آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » المصيدة القاتلة!

المصيدة القاتلة!

 

 

علي عبود

 

تلهث معظم حكومات العالم، وفي مقدمتها الحكومات العربية للحصول على معونات أمريكية مجانية، او تتودد لأمريكا كي تساعدها بالحصول على قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين!

ومع أن كل الإدارات الأمريكية تعلن بكل وضوح: لامساعدات مجانية، فإن الحكومات العربية مستعدة لدفع الثمن ولو على حساب سيادتها ونهب ثرواتها، أيّ أنها مصرة على الوقوع في المصيدة القاتلة، مصيدة المعونات الأمريكية!

ونتائج الحرب في أوكرانيا دليل ساطع على “تدفيع” حكومتها ثمن مساعداتها العسكرية واللوجستية لتكون واجهة للحرب الأطلسية ضد روسيا!

على مدى العقود الماضية لعبت المساعدات الأمريكية دورا تخريبيا في الدول النامية بهدف نهب ثرواتها، وأتت بحكومات تخضع لهيمنتها، وعندما لم تنفع مصيدة المعونات في إخضاع بعض الدول التي استمرت في رفع كلمة “لا” في وجه أمريكا، فإنها سخّرت إمكاناتها لإثارة الإضطرابات داخلها وتدمير نسيجها الاجتماعي، وأحيانا بغزوها عسكريا، وغالبا بفرض عقوبات إقتصادية على شعوبها خارج إطار منظمة الأمم المتحدة!

رسالة أمريكا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لحكومات العالم الفقيرة: المعونات مقابل الخضوع!

أما رسالتها للدول الغنية: ضخوا ملياراتكم في أمريكا مقابل حمايتكم واستمراركم في السلطة!

مايثير الاهتمام فعلا في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة هو ارتفاع أصوات الكثير من المحللين المروجين لنهج مصيدة المعونات الأمريكية، وخفوت أصوات المحذرين من الوقوع في شباكها، على الرغم من أن الأزمات الاقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية تتفاقم في كل الأنظمة التي تعتمد على المعونات الأمريكية وعلى قروض المؤسسات المرتهنة لأمريكا!

والملفت أكثر، إن محللين وسياسيين أمريكيين يحذرون منذ ثمانينات القرن الماضي على الأقل من الإعتماد على المعونات الأمريكية وأكدوا مرارا إنها مصيدة من يقع في شباكها لن يستطيع بعدها أن يقول “لا” لسياسات أمريكا في المنطقة، أليس هذا مايحصل حاليا، وتحديدا في ولاية إدارة دونالد ترامب؟.

وبات مألوفا أن تعلن الولايات المتحدة بأنها بصدد إعادة النظر بالمعونات التي تقدمها لهذه أوتلك الدولة “المتمردة” في حال ترددت بتأييد المواقف الأمريكية تجاه قضايا تؤثر سلبا على مجتمعاتها، أو تهدد أمنها القومي، والمثال هنا مايُثار حول رفض بعض الأنظمة العربية سياسة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أراضيها!

نعم، لاتستطيع أي دولة وقعت منذ عقود في مصيدة المعونات والقروض أن تعارض القرارات والسياسات الأمريكية وتقول لها “لا” حتى لو ألحقت الضرر البليغ بمصالحها وبوجودها وباستقرارها على المدى الطويل وليس القصير فقط!

لقد راهنت بعض الأنظمة العربية منذ سبعينات القرن الماضي على الأمريكي كي يدعم استقرار دولها ويساعد في نمو إقتصادها، ورفاه شعوبها، فماذا كانت النتيجة سوى الغرق في الديون والوقوع في مصيدة المعونات وانتشار الفقر والبطالة وانحسار دورها الإقليمي..الخ؟

صحيح أن الكثير من دول العالم الثالث ومن أبرزها عدد كبير من الدول العربية سعت بنفسها إلى مصيدة المعونات والقروض ، الا ان الصحيح أيضا أن هناك دولا قالت “لا” للمعونات والقروض لأنها تعرف جيدا أنها قد تكون سخية وبلا شروط في البداية“ حالات نادرة” لكنها سرعان ماتصبح أسيرة هذه المعونات بعد الوقوع في مصيدتها، ولا تستطيع ضمان تدفقها إلا بتأييد السياسات الأمريكية إن لم يكن علنا فسرا!

والسؤال سيبقى بلا جواب في المدى المنظور: متى ستجرؤ الحكومات العربية على إخراج دولها من المصيدة الأمريكية والعودة إلى سياسات الإعتماد على الذات لتحقيق التنمية الفعلية لرفاه شعوبها واستعادة دورها الفاعل في محيطها الإقليمي!

 

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

متطلبات السلم الأهلي

    هشام طيارة   تمت دعوتي لحضور مؤتمر حواري يوم الاربعاء القادم حول السلم الأهلي وبهذه المناسبة رأيت أنه من المناسب توضيح ماهية ومتطلبات ...