ياسمين الناطور
نوف المنيف ليست مجرد معمارية ومصممة سعودية؛ بل مبدعة متعددة الأبعاد تتميز بمرونة فكرية وبصرية تتيح لها التنقّل بسلاسة بين العمارة، التصميم، والفن. تشق طريقها بين التراث والحداثة بخبرة وحس استثنائي، ومن شوارع الرياض الهادئة التي شهدت طفولتها، إلى مشاريع تحوّل أي مساحة إلى تجربة حسية متكاملة، استطاعت نوف أن تجعل من الضوء والظل لغتها الخاصة، وأن توظّف مرونتها التصميمية لابتكار حلول تتكيّف مع المكان والإنسان. في هذه المقابلة مع “النهار”، تكشف عن فلسفتها الإبداعية، أبرز إنجازاتها، ودورها في تعزيز حضور المرأة السعودية في عالم العمارة والفن والتصميم، مع نصائح عملية للجيل القادم من المصممات والمعماريات الطامحات لترك بصمة عالمية.
1. كيف أثرت طفولتك في الرياض وتجاربك المبكرة مع التصميم على أسلوبك الفني اليوم؟
نشأت في مدينة الرياض، التي تتميز بتوازن جميل بين التراث والحداثة. منذ صغري، كنت أحب الأماكن الهادئة والمباني التي تحمل طابعاً مميزاً، وأحببت مراقبة التفاصيل الصغيرة… كيف يتغير الضوء، وكيف يتبدل ظل الجدار. وربما كانت هذه الأمور البسيطة هي التي غرست فيّ حبّ التصميم، وأثرت في أسلوبي الذي يميل دائماً إلى التوازن بين القديم والجديد، وبين الضوء والمكان.
2. من خلال رحلاتك وتجاربك الثقافية المختلفة، ما أكثر شيء ألهمك وشكّل رؤيتك الإبداعية؟
السفر بالنسبة لي يشبه درساً مفتوحاً في الحياة. أكثر ما يلهمني هم الناس، وكيف يتعاملون مع المكان الذي يعيشون فيه ويبتكرون الجمال بطريقتهم الخاصة. عندما أزور مدينة جديدة، لا أتجه إلى الأماكن المشهورة، بل أحب أن أتجول في الشوارع العادية، وألاحظ الضوء في الصباح أو عند الغروب… فهذه اللحظات البسيطة هي التي تشكّل رؤيتي، لأنها تربطني بالجانب الإنساني للفن أكثر.
3.هل يمكنك مشاركتنا بعض اللحظات أو المشاريع التي شعرت فيها بالفخر الشخصي منذ بداية مسيرتك؟
يُعدّ احتفال “نور الرياض” من أكثر التجارب التي أفتخر بها، ليس لأنه مجرد مشروع فني فحسب، بل لأنه تجربة تحتفي بمدينة بأكملها. ومن اللحظات المهمة أيضاً افتتاح أول استوديو لي كمهندسة داخلية، حيث شعرت حينها أن جزءاً من روحي قد أصبح فعلاً جزءاً من المكان.
4.كيف تصفين فلسفة التصميم الخاصة بك، وما الذي يميز أسلوبك عن غيرك من المصممين؟
أرى التصميم كلغة حوار بين الإنسان والمكان. لا أسعى إلى مجرد الجمال في الشكل، بل أبحث عن الإحساس… عن تجربة يعيشها الزائر. يميل أسلوبي إلى الهدوء والتوازن والرمزية”.
5.ما التحديات الأكبر التي واجهتك عند إطلاق استوديو التصميم الخاص بك، وكيف تغلبتِ عليها؟
كان أكبر تحدٍ بالنسبة لي أن يثق الناس بي كمهندسة. في البداية، لم يكن سهلاً أن يُسمع صوتي بين أسماء كبيرة، لكن قررت أن أجعل عملي يتحدث عني. ركّزت على الجودة والتفاصيل، وكان كل مشروع خطوة صغيرة تثبت من أنا.
6.في عالم التصميم والهندسة المعمارية، كيف تجمعين بين الفن التقليدي والابتكار الحديث في مشاريعك؟
بالنسبة لي، الفن التقليدي هو روح المكان، والابتكار الحديث هو وسيلة التعبير الجديدة. في كل مشروع، أبدأ بفهم الهوية المحلية: المواد، الضوء، الإيقاع العمراني، ثم أعيد ترجمتها بلغة معاصرة. أحب أن أستحضر الحرفية القديمة بطريقة حديثة، سواء في التفاصيل أو في التكوين العام، بحيث يشعر الإنسان أن المكان مألوف، لكنه مختلف في الوقت نفسه.
7.كيف ترين تطور دور المرأة السعودية في مجال الفن والتصميم خلال السنوات الأخيرة؟
بصراحة، المرأة السعودية اليوم تقود وتبدع في مجالي الفن والتصميم بثقة. لقد استطاعت الجمع بين الأصالة والحداثة، وأصبح صوتها واضحاً وله تأثير محلي وعالمي. وجودها اليوم لا يقتصر على المشاركة فحسب، بل يمثل مساهمة حقيقية في صناعة المشهد الإبداعي
8. ما الرسالة التي تودين توجيهها إلى الجيل الجديد من المصممات السعوديات اللواتي يسعين إلى ترك بصمة عالمية؟
اتخذن خطوات صغيرة لكنها ثابتة، ولا تستعجلن النجاح. فكل تجربة، حتى البسيطة منها، تصنع فرقاً في رحلتكن. والأهم أن تظللن متمسكات بثقافتكن وهويتكن السعودية، فهي مصدر قوتكن وتميّزكن. فالعالم يحب الأصالة، وما يأتي من الجذور يصل أبعد.
9. تقولين إن الفن هو طريقة حياة بالنسبة لك؛ كيف تترجمين هذا المفهوم في حياتك اليومية ومشاريعك؟
“بالنسبة لي، الفن ليس مجرد مهنة، بل هو جزء من حياتي أعيشه يومياً. أرى الفن في التفاصيل الصغيرة، في الضوء، في الحوار، وفي المساحة الفارغة التي قد تتحوّل إلى إحساس. حتى في مشاريعي، لا أتعامل مع الفن كعنصر إضافي، بل كأسلوب تفكير — كيف يمكن لكل تفصيلة أن تنقل شعوراً، وتخلق تجربة تلمس الناس. الفن بالنسبة لي هو الطريقة التي أتنفس بها وأعبّر من خلالها عن نفسي
10. مع مرور الوقت، كيف تغيّرت نظرتك للوقت والنجاح، وما نصيحتك للآخرين في إيجاد توازن بين الطموح والصبر؟
تعلمت أن النجاح يأخذ وقته. كنت في البداية مستعجلة وأرغب في الوصول بسرعة، أما الآن فأصبحت أستمتع بالرحلة أكثر من النتيجة. فالصبر ليس بطئاً، بل هو وعي بإيقاع الحياة، وأن لكل شيء توقيتاً مناسباً.
11.لو ما كنت مصممة، شو المجال أو المهنة اللي كنتِ تحبين تشتغلي فيها؟
ربما كنت سأصبح كاتبة أو مصوّرة. أي مجال يحمل طابع التعبير الفني كان يجذبني، لأنني أرى في الإبداع وسيلة لفهم الذات أكثر من كونه مجرد عمل.
12.هل فكرتِ يوماً بإطلاق مدرستك الخاصة للتصميم؟ وإذا صارت، هل سيكون تركيزها أكثر على الجوانب الإنسانية أم على العمارة والتصميم؟
فكرت بذلك . وإذا تحقق ذلك، فستكون مدرسة تركز على الجانب الإنساني أولاً، لأن التصميم الحقيقي يبدأ من فهم الإنسان. فالأدوات والتقنيات مهمة، لكن الجوهر يكمن في كيفية تأثير التصميم على حياة الناس.
13. بالنسبة لشخصيتك، أي من صفاتك أو جوانبك تظهر بشكل واضح في أعمالك وتصاميمك؟
أعتقد أن أكثر ما ينعكس في أعمالي هو الهدوء والدقة. أحب التوازن، وأميل إلى التفاصيل التي قد لا يلاحظها كثيرون لكنها تصنع الفرق. وربما يظهر أيضًا جانب التأمل في الأشياء، لأنني دائماً أبحث عن الإحساس قبل الشكل.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
