ماذا يدور في القرن الإفريقي؟ وماذا وراء إرسال مصر قوات عسكرية؟
وهل دخل الصراع بين مصر وإثيوبيا مرحلة جديدة؟
أسئلة باتت تطرح نفسها، وسارع المراقبون إلى قراءة ما يحدث.
فلم يمض يومان على الإعلان عن إرسال مصر قوات حتي علمت إثيوبيا بالأمر وسارعت بالرد في بيان رسمي هاجمت مصر وتوعدتها بالويل والثبور وعظائم الأمور.
اتهمت إثيوبيا الصومال بالتعاون مع “جهات فاعلة غير معلنة”، في إشارة ضمنية إلى مصر، بهدف تحقيق أهداف قد تضر بأمن واستقرار القرن الإفريقي.
يأتي التحذير الإثيوبي في سياق التوتر المستمر بين أديس أبابا والقاهرة، الذي لم تزده الأيام إلا تفاقما بسبب الخلافات القديمة حول سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل.
السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق يقول إنه مع تسريب معلومات عن إرسال إثيوبيا قوات علي جانب حدودها مع الصومال، وكذا تسريب معلومات عن إغلاق الفتحات التي أعلنت منذ بضعة أيام عن فتحها في سد النهضة لتدفق المياه لمصر والسودان.
وذكّر السفير مرسي بقول الشاعر الراحل علي محمود طه “أخي جاوز الظالمون المدي”، مؤكدا أن إثيوبيا تجاوزت كل الحدود واستغلت ظروف مصر وصبرها أسوأ استغلال، فماطلت وتعنتت في التفاوض، وأقامت السد وبدأت مراحل ملء بحيرته حتي المرحلة الخامسة دون أدني تنسيق أو تشاور مع مصر.
ويؤكد أن مصر لم يكن أمامها سوي وقف التفاوض.
وقال إن إثيوبيا واصلت محاولاتها للسيطرة علي دول القرن والشرق الإفريقيين وهي مجال مصر الإستراتيجي، وبدأت في إقامة قاعدة عسكرية في إقليم صومالي لاند الذي هو جزء من الصومال، حتي تجد لنفسها منفذاً بحرياً باعتبارها دولة حبيسة ، وحتي تتحكم في مداخل باب المندب الذي هو من أهم محاور ومجالات الأمن القومي المصري.
السفير مرسي قالها صراحة: “لم يعد أمام مصر سوي التحرك للدفاع عن مصالحنا هناك والتي تلتقي كذلك مع الأمن القومي العربي ومع اتفاقيات الدفاع العربي المشترك التي وقعتها مصر والصومال في إطار جامعة الدول العربية. وكذا مع الاتفاقية الثنائية التي وقعتها مصر والصومال خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر منذ ثلاثة أسابيع”.
ويخلص إلى أننا دخلنا الآن مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات المصرية الإثيوبية الإفريقية لها توازناتها واعتباراتها وأدواتها، مشيرا إلى أن هناك أطرافا إقليمية ودولية فاعلة في هذه المنطقة لها مصالحها الخاصة، وهناك العلاقات المصرية الإفريقية وخاصة مع دول حوض النيل وتوازناتها وبما في ذلك دور إثيوبيا المؤثر في هذا الدول.
وأوضح أن هذه أمور يفترضالقيادة أن السياسية في مصر تدركها جيداً خاصة بعد أن استنفدت إثيوبيا كل رصيد الصبر المصري، مشيرا إلى أنه كان لزاماً أن تنظر مصر في أدوات وآليات أخري للدفاع عن حقوقها ومصالحها وعن الأمن القومي العربي وعلي رأسه احترام مصر لمبدأها الثابت في التمسك بوحدة واستقلال الدول العربية ورفض محاولات تقسيمها وزعزعة استقرارها.
وقال إننا الآن بصدد مرحلة جديدة تتضمن إرسال قوات مصرية لدعم الأشقاء في الصومال، لافتا إلى أن هذا قرار استراتيحي له تداعيات كثيرة وليس مجرد نزهة للقوات أو مجرد رسالة تحذير شكلية عابرة.
ويختتم مؤكدا أن الأمر يستدعي ضرورة أن يكون إعلامنا وخبراؤنا الاستراتيجيون علي قدر المسئولية وإدراك حجم وحساسية المرحلة القادمة وخطورة تأثير الكلمة.
وأنهى قائلا: “لا أعتقد أن المجال يتسع الآن لإعادة تكرار ما كنا نقوله خلال أزمة مرحلة بناء السد.. فلهذا القول مكان وزمان آخر ليس هذا وقته الآن، ما هو وقته الآن هو دعم التحرك المصري الأخير حتي وإن جاء متأخراً ، وحتي وإن لم يكن كافياً.. وحتي وإن جاء بشكل ومضمون يختلف عليه بعضنا.. فقد تحمل الأيام القادمة الكثير من التطورات. ولابد أن تدرك إثيوبيا أن “للصبر حدود”، وأن عدم اتخاذنا موقفاً حاسماً إزاء غطرستها ليس هو موقف مصر النهائي.
على الجانب الآخر يرى الأكاديمي المصري د.محمد إبراهيم المصري أن ارسال قوات إلى الصومال مضر والعداء لإثيوبيا ضار جدا.
وذكّر “المصري” بمواقف عبد الناصر وإصداره كتاب “الشقيقة اثيوبيا” واستخدام الكنيسة والأزهر إلخ كقوة ناعمة لها تأثير كبير.
من جهته يرى المستشار وليد شرابي أن تحرك مصر ضد إثيوبيا بشأن سد النهضة تأخر 10 سنوات رفع خلالها السيسي التفاوض أساسا حل الأزمة إلى أن تم بناءالسد، مشيرا إلى أن نظامه تلقى ضربة قوية حين شرع في مناقشة الأمر داخل مجلس الأمن.
واعتبر شرابي أن الحديث عن حشد قوات مصرية على حدود الصومال مع إثيوبيا هو فيلم هابط موجه لجمهور ساذج.
في ذات السياق انتقد السياسي ترويج البعض أن جيشنا ذهب الي الصومال لتهديد اثيوبيا، مشيرا إلى أن المدهش أن الاعلام الرسمي بديهرتل ويكذب في هذا الشأن حتي يخدر الناس، ويزعم أننا نحيط بإثيوبيا من كل جانب وهرتلة من نوعية : الأسد الضرغام المصري يتحرك.
وأضاف مشرف أن الحقيقة أن القوات المصرية ذهبت اصلا ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي، مشيرا إلى أن مصر تستعد للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية (ATMIS) بحلول يناير 2025، بحسب إفادة للسفير الصومالي في القاهرة، أول أمس الأربعاء.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم