زهير أندراوس:
اعتبر سيادة المطران عطا الله حنّا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، أنّ “قرار اردوغان حول كاتدرائية ايا صوفيا إنما هو إجراء استفزازي عدواني هدفه إثارة الفتن والطائفية والكراهية في عالمنا”، وأضاف أنّه “في الوقت الذي فيه يعاني العالم بأسره من جائحة الكورونا وتداعياتها وفي الوقت الذي فيه يتعرض الفلسطينيون لمؤامرة العصر بهدف تصفية قضيتهم وسرقة مدينة القدس منهم والنيل من مقدساتها وأوقافها وهويتها يأتي الرئيس التركي اردوغان لكي يعلن عن تحويل كاتدرائية الحكمة المقدسة (اجيا صوفيا) في القسطنطينية إلى مسجد”.
ونوّه إلى “أننا إذْ نعرب عن شجبنا واستنكارنا لهذه الخطوة الاستفزازية التي قام بها الرئيس التركي فإننا نقول إنّ كاتدرائية اجيا صوفيا كانت وستبقى كاتدرائية وكنيسة مرتبطة بتراثنا وتاريخنا المسيحي العريق في هذا المشرق، كما نرفض ما يتعرض له المسجد الأقصى من تعديات ومن استهداف يطال أيضًا أوقافنا المسيحية، فإننا نرفض أنْ يقوم الرئيس التركي بالاعتداء على جزء هام من تاريخنا وتراثنا المسيحي المشرقي”.
وشدّدّ المطران حنّا على أنّ “كاتدرائية اجيا صوفيا لها مكانتها السامية في تاريخنا المسيحي، وكل الإجراءات التي اتخذت بعد احتلال القسطنطينية بخصوص كاتدرائية اجيا صوفيا لا نعترف بها إطلاقًا، وليس من صلاحيات الرئيس التركي أنْ يعتدي على تراث مسيحي إنساني وذلك لأسباب سياسية داخلية وأجندات انتخابية”.
وأضاف المطران حنا:”لقد ذكرنا تصرف ارودغان بأجداده العثمانيين الذين عاثوا فسادًا ودمارًا وخرابًا في هذه المنطقة العربية وأرجعونا مئات السنين الى الوراء ، كما ذكرنا بجروح لم تندمل ونحن لا يمكننا ان ننسى ما تعرض له المسيحيون في الدولة العثمانية من اضطهاد ومجازر مروعة”.
وتابع حنا:”إنّ ما أقدم عليه اردوغان إنما هو موقف عدائي ليس تجاه المسيحيين لوحدهم وإنما تجاه الإنسانية كلها وهو قرار ينصب في مصلحة الصهيونية الغاشمة والماسونية الشريرة والسياسات الأمريكية الاستعمارية التي تستهدف بلادنا ومشرقنا”، مُضيفًا:”لا يمكننا أنْ ننسى دور اردوغان الدموي الهمجي الإرهابي في أكثر من مكان في هذه المنطقة العربية لاسيما في سوريّة ونحن نحمله مباشرة مسؤولية اختطاف مطارنة حلب الذين غيبوا في منطقة كان يسيطر عليها الاحتلال التركي في شمال سوريّة”.
وتابع: “يؤسفنا ويحزننا أنّ بعضًا من الفلسطينيين رقصوا وابتهجوا بقرار اردوغان ولكن سيأتي اليوم الذي فيه سيكتشفون بأن هذا الإجراء الاردوغاني المشبوه إنما يندرج في إطار التآمر على شعبنا وعلى قدسنا ومقدساتنا وخاصة على المسجد الأقصى وإنّ غدًا لناظره قريب”.
وتساءل:”كيف يمكن لأولئك الذين يدافعون عن الأقصى وعن القدس ومقدساتها وهويتها أنْ يفرحوا وأنْ يبتهجوا بسرقة اردوغان لتراث إنساني مسيحي عريق ونسبه للعثمانية الهمجية الجاهلية الحاقدة، فلا يمكن أنْ تنادي بالحق هنا وأنْ تؤيد الباطل هناك، فمن يدافع عن القدس ومقدساتها يجب أنْ يعلن رفضه لإجراء اردوغان الاستفزازي الذي يأتي خدمة للسياسات الاستعمارية الاحتلالية في مدينة القدس، لقد قدم اردوغان هدية مجانية لإسرائيل سوف تستثمرها لتمرير مشاريعها العدوانية في المدينة المقدسة”.
وتابع المطران حنّا:”إن اردوغان ومن خلال قراره المرفوض جملة وتفصيلا إنما يريد إثارة الفتن والنعرات الطائفية والكراهية في مجتمعاتنا وقد تحدث في كلمته عن الأقليات المسيحية في تركيا وتناسى أنّ الحضارة المسيحية في القسطنطينية وفي تركيا الحالية هي التي أتى أجداده واحتلوها ونسبوها إليهم”.
وأردف: “اجيا صوفيا ليست تراثًا عثمانيًا بل هي تراث مسيحي مشرقي أرثوذكسي شاء من شاء وأبى من أبى ونقول لاردوغان ومرتزقته في كل مكان بأن المسيحيين في هذا المشرق لن تنحرف بوصلتهم ولن تكون هذه البوصلة إلا في الاتجاه الصحيح، فأنتم تريدوننا أنْ نعيش في حالة تيه وتشرذم وتفكك وفتن وضغينة وكراهية، أمّا نحن فنقول لكم بأنّ رسالتنا كمسيحيين في هذا المشرق ستبقى رسالة المحبة والإخوة والدفاع عن قضايا العدالة وفي مقدمتها قضية فلسطين”.
وأضاف: سيبقى المسلمون إخوتنا وأشقاءنا في الانتماء الإنساني والوطني ولن يؤثر علينا اردوغان ومعاونيه المنتشرين في أكثر من مكان في هذا العالم وسنبقى ندافع عن القدس وعن الأقصى والقيامة والمقدسات والأوقاف المسيحية والإسلامية ولن يتمكن لا اردوغان ولا غيره من حرف بوصلتنا فنحن اصيلون في انتماءنا لهذا المشرق وهويته الحضارية والإنسانية والتاريخية”.
واختتم: “نفتخر بمسيحيتنا المشرقية النقية ونفتخر بانتمائنا لهذا المشرق وقلبه النابض فلسطين الأرض المقدسة قضية الأحرار في كل مكان وقضية المسيحيين والمسلمين في سائر إرجاء العالم.
سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 12/7/2020