشاط الاقتصادي وبالتالي -كما أظهرت الورقة- فإن الانفصال بين أسعار الفائدة الرسمية وأسعار فائدة السوق قصيرة الأجل، يمكن تبريره من خلال نموذج تعتمد فيه بنوك الاقتصادات الناشئة إلى حد كبير على الأسواق الدولية لتمويلها، وفي الوقت نفسه فقد سلطت الورقة الضوء على مسائل ذات صلة بالتقلبات الدورية للسياسة النقدية واستقلاليتها في الاقتصادات الناشئة.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة