فرح نصور
يظهر بحث بعنوان “Flight Anxiety Reported from 1986 to 2015” أنّ الاضطرابات الهوائية من أكبر أسباب القلق من السفر جواً، إذ يميل العديد من الركاب إلى تضخيم الأمر واعتباره علامة على احتمال سقوط الطائرة. هو شعور بديهي وغريزي للمرء، في طائرة تهتز وتميل بين السماء والأرض.
ما هي أسباب حدوث الاضطرابات الهوائية وأنواعها؟
“المطبات الهوائية موجودة منذ أن بدأ الطيران وستبقى”، وهناك أسباب لها وأنواع منها، يقول الكابتن مازن السمّاك، رئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان، في حديث إلى “النهار”.
أنواع المطبات الهوائية الرئيسية عديدة، وتحصل نتيجة عدم استقرار الهواء المحيط بالطائرة، ولها أسباب عديدة. فهناك مطبات هوائية تحصل نتيجة الطقس الرديء، إذ خلال التحليق هناك غيوم وكتل هوائية باردة وحارة تحمل أمطاراً أو برَداً، وداخل الكتلة الهوائية رياح تتّجه صعوداً ونزولاً. بالتالي، عندما تمرّ الطائرة بين هذه الكتل غير المستقرة، يحدث المطب الهوائي.
مطبات هوائية أخرى تحدث عندما تقلع طائرة كبيرة أمام طائرة أقل منها وزناً على المدرج تقف خلفها. فالهواء الذي يخرج من المحرك الأمامي للطائرة الكبيرة، يتسبّب بمطبّ هوائي أرضاً وجوّاً، وتتأثر بالتالي الطائرة الأخف وزناً والتي تقف خلفها. عادة، إذا كان الطيار في طائرة صغيرة، ينتظر إقلاع الطائرة الأكبر من طائرته قبله، لحوالى دقيقة ونصف دقيقة إلى ثلاث دقائق، حتى يذهب الهواء نهائياً تفادياً لأن تتعرض الطائرة الأصغر لمطب هوائي لدى إقلاعها.
هناك أيضاً نوع من المطبات يسمى المطب الميكانيكي، ويحصل عندما تكون الطائرة قرب مطار يقع قرب مدينة مكتظة بالمباني، هنا، يضرب الهواء هذه المباني ويعود إلى الطائرة متسبباً بالمطب الهوائي.
هناك أيضاً المطب الحراري الذي يحدث عندما تتغير حرارة الهواء، بحسب السمّاك. ففي حين أنّ الهواء البارد أثقل وزناً من الهواء الحار، عندما يجتمعان، تهبط الكتلة الباردة وترتفع الكتلة الحارة. وهذه الخضة ما بين حركة الكتلتين، تتسبب بمطب هوائي. وقد يحدث أيضاً لدى مرور الطائرة بأنواع مختلفة من المسطحات مثل البحر والصحراء مثلاً، وهي ليست خطيرة.
أيضاً، من المطبات الهوائية ذلك الذي يحدث لدى الاقتراب من الهبوط. فقبل ذلك، يرسل برج المراقبة إلى الطيار اتجاه الهواء وسرعته، ويقوم الطيار بالسير وفق هذه المعلومات تمهيداً للهبوط على المدرج، لكن قد يتغير اتجاه الرياح وسرعتها فجأة.
أخطر المطبات الهوائية التي لا يمكن السيطرة عليها، يحدث عندما تكون السماء زرقاء، بحيث تكون الطائرة في خط سيرها، وفجأة يحدث مطب هوائي عنيف لا يكتشفه رادار الأحوال الجوية في قمرة القيادة، لأنه خالٍ من الكتلة الهوائية لكي يرصدها. لذلك، ينصح الركاب دائماً خلال الرحلة، بربط الأحزمة خلال جلوسهم على مقاعدهم، فقد يتسبب هذا النوع من المطب بإصابات بين الركاب وطاقم الطائرة.
وللتغير المناخي حصّته من التسبب بهذه المطبات، وفق السمّاك. فالتغير المناخي ساهم في زيادتها في العشرين عاماً الماضية، خصوصاً مع الانبعاث المتزايد لثاني أوكسيد الكربون. وهناك التزام من شركات الطيران أن يكون الطيران “صفر انبعاثات” من ثاني أوكسيد الكربون بحلول عام 2050، للتخفيف من المطبات الهوائية، وهذا سيتم باستخدام وقود الطائرات المستدام والخالي من ثاني أوكسيد الكربون. وحالياً بدأت تظهر نتائج إيجابيه في هذا الإطار، رغم أن الطيران يشكّل 2 إلى 4 في المئة من الانبعاثات بكل مصادرها عالمياً، على عكس ما تصدره المصانع والقطارات وغيرها من مصادر الانبعاثات نفسها.
لماذا لا يجب أن نخاف المطبات الهوائية؟
“لا يجب أن نخاف المطبات الهوائية، وهي من أعنفها إلى أخفّها، لا تؤدي إلى حادثة طيران، ورغم أنّها تولّد شعوراً مزعجاً ومقلقاً لدى الركاب، لكنّها تبقى آمنة، والطيارون مُحترفون ومُدرّبون تدريباً عالياً”، يؤكد السماك. فالطائرة مصممه من خلال هندستها وتصنيعها، لتتحمّل كل أنواع المطبات الهوائية حتى الأعنف منها. وتخضع الطائرات للعديد من الاختبارات صعوداً وهبوطاً، ونرى أجنحتها تفتح وتغلق لكي تتمكن من السيطرة على هذه المطبات.
كذلك، في قمرة القيادة في الطائرة، أصبح رادار الأحوال الجوية متطوراً جداً ويرسل ذبذبات نحو الكتل الهوائية التي يراها الكابتن عن بُعد حوالى 100 كم. ويشرح أنّ هذه الذبذبات تضرب الكتلة الهوائية وتقيس نسبة الكثافة والحرارة داخل الكتلة الهوائية وترد هذه الذبذبات إلى قمرة القيادة على شكل ألوان. إذا كان اللون أخضر، فتكون الكتلة الهوائية غير خطرة ويمكن استمرار التحليق والدخول فيها من دون أي مشكلة. إذا كان اللون أصفر، فتكون الكتلة متوسطه القساوة ويمكن تجنّبها، حينها يعلن قائد الطائرة دخولها في مطب هوائي ويطلب من الركاب العودة إلى مقاعدهم وربط الأحزمة. أمّا إذا كان اللون أحمر، فيحظر على الكابتن الدخول في هذه الكتل الهوائية، ومن المفترض أن يغيّر خط سيره يميناً أو يساراً، ارتفاعاً أو هبوطاً عنها.
كذلك، قبل الرحلة، يتفقّد الكابتن حالة الطقس في الرحلة، ليتبيّن الارتفاع الذي سيحلق عليه، ويعرف ما إذا كان سيتعرّض لمطبات هوائية أو لا، وبالتالي يختار ارتفاع التحليق على هذا الأساس، وفق السمّاك. فإذا كان خط السير المرتقَب مليئاً بالمطبات الهوائية، فيرسم قبل الرحلة خط السير الذي سيتحوّل إليه.
ومع تطوّر التكنولوجيا، طوّرت منظمة “أياتا” مع شركة طيران “لوفتهانزا”، نظاماً خاصاً بالمطبات الهوائية، يرسل إشارات إلى الطيار عن أماكن المطبات الهوائية المحيطة بخط سير الطائرة وأنواعها. هذا النظام لم يدخل حيز التنفيذ بعد لدى كل الخطوط الجوية، لكنّه بدأ بالانتشار، والخطوط الجوية التي تتحلى بهذا النظام تتفادى إلى حد كبير المطبات الهوائية وهو أمر يريح الطيار بحيث يمكنه استباق ما سيحدث.
طرق لتهدئة المسافرين
رغم ذلك، إذا كنت لا تزال تقلق من المطبات الهوائية، فإليك طرق قد تهدئك:
– تأكّد من أنّ الطائرات مصمَّمة للتحليق خلال الاضطرابات الجوية.
–
ثق بأنّ الطيارين محترفون ويعرفون كيفية التعامل مع الاضطرابات الجوية بمهارة.
– ركّز على فهم الحقائق العلمية حول الطيران.
– توقّع هذه الاضطرابات ولا تخف منها.
– مارس التأمل وتنفّس بعمق أثناء الاضطرابات الجوية.
– شتّت انتباهك خلال الرحلة بقراءة كتاب، الاستماع إلى الموسيقى، أو إعداد قائمة مهمات.
– حمّل برامجك الترفيهية قبل الرحلة، أو استكشف الأفلام والمسلسلات على شاشة مقعدك. وإذا كنت مسافراً برفقة أحد ما، فتحدث معه عن شيء لا علاقة له بالرحلة.
– إذا شعرت بالغثيان، اطلب كيس ثلج من مضيفة طيران لوضعه ككمادات على مؤخرة الرقبة.
– أخبر مضيفة الطيران إذا شعرت بالقلق كي تدعمك طوال رحلتك.
– تنبه الى الإعلانات الصادرة من قمرة القيادة، إذ يُنبه الطيارون الركاب عادةً إلى توقع اضطراب جوي.
– اطلب تغيير مقعدك إذا لاحظتَ أن الطائرة غير ممتلئة وتشعر بعدم الراحة أو عدم الأمان في مكانك، مثلاً إلى مقدمة الطائرة أو قرب الأجنحة.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار