علي عبود
تبخّرت آمال الرئيس الأمريكي بحل النزاعات في العالم، وأخفق باستبدال الحروب العسكرية بالحروب الاقتصادية، وهاهو يغرق في المستنقع الأوكراني تدريجيا الذي حفره سلفه جو بايدن بعد أن وعد بإخراج أمريكا منه خلال أيام، بل هاهو يتجه سريعا للغرق في المستنقع الإيراني الذي حفرته طائراته الفتاكة!
نعم، لم يتردد ترامب بمنح “إسرائيل” الضوء الأخضر للعدوان على إيران، أي أوقع نفسه أيضا بمستنقع الحروب “الإسرائيلية” التي لن تنتهي في فترة ولايته الثانية.
صحيح أن ترامب “انتزع” من أوكرانيا صفقة المعادن النادرة مجانا، لكنه رغم ماكرسه للحرب الأطلسية ضد روسيا على أرض أوكرانيا من جهود دبلوماسية، وضغوط سياسية، وتخفيض للمساعدات العسكرية..الخ، فإن جولات المفاوضات بين المتنازعين للتوصل إلى تسوية لاتعترف بانتصار روسيا وهزيمة أوكرانيا باءت بالفشل الذريع، بل إن ترامب كاد أن ييأس من إنهاء هذه الحرب فهدد بتركها على حالها والتفرغ لإيران والصين!
ومع إن الرئيس ترامب أشاد مرارا بمحادثاته “الهاتفية” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا إن العالم لم يلمس نتائج هذه “الإشادة” حتى الآن، مايعني بأنه اما عاجز عن إنهاء الحرب، أو يريد تمديدها حتى يتمكن من إبتزاز روسيا وأوكرانيا لانتزاع أكبر المكاسب لأمريكا ولو تطلب الأمر الغرق في المستنقع الأوكراني لعدة سنوات!
أكثر من ذلك، لو ضمن ترامب “تحييد” روسيا أو إبعادها عن الصين، لأنهى الحرب الأوكرانية خلال أيام، وبالتالي فهو أمام خيارين اما الغرق في المستنقع الأوكراني مجددا على أمل الضغط على روسيا لمساعدته أو تحييدها على الأقل في حربه الاقتصادية مع الصين، أو ترك الحرب على حالها ومساعدة أوكرانيا بأقل قدر من المساعدات العسكرية ضمانا لاستمرار النزيف الروسي في أوكرانيا!
ولعل تحول اهتمام ترامب في الإسابيع الأخيرة من الملف الأوكراني إلى الملف الإيراني ودخوله في مغامرة غير محسوبة تهدد بتفجير المنطقة برمتها بما فيها تركيا وباكستان والهند، وأيضا الخليج، يؤكد رغبته الشديدة بتحقيق إنجازات ملموسة وسريعة لتحقيق مكاسب إقتصادية وتجارية لصالح أمريكا، بعدما اكتشف استحالة إنهاء الصراع الأطلسي ـ الروسي في الأمد المنظور!
السؤال: هل ستخضع الحكومة الأمريكية العميقة وخاصة مجمع الصناعة العسكرية لخيارات ترامب التي أعلنها مرارا في حملته الانتخابية أم ستجره للغرق أكثر فأكثر في المستنقعين الأوكراني والإيراني معا؟
لقد حذّر وزير الخارجية الأوكراني السابق دميتري كوليبا، من أن الأيام المقبلة لن تحمل أي أخبار إيجابية للأوكرانيين ورأى بأن إنهاء الصراع الأوكراني في ظل الظروف الحالية أمر غير ممكن، تماما مثلما هوالحال مع الملف الإيراني الذي سيتحول بعد القصف الأمريكي للمنشآت النووية إلى حرب مدمرة قد تتطور إلى حرب عالمية ثالثة!
نعم، يسعى ترامب جاهدا للخروج من مستنقع الصراع الأوكراني، مثلما يؤكد “إعلاميا”، لكن مشاركته للعدو “الإسرائيلي” بالحرب على إيران وإصراره على استسلامها يكشف للعالم أنه انصاع للوبي الصهيوني وللحكومة الأمريكية العميقة وبأنه أغرق نفسه خلال دقائق بالمستنقع الإيراني!
السؤال الآن: إلى أيّ مدى سيستجيب ترامب للوبي الصناعات العسكرية لإبقاء أمريكا في المستنقع الأوكراني حتى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لايعرف قادة الأطلسي كيف ولا متى ستتحقق؟
وطالما أن اللقاء بين الرئيسين ترامب وبوتين مؤجل فهذا يعني بأن إنهاء هذه الحرب ليس وشيكا ولن يحصل في الأمد المنظور، فباستثناء ترامب “الإعلامي” مامن قوة في أوروبا وأمريكا تريد إنها الصراع دون هزيمة كبرى بروسيا وهذا مايرجح فرضية استمرار الغرق الأمريكي في المستنقع الأوكراني.
وقد يطلب ترامب من بوتين مساعدته بالتوصل إلى إتفاق نووي جديد مع إيران ، وخاصة بعد الضربات العسكرية “الإسرائيلية” والأمريكية الأخيرة لمنشآتها النووية وقياداتها العسكرية، ولأبرام إتفاق آخر مع الصين قبل إغلاق ملف أوكرانيا نهائيا.
الخلاصة: شدد الرئيس ترامب بأن روسيا قادرة على تدمير المدن الأوكرانية بنسبة 100 % بسرعة لكنها لاتريد ذلك، لكنه أكد أنه لايرى ضرورة لخفض الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا لتحقيق السلام في أوكرانيا، وهذان مؤشران على تردد ترامب في الخروج من المستنقع الأوكراني، بل هاهو يغرق في مستنقع جديد على أمل إرغام إيران على توقيع اتفاق نووي بالشروط “الترامبية”.
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)