نورمان العباس
يتركز الحديث الحكومي اليوم حول دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهميتها في دعم الاقتصاد الوطني، إلا أن تحقيق هذه الطموحات الاقتصادية، وخلق مشاريع إنتاجية، وتشجيع الاستثمار يتطلب تفعيل أدواته وعلى رأسها التمويل المصرفي ما يدعو للتساؤل عن إمكانيات الجهاز المصرفي لأداء هذه المهمة على أرض الواقع؟
الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة حلب حسن حزوري، أكد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة أحد القطاعات الاقتصادية المهمة التي تستحوذ على اهتمام الحكومات والمنظمات الدولية، حيث يعد نقص التمويل من العقبات الرئيسية التي تواجه هذه المشروعات والتي تؤثر في قدرتها على الاستمرار والنمو والتشغيل، ورأى أن المصارف المحلية سواء حكومية أم خاصة، مقصرة في تمويل تلك المشروعات ودعمها، ونسب الفائدة التي تتقاضاها من أجل منح القروض مرتفعة.
وقال: نحتاج حتى نخلق منافسة حقيقية بين البنوك إلى التخفيف من قيود المصرف المركزي في تقييد السيولة وحركة الأموال بقرارات وتعليمات تخالف القوانين الاقتصادية والنقدية، وتؤثر في النشاط الاقتصادي وتعرقل الإنتاج.
وأكد ضرورة قيام المؤسسات المالية والمصرفية بتبسيط إجراءات التمويل ومنح القروض، وتنويع المنتجات المصرفية، وتسهيل شروط الحصول عليها.
ورأى أن حجم التوظيف ضئيل، مقارنة بالكتلة النقدية الضخمة المحتجزة لدى المصارف، وأن القسم الأعظم من أرباح المصارف ناتج عن العمولات وليس عن توظيف الأموال، منوهاً بأن زيادة حجم التمويل المصرفي هو الذي يؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
أما في مجال السياسة النقدية والمصرفية فشدد حزوري على ضرورة إصلاح النظام المصرفي ليصبح أكثر مصداقية وشفافية ومنحه المرونة الكافية ليصبح عامل جذب للاستثمارات، وليمارس دوره الطبيعي في توظيف الأموال في مشاريع تنموية حقيقية والاستفادة من الكتلة النقدية الكبيرة غير الموظفة حالياً، ولتكون أرباحه الحقيقية، ناتجة عن عمليات توظيف الأموال وليس عن عمليات ريعية كالعمولات وغيرها.
بدوره رأى الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة دمشق عابد فضلية أن الحديث عن واقع التمويل المصرفي ومدى مساهمته في المشروعات الاقتصادية، يحكمه واقع التضخم الذي نعيشه وتوقع تزايد معدلاته في الفترات القادمة وهذا يؤدي إلى تقلص الإيداعات المصرفية في حال ارتفاع نسبة التضخم وبالتالي ضعف السيولة القابلة للإقراض.
ولفت فضلية إلى أن نسبة مساهمة المصارف الخاصة في الإقراض يجب أن تكون عالية نسبياً نظراً لعددها من جهة وقدرتها الإقراضية (قوة سيولتها) من جهة أخرى، لكن برأيه المصارف العامة اليوم تسهم في إجمالي عملية الإقراض أكثر مما تسهم به جميع المصارف الخاصة، لأن سيولتها المالية متكونة من الإيداعات شبه الإجبارية للجهات الرسمية بغض النظر عن اقتصادية وجدوى هذا الإقراض من الناحية القيمية للمبالغ المقرضة.
ورأى فضلية أن للمصرف المركزي الدور الأكبر في تطوير القطاع المصرفي، إلا أن المشكلة حالياً ليست في مستوى تطور القطاع المصرفي من عدمه بل بالواقع الاقتصادي التضخمي الذي يمر به الاقتصاد السوري وبالتالي أصبحت اهتمامات الحكومة والمصرف المركزي ضبط توازن النظام المصرفي واتخاذ كل ما يلزم لعدم انهياره، وقال: «هما نجحا في ذلك ليس من خلال اتخاذ إجراءات مالية ومصرفية عظيمة بل من خلال إخماد نشاط القطاع المصرفي».
وبين فضلية أن أغلب الاستثمارات خلال السنوات الماضية، توجهت نحو مشروعات القطاعات التجارية والخدمية والاستهلاكية، وتمويلها لم يكن في معظمه من المصارف والقروض، لذلك لا يمكن إلقاء اللوم على المصارف بل على الظرف الاقتصادي، وعلى العقلية الاستثمارية السطحية السائدة، ما أدى إلى القصور في التوجه نحو القطاعات الإنتاجية.
سيرياهوم نيوز1-الوطن