بعدما انعقدت، أمس، في القاهرة، اجتماعات وُصفت بـ«الإيجابية»، بين الوفد الأمني الإسرائيلي ومدير المخابرات المركزية الأميركية والمسؤولين المصريين، تنعقد، اليوم، في الدوحة، اجتماعات «رباعية» تضمّ، إلى جانب المسؤولين القطريين، وفداً مصرياً برئاسة رئيس المخابرات عباس كامل، وآخر إسرائيلياً برئاسة رئيس «الموساد» ديفيد برنياع، وثالثاً أميركياً برئاسة مدير المخابرات المركزية وليام بيرنز. وكانت العاصمة المصرية شهدت اجتماعات مكثّفة قادها الجانب الأميركي، على مدار يومين، استمع فيها بيرنز إلى التصورات المصرية «المعدّلة»، بشأن خطة اليوم التالي وما يتعلّق بالأوضاع الإنسانية وحركة المساعدات، والوضع العسكري في «محور فلادليفيا»، إضافة إلى مستقبل معبر رفح الحدودي، وآلية تشغيله خلال الفترة المقبلة. وبحسب مصادر «الأخبار»، لم يخفِ الوفد الإسرائيلي «عدم قدرته على حسم بعض التفاصيل التي تتعلّق بمعبر رفح، من دون الرجوع إلى قيادته»، رغم تسلّم تل أبيب – في وقت سابق – مقترحاً مصرياً متكاملاً بشأن المعبر وآلية العمل فيه، في ظلّ استمرار رفض القاهرة لأي مقترحات حول السماح بحركة عبور الفلسطينيين من خلال معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي. وتشير المصادر المطّلعة على مسار المفاوضات، إلى أن «القاهرة لم تبدِ اعتراضاً واضحاً على مقترح يقضي بإنشاء جدار أمني على الشريط الحدودي لمنع عمليات التهريب التي تدّعي إسرائيل حصولها»، بل «أكدت أن تلك قضية يمكن مناقشتها بشكل أكثر تفصيلاً في وقت لاحق، وفي مرحلة تلي الانسحاب الإسرائيلي من محور فلادليفيا بشكل كامل، أو على الأقل إعادة التمركز التي تحدّث عنها الإسرائيليون عدة مرات». وفيما أبدت مصر، أمام الأميركيين والإسرائيليين، رغبةً في التعاون بشأن «ضبط الحدود»، اشترطت أن يكون ذلك في إطار أوسع من «الشراكة الثنائية» مع تل أبيب، فيما وعد المسؤولون المصريون بأن تكون لديهم «صياغة واضحة لتفاصيل تصوّر بلادهم بهذا الخصوص، خلال الأيام المقبلة».وتضيف المصادر، أن «الوفد الإسرائيلي أشار إلى أهداف عسكرية لم تتحقّق بعد في رفح، واعتبر أن مسار المفاوضات لا يعني بالضرورة التوقّف عن العمل لتحقيق هذه الأهداف»، وهو ما رأت فيه القاهرة تماهياً مع التصعيد الحاصل على الأرض في غزة حالياً، والذي يمكن أن يتطور خلال الأيام المقبلة، ويهدّد بانهيار المفاوضات، وفق ما كانت حذّرت منه حركة «حماس» بوضوح قبل يومين، في اتصالاتها مع الوسطاء. وفي المحصّلة، ينتظر المفاوضون من إسرائيل إجابتين واضحتين ومباشرتين ولا لبس فيهما، حول مسألتين أساسيتين: مصير معبر رفح ربطاً بالانسحاب منه وفتحه أمام المساعدات وآلية تشغيله؛ وضمان استمرار وقف إطلاق النار خلال الانتقال بين مراحل الصفقة (تطالب المقاومة بعدم قيام العدو بأي نوع من العمليات العسكرية، بما فيها الاغتيالات، خلال التفاوض).
جرى في القاهرة نقاش تفصيلي حول مصير معبر رفح
في هذا الوقت، روّجت وسائل الإعلام الإسرائيلية لأجواء «إيجابية» سادت اجتماعات القاهرة؛ إذ نقلت عن من وصفته بـ«المسؤول الأمني» الإسرائيلي، أنه «تمّ إحراز تقدم في المفاوضات حول ما يتعلّق بصفقة التبادل، وعلى ضوء ذلك قرّر رئيس الشاباك، الالتحاق برئيس الموساد للتوجه إلى قطر لاستكمال المفاوضات هناك». وتحدّثت «القناة 13» العبرية، نقلاً عن مسؤول مصري، أن «هنالك توافقات على بنود كثيرة»، فيما أشارت قناة «كان» الرسمية إلى «تقدّم في محادثات القاهرة حول موضوع معبر رفح ومحور فيلادلفيا، ما سيسمح بمواصلة المفاوضات حول آلية الانتقال بين مراحل الاتفاق مع حماس». كذلك، نقلت القناة نفسها عن مسؤول إسرائيلي كبير مشارك في المفاوضات، قوله: «نحن في زخم إيجابي، وعلينا أن نفعل كل شيء للاستفادة منه، وهناك حالياً فرصة للتوصّل إلى اتفاق، وقد لا يحدث مرة أخرى»، فيما رأت أن «اجتماع الغد (اليوم) في قطر مهم جداً، وسيهدف إلى صياغة آلية لسدّ الفجوات وتثبيت معظم الاتفاقات بين الأطراف».
من جهتها، نقلت مراسلة الشؤون السياسية والدبلوماسية في صحيفة «معاريف»، آنا براسكي، عن مسؤول سياسي كبير في الكيان، أن «رئيس الشاباك والمسؤول عن ملف المفقودين والأسرى في الجيش، سيلتحقان برئيس الموساد خلال اجتماعات الدوحة». وبحسب براسكي، ستتمّ خلال الاجتماعات مناقشة «مسارين رئيسيين:
1- إغلاق قائمة طويلة من القضايا الواردة في الخطوط العريضة لصفقة الأسرى، والتي تم الاتفاق عليها بين إسرائيل وحماس، وتضمينها في خطة العمل التنفيذية.
2- محاولة تقليص الفجوات، وبناء آلية للاتفاق على عدد محدود من القضايا ذات الثقل، والتي لا تزال مفتوحة، ولم يتمّ التوصّل إلى اتفاق بشأنها بعد، ومن بينها: بعض مفاتيح تبادل الأسرى، وهوية الأسرى، ومسألة انتشار القوات الإسرائيلية خلال وقف إطلاق النار».
مع ذلك يشير مسؤول سياسي كبير، بحسب براسكي، إلى أنه «ينبغي خفض التوقعات والتفاؤل في ضوء التقارير التي جاءت من مصر (…)». وأضاف: «لا يزال أمامنا الكثير من العمل، وستكون المفاوضات طويلة ومعقّدة، وهناك قضايا مهمة لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها بعد».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية