|بقلم:نهلة بدوي
كنت قد كتبت ذات يوم افتتاحية مسرح (مهرجان طائر الفينيق المسرحي) وغيره من المسارح عن شدة ولعي بالعروض المسرحية وقلت ان المسارح مدن عريقة حتى بأوجاعها ..حكايات نحكيها وتحكينا ..عين لاتنام ولكنها تبكي وتضحك تعشق وتضحي و……
فقد قال المسرحي “أنور محمد ” المسرح لايكذب هو صريح الى حد أننا نصاب بشجاعة المسرح لأنه يفتح شرايينا المتصلبة ليتدفق الدم حارآ الى قلوبنا وهو ينتزعنا من عزلتنا وينزع كل الأقنعة بقوة الحقيقة ليرينا كم يختبئ خلفها أدباء ومفكرون نذروا أنفسهم لإنقاذ البشرية ..والمسرح يعاني جداً ومستعد أن يضحي شرط ألا تخونه..وهو الوحيد الذي لايمشي بعكازات لأنه سيد الأفق الواسع .
المسرح أبو الفنون وسيدها ..فن لايقتله جبروت البشاعات المسيطرة ولاتفتك بمشاعر المحبين والمنتميين الى الحب والصدق في الحياة ..لاصوت يرفع من نبرته إلا ليصل الى أعماقنا كأنه رسول حنين وبهاء حامل الوية الصوت والصدى ،الوية الضوء الذي يقتل الخوف والقبح ةيترك بديلاً عنهم الحب الأكيد والدهشة المستطابة ..
وطن لكل خرافاته وحقائقه ..ساهراً كنجمة .حكاياه تسرد ولو كانت لذاته …..صوت لايغيب .
وكل الغياب ..اقترفوا الغياب جسداً فقط .
يقول المسرحي “شريف خازندار “لكل شعب مشهديته المسرحية المستقاة من مرجعيته الثقافية ومشهديته الفريدة ..ومثال القول تفرد به الأديب الراحل والمسرحي المبدع “سعد الله ونوس “الذي قدم افكارا لإعادة التوازن المفقود بين الواقع كممارسة ..والواقع كهدف انساني من خلال مخزون ثقافي لطفولة بكر لتغدو ذاكرة متوقدة منتشية بالإبداع لمحاكاة العقل لكثير من قضايا الانسان والوطن ..
كثير من المفارقات قالها مسرح الراحل سعد الله ونوس على قاعدة عشق متجذر بالمسرح السارح في عقله وقلبه .
يقول المسرحي “بيتر بروك “إننا نذهب الى المسرح كي نعثر على الحياة .لكن تلك الحياة يجب ان تختلف عن الحياة القائمة خارج المسرح .ويؤكد ان المسرح يجب ان يكون فجائياً يقود الى الحقيقة اعتماداًعلى المفاجآت والإثارة من خلال المتعة ويجعل الماضي والحاضر جزءاً من الحاضر .
فلكل مسرح همومه وصراعاته ودوره يتكامل معه في اطار الفكرة لتقدم رؤية تمجد الموقف المسؤول والوطني في كشف الحقائق وابراز انسانية مفهوم الوطن في الانسان ..وليبدد ظلمات الأقبية الرطبة لتصبح اكثر قابلية للحياة وتشرع النوافذ للضوء لنخرج الى الشمس عل عفن النفوس تبخره الشمس ..(نحن محكومون بالأمل )عبارة تختصر السواد الطاغي في الحياة قبلاً والى الآن ..محكومون بالأمل ..كنا وسنبقى ..محكومون بالأمل. ولو طال انتظارنا اكثر .
ولطالما كان “باسترناك” شديد التعلق بالرواة الغنائيين وقد دعا في قصائده الريح والمطر والورد والكلام .فكان يطلب من الطبيعة ان تخاطب نفسها ..فهاهو المسرحي الراحل سعد الله ونوس دعا في نصوصه الى قيم الحب والفضيلة والجمال وكل عناصر وتقلبات فصول الحياة فكانت المواسم عامرة السلال بقطوف ثرة من ارث مسرحي راق له ذكرى وقيمة في احتفال ..فهو طلب من المسرح ايضاً ان يخاطب نفسه .فكان مسرحه اكثر قدرة على محاكاة الواقع ونقل ماجرى ومايجرى وبعض رؤى ..الى المنصة ..الى خشبة لاتنام ..كالمدن العريقة بحكاياها ..وعمالقتها …
تحية الى روح الأديب والمسرحي العريق الراحل سعد الله ونوس ..ووعد منا ..سنبقى (محكومون بالأمل)عبارة مكتوبة على رخامك ..تلقي التحية على رخام (فان كوخ)وحده العاشق يستحق لقب إنسان .
تحية لكل القائمين العاشقين للمسرح الى حد الرغبة في التضحية ..
(سيرياهوم نيوز3-31-3-2022)