يوسف فارس
غزة | لم تكتف المقاومة الفلسطينية بما أثارته خطوة إعدام الأسرى الإسرائيليين الستة في قطاع غزة، أول من أمس، من بركان في داخل القيادة السياسية والعسكرية في حكومة الاحتلال، ثم في الشارع الإسرائيلي وكل المؤسسات الاقتصادية، بل قرّرت، أمس، تعزيز الاستثمار في هذا المنحى، إذ نشر «الإعلام العسكري» لـ«كتائب القسام» مقاطع مصوّرة حملت عنوان «رسائلهم الأخيرة»، أظهرت عدداً من الأسرى القتلى الذين استعاد جيش الاحتلال جثثهم، وهم يتوسّلون حكومتهم توقيع الصفقة لإطلاق سراحهم. ومع ساعات المساء، وبالتزامن مع الخطاب الذي ألقاه رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، أمام الصحافيين، قطع الناطق باسم «كتائب القسّام»، أبو عبيدة، «قول كل خطيب»، مؤكداً أن المقاومة أصدرت تعليمات جديدة إلى حراس الأسرى يتصرفون بمقتضاها في حال اقترب جيش الاحتلال من أسراه لتحريرهم بالقوة، وذلك في أعقاب مجزرة مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، والتي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى الفلسطينيين أثناء قيام جيش العدو بتحرير أربعة مختطفين إسرائيليين في حزيران الماضي.وقال أبو عبيدة، في تصريحات نشرها عبر قناته في «تلغرام»، إن «نتنياهو وجيش الاحتلال وحدهما يتحمّلان المسؤولية الكاملة عن مقتل الأسرى بعد تعمّدهما تعطيل أي صفقة لتبادل الأسرى لمصالح ضيقة، علاوة على قتل العشرات منهم عبر القصف الجوي المباشر». وأضاف أن «إصرار نتنياهو على تحرير الأسرى بالضغط العسكري، بدلاً من إبرام صفقة سيعني عودتهم إلى أهلهم داخل توابيت. وعلى أهلهم الاختيار بين عودتهم قتلى أو أحياء». وعقب تصريحات «أبو عبيدة»، رفعت «كتائب القسام» مستوى التحدّي، حيث نشر «الإعلام العسكري» تصميم غرافيك أظهر يد أحد عناصر «القسام» وهي تحمل مسدساً فردياً مسلّطاً على رأس أحد المختطفين، في إشارة إلى أن أي محاولة لتحرير الأسرى بالضغط العسكري والعمليات البرية، لن تفضي إلّا إلى أن يلاقي هؤلاء مصير الستة الذين سبقوهم. وبعد ذلك، نشرت «كتائب القسام» مقطع فيديو يُظهر الأسيرة القتيلة عيدان يروشلمي، قبل مقتلها، وهي تطالب نتنياهو وحكومته ببذل كل الجهود لإطلاق سراحها، أُتبع الفيديو بتعليق من «القسام»، يشير إلى أن «صفقة تبادل» تعني «حرية وحياة»، بينما يعني «الضغط العسكري»؛ «موت وفشل».
الخاسر في إفشال عملية تحرير أسرى أحياء، هم الإسرائيليون أكثر من غيرهم
وتضع المقاومة من خلال خطوتها المتقدّمة تلك، كل العصي المتاحة في دواليب مساعي نتنياهو، وتردّ بشكل مباشر على مؤتمره الصحافي، بأن الطريق الوحيد إلى استعادة ما تبقّى من الأسرى أحياء، هو إبرام صفقة، كما وتستثمر في ورقة الشارع الإسرائيلي، الذي من الممكن أن يؤدي أدواراً أكبر في الضغط على نتنياهو ومجلس الحرب. وعلى رغم أنها تعي أن ارتدادات خطوة الإعدام الأخيرة، قد تقود إلى تنفيذ جيش الاحتلال المزيد من عمليات الاغتيال بحق القيادات السياسية في الخارج، وأيضاً مضاعفة عمليات الانتقام بقصف المدنيين، إلّا أنها اتخذت قراراً ناجزاً، حتى لو كانت نتيجته أن «لا يكسب أحد». على أن الخاسر في إفشال عملية تحرير أسرى أحياء، هم الإسرائيليون أكثر من غيرهم، إذ لا يمكن بأي حال مقارنة أي خسارة ممكنة تترتّب على خطوة الإعدام، بتقديم أسرى أحياء على طبق من ذهب لرئيس وزراء الاحتلال الذي هو في أمسّ الحاجة إلى ورقة رافعة كهذه.
وبالنتيجة، وضعت التطوّرات الأخيرة نتنياهو أمام خيارين: إما الصفقة التي لا طريق ثانياً لاستعادة الأسرى الأحياء غيرها، وإما حرب لا انتصار ناجزاً فيها ولا تحرير لأسرى أحياء. وتلك نتيجتها، حينما يعود بقية الأسرى في توابيت، عارٌ وخزي مرافقان لتاريخ نتنياهو لن يُمْحَيَا أبداً.
سيرياهوم نيوز١_الأخبار