آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » المشتل الزراعي في طرطوس حلقة في سلسلة قطاع عام خاسر.

المشتل الزراعي في طرطوس حلقة في سلسلة قطاع عام خاسر.

خير الله علي


وأنت متوجه من مدينة طرطوس الى صافيتا، وبعد خمسمئة متر تقريبا من تحويلة صافيتا، وإلى يسار الطريق، ستطالعك لوحة كبيرة سوداء على شكل قوس تعلو بابا بعرض خمسة أمتار مكتوب عليها بخط الثلث /المشتل الزراعي في طرطوس /، أما في طريق العودة من صافيتا إلى طرطوس، حيث سيصبح المشتل إلى يمينك، فبالكاد تعثر على إشارة تدل على وجود هذا المشتل في ذلك المكان. ولولا الصيط الكبير لهذا المرفق الحيوي نتيجة دوره إبان النهضة الزراعية التي عرفتها بلادنا في سبعينيات وثمانينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي، حيث تحول إلى نقطة علام، لما عرفته الأجيال الصاعدة الآن، لاسيما مع انتشار المشاتل الخاصة على الطرقات العامة في طول المحافظة وعرضها .هذا من حيث الموقع، أما من حيث المساحة فتبلغ مساحة المشتل حوالي مئتي دونم مخصصة لإنتاج شتول محددة لأشجار مثمرة وحراجية، وهناك عشرات الموظفين من مهندسين زراعيين وإداريين وعمال وعاملات يساهمون في رعاية وتأمين هذه الغراس للمزارعين في المحافظة .حديثنا في هذا المقال ليس عما يقوم به المشتل من عمل الآن، على أهميته، بل فيما يمكن أن يقوم به، وبما يجب أن يكون عليه من صورة تليق بدوره ومساحته، فضلا عن بعض الملاحظات التي لا تخفى على أي زائر لهذا المرفق الإنتاجي الذي أصابه ما أصاب غيره من مرافق القطاع العام من حيث الإهمال والتقصير. قبل الحديث عما يجب أن يكون عليه المشتل وعن الملاحظات نود التذكير بأن أي مسؤول ما إن تطرح عليه قضية الترهل في مؤسسته حتى يعلق فشله على مشجب الأزمة والحرب والامكانيات، وشح الموارد….الخ،/ وفي موضوعنا اليوم فالمسؤولية على الجميع بدءا من مدير المشتل حتى الوزير، وهذا ما سنوضحه .السؤال : ما علاقة الحرب والأزمة في أن يكون هذا المشتل وغيره من المشاتل العامة الأخرى في  المحافظة كأجمل حديقة، من حيث التخطيط والترتيب والنظافة وتبسيط علاقة البيع والشراء وسهولة الحركة وتنوع الغراس بما فيها المثمرة، والحراجية والتزيينية كالورود وغيرها؟ بحيث يتحول المشتل، ليس إلى مكان لشراء  الغراس فقط بل، إلى حديقة تستقطب الزوار للتمتع والفرجة والترويج للزراعة بكافة أصنافها، سيما وأن الاختصاصيين خريجي الهندسة الزراعية موجودون وبكثرة فيه وحوله وقاعدون بلا عمل ؟!!هذا من جانب، أما الملاحظات التي لا تخفى على أي زائر حول آلية العمل في المشتل بوضعه الحالي فتتلخص ب

*عدم توفر الشتول وبيعها على مدار العام كبقية المشاتل الخاصة

* التعقيدات البيروقراطية التي يواجهها كل من يريد شراء بعض الغراس مما له علاقة، مثلا، بوجود المحاسب أو تعدد الإدارات ، أو عدم تنظيم هذه الإجراءات بما يريح الزبائن

* الممرات بين الحقول متهالكة فمن يريد بعض الغراس قد يخرج هو وسيارته من المكان وكأنه خارج من حقل للطمي

* غياب الإشارات التي تدل على مكان كل نوع من الأشجار للبيع 

* انتشار أكياس الشتول /النايلون /بكثافة في الأرض وأظن أنها تترك آثارا ضارة وكبيرة على التربة

*عدم وجود أي ركن أو زاوية تغري الزائر بالوقوف أمامها كي يتأمل روعة وجمال وخبرات الهندسة الزراعية . 

إن عملية حسابية بسيطة تجري مقارنة بين مساحة هذا المشتل ورواتب موظفيه وعائداته السنوية ستوصلنا إلى نتيجة مفادها أن كل الشغل خسارة بخسارة في الوقت الذي يمكن أن يكون هذا المشتل مرفقا استثماريا لا يقل أهمية عن أي شركة عامة ناجحة .

أما القول بأن هذه المشاتل تقدم خدمة مدعومة للمزارعين فهذا كلام حوله مئة إشارة استفهام ؟ والدليل انتشار المشاتل الخاصة بهذه الكثرة واقبال الناس عليها بهذه الوفرة .ذات يوم روى لي صديق أنه عندما أحيل على التقاعد وترك عمله كمدير فرعي في إحدى المؤسسات سلم مكتبه لزميله بأفضل صورة من حيث الترتيب والنظافة، ولكن بعد أسبوع فقط وأثناء قيامه بإجراءات نهاية الخدمة زار زميله المذكور في المكتب ذاته، لكنه فوجئ، وبما يدعو للدهشة، كيف بدأت يد الإهمال تمتد للمكان، وكيف راحت الفوضى ترخي بظلالها عليه، وأدرك حينئذ أن المشكلة ليست دائما في توفر الإمكانات والقدرات على أهميتها، بل في الذهنية التي تدير المكان، حيث هناك ذهنية بناءة وذهنية هدامة وذهنية تقول : ما بيهمني إن عمرت ولا خربت المهم عبي الجيبة وانفد بريشي. 

(سيرياهوم نيوز٢٨-٢-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الجو ربيعي معتدل بين الصحو والغائم جزئياً

تستمر درجات الحرارة بالارتفاع لتصبح قريبة من معدلاتها أو أدنى بقليل لمثل هذه الفترة من السنة، نتيجة تأثر البلاد بامتداد ضعيف لمنخفض جوي سطحي يترافق ...