آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » المفاوضات السورية بين دمشق و”قسد”: هل تلوح بوادر حلّ وسط؟

المفاوضات السورية بين دمشق و”قسد”: هل تلوح بوادر حلّ وسط؟

.

سركيس قصارجيان

 

رغم التصعيد الذي شهدته الساحة السورية خلال الأسابيع الأخيرة بشأن العلاقة بين دمشق وكلٍّ من شمال شرق وجنوب البلاد، إلا أن اللقاءات والتصريحات الصادرة خلال اليومين الماضيين تشير إلى تقدّم في مسار المفاوضات، كحلٍّ أخير لتفادي انزلاق البلاد إلى اللااستقرار.

 

لقاء أميركي-كردي في عمّان

وفي هذا الإطار، نجحت الجهود الأميركية-الفرنسية في إحداث اختراق على جبهة المفاوضات بين “قسد” ودمشق، بعد إعلان الأخيرة انسحابها من المباحثات التي كان من المقرر إجراؤها في باريس خلال شهر آب/أغسطس الجاري.

وفي خضم الحرب الإعلامية المتبادلة بين الجانبين، استضافت العاصمة الأردنية عمّان لقاء جمع بين قائد “قسد” الجنرال مظلوم عبدي، والمسؤولة عن العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية إلهام أحمد، مع السيناتور الأميركية جين شاهين، بحضور المبعوث الأميركي إلى تركيا توم براك.

مصادر مقرّبة من الإدارة الذاتية تصف في حديثها إلى “النهار” اللقاء “بالإيجابي”، قائلة إن شاهين “جدّدت التأكيد على دعم واشنطن لقسد مثمّنة شراكتها في مكافحة الإرهاب”.

وتشير المصادر إلى أن “نتائج اللقاء ستنعكس إيجاباً على مسار المفاوضات بين دمشق وقسد خلال الأيام المقبلة”، رافضة الخوض في التفاصيل.

وتطرح “قسد”، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، اللامركزية السياسية كشرط للاندماج في الدولة السورية الجديدة، التي تتهم “هيئة تحرير الشام” بالاستحواذ عليها، مشيرة إلى أن “التخلي عن السلاح من دون ضمانات بالإدارة الذاتية سيترك مكوّنات شمال وشرق سوريا، وعلى رأسها الأكراد، عرضة لأعمال انتقامية”.

ويرى داعمو الإدارة الذاتية في خطوات الحكومة السورية، بدءاً من الإعلان الدستوري وصولاً إلى ترتيبات “انتخابات مجلس الشعب”، ترسيخاً لمشروع الحكم المركزي ذي المرجعية الإسلامية في البلاد، طارحين في المقابل مشروعهم اللامركزي التعددي. في المقابل، تنظر دمشق إلى هذا الطرح كتهديد لوحدة الدولة ومقدمة لـ”دولة داخل الدولة”. وبين هذين التصورين تتراوح علاقة الطرفين بين محاولات دمج متعثّرة، وضغوط متبادلة، وتدافع إقليمي ودولي يعيد صياغة ميزان القوى داخل سوريا.

لعبت واشنطن دور الوسيط والضامن اللوجستي، انطلاقاً من حسابات تتعلق برؤيتها للشرق الأوسط الجديد في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب وبعد هجمات “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتخفيف الضغط التركي على الأكراد. ورغم الضغوط التي مارستها على الطرفين والتي أفضت إلى اتفاق 10 آذار/مارس، إلا أن التناقضات البنيوية سرعان ما طفت على السطح.

 

 

 

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد

 

 

رسائل إيجابية

لكن تبدّلاً في اللغة الأميركية حيال دمشق دفع بالأخيرة إلى اعتماد خطاب أكثر مرونة تجاه شمال وشرق البلاد وجنوبها، بالتزامن مع رسائل إيجابية صدرت باتجاه لبنان و”حزب الله” أيضاً.

قبل أيام، أشار براك خلال حديث مع صحافيين أميركيين إلى إمكانية توليد حلول “ما دون الفدرالية” في سوريا، في إقرار بفشل الرؤية القائمة على مركزية الدولة. وبالأمس، صرّح الرئيس السوري أحمد الشرع بإمكانية “مناقشة كل الحلول مع الأكراد والسويداء عدا الانفصال”.

ويرى مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل أن “تصريح الشرع هذا يشير إلى جوهر اتفاق 10 آذار/مارس، ويُبنى عليه للوصول إلى حلّ نهائي يحفظ أمن واستقرار البلاد، للمضي قدماً في تطوير العملية السياسية والواقع الاقتصادي المأزوم”.

ويقول خليل في حديثه إلى “النهار”: “مطلب الإدارة الذاتية لم يكن يوماً الانفصال. الكلام عن الانفصال والتقسيم يذكّرنا بالتهم التي كانت توجَّه للأكراد في زمن البعث، والتي كانت تنص، إلى جانب وهن عزيمة الأمة، على العمل لاقتطاع جزء من البلاد وإلحاقه بدولة أخرى، دون أن نعلم من هي هذه الدولة”.

ويضيف: “المطلوب اليوم لامركزية سياسية تحوّل التنوّع الديني والقومي والثقافي في المجتمع إلى نقطة قوة ورافعة لبناء سوريا المستقبل كما يحلم بها الجميع، وليس سوريا المفصّلة على قياس أو رغبة شريحة ضيقة”.

 

بين المركزية واللامركزية

تتعقّد علاقة دمشق والإدارة الذاتية أكثر بفعل الدور التركي. فالتفاهم على التعاون العسكري بين دمشق وأنقرة في آب/أغسطس الجاري، وإن سوّق له بعبارات مكافحة الإرهاب، إلا أن الرسائل الإعلامية المرافقة لم تخلُ من الإشارة إلى استهدافه للإدارة الذاتية ومشروعها السياسي كورقة ضغط على “قسد” في موقفها التفاوضي مع دمشق.

كذلك، جاء اللقاء الروسي-السوري كمحاولة أخرى من قبل الحكومة السورية لتعزيز أوراق تفاوضها، من خلال الحصول على دعم موسكو التي ترى في أي تقارب بين “قسد” ودمشق وسيلة لتقليص نفوذ واشنطن من دون كلفة عسكرية، وتبارك عملياً ترتيبات تعيد الموارد الشرقية إلى الخزينة المركزية وتؤمّن استقرار الساحل حيث مصالحها الحيوية.

في ضوء ذلك، تبدو معادلة دمشق–الإدارة الذاتية محكومة بثلاثة محددات:

أولاً، الاختلاف البنيوي بين المشروع المركزي لدمشق ومشروع اللامركزية للإدارة الذاتية.

ثانياً، ثقل العوامل الإقليمية، وخصوصاً تركيا، التي تسعى إلى التفرد بالساحة السورية كقوة سياسية وعسكرية واقتصادية فاعلة، مع محاولات إقصاء دور فاعلين آخرين مثل فرنسا وإسرائيل وتقليل تأثيرهم ونفوذهم، حتى وإن تطلّب الأمر إعادة تفعيل الدور الروسي في الملف السوري.

ثالثاً، الضغوط الدولية المتضاربة التي تعد تارة برفع العقوبات عن دمشق في حال استطاعت ضمان حماية الأقليات، وتلوّح طوراً بضرورات “الاستقرار” ولو على حساب الإصلاح السياسي.

ويبقى المشهد السوري محكوماً بتوازنات دقيقة بين مشروع دمشق المركزي ومشروع الإدارة الذاتية اللامركزي، في ظل ضغوط إقليمية ودولية متباينة. ورغم التقدّم الجزئي في مسار المفاوضات، فإن القدرة على الوصول إلى صيغة توافقية مستقرة تتطلّب تضافر جهود جميع الأطراف، التي لا تزال تثقل خطواتها بحسابات تتجاوز الداخل السوري.

 

أخبار سوريا الوطن-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

استشهاد شاب جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي قرية طرنجة بريف القنيطرة

    استشهد شاب صباح اليوم خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية طرنجة بريف القنيطرة الشمالي.   وذكر مراسل سانا أن قوات الاحتلال اقتحمت القرية ...