خالد عرنوس
أيام قليلة ويبدأ العرس الكروي الأوروبي بمشاركة أربعة وعشرين منتخباً تمثل النخبة في القارة العجوز وبين أهم منتخبات الصفوة العالمية يجمعها حلم التتويج بلقب قاري يوازي بطولة كأس عالم مصغرة، وعلى مدار شهر كامل تلتقي هذه المنتخبات في النسخة السابعة عشرة من البطولة الأهم على مستوى القارات الكروية الست، حيث الأضواء والنجوم والأموال، وكالعادة منذ النسخة الخامسة عشرة قسمت المنتخبات المشاركة إلى ست مجموعات تلعب فيما بينها على أن يتأهل بطل كل مجموعة ووصيفه إلى الدور الثاني إضافة إلى أربعة منتخبات من أصحاب المركز الثالث لتكمل عقد ثمن النهائي الذي يقام بطريقة خروج المغلوب كما الأدوار التالية حتى النهائي، ونحاول في «الوطن» ومن خلال حلقات مختصرة التعرف على المنتخبات المشاركة في البطولة.
وتضم المجموعة الأولى الألماني صاحب الأرض والجمهور وصاحب التاريخ العريق في البطولة ويبدو مرشحاً للصدارة وهو بالأساس مرشح للمنافسة على اللقب، وقد أوقعته القرعة إلى جانب ثلاثة منتخبات لا تملك سجلاً كبيراً في البطولة، إلا إذا اعتبرنا أن المنتخب المجري بلغ مربع الكبار في الأيام الخوالي مرتين عامي 1964 و1972 قبل أن يغيب طويلاً، أما المنتخب السويسري فقد نجح في حجز مقعد في النهائيات وتجاوز الدور الأول في النسختين الأخيرتين، على حين عاد المنتخب الاسكتلندي إلى النهائيات في النسخة الماضية لكن حدوده بقيت في الدور الأول على عادته في البطولات الكبرى.
الماكينات اعتلاها الصدأ
يعتبر المانشافت زعيم الكرة الأوروبية قارياً وعالمياً، فهو الممثل الأفضل للقارة العجوز في المونديال وكذلك هو أفضل منتخبات بطولة كأس الأمم من خلال ثلاثة ألقاب وحضور في مربع الكبار 9 مرات كأكثر من بلغ نصف النهائي، إلا أنه منذ حضوره في هذا الدور للمرة الأخيرة 2016 عاش تراجعاً كبيراً يمكن وصفه كحال المنتخبات أو الفرق الكروية التي تمرض ولا تموت، إلا أنه يمكن اعتبار أن وضع المانشافت منذ تتويجه بلقب كأس القارات 2017 من سيئ إلى أسوأ فقد غادر النسختين الموندياليتين الأخيرتين من الدور الأولى على غير العادة، وبينهما سقط في ثمن نهائي يورو 2020، واكتملت قصة الفشل بالخروج من الدور الأول لدوري الأمم الأوروبية لثلاث نسخ متتالية، ومنذ الإخفاق الأخير في مونديال 2022 سجل عدداً من النتائج المتذبذبة على الصعيد الودي على اعتبار أنه أعفي من تصفيات يورو وخسر عدداً من المباريات أمام منتخبات من الصف الثاني أو الثالث مثل بولندا وكولومبيا واليابان والنمسا وتركيا، إلا أنه عاد وفاز على فرنسا وهولندا في آذار الماضي.
حقبة جديدة
النتيجتان الأخيرتان اعتبرتا بمنزلة عودة الروح تحت قيادة المدرب الشاب ناغلسمان قبل أقل من ثمانين يوماُ من استحقاق النهائيات، حيث يعول الألمان على بطولة أوروبا التي تستضيفها بلادهم لاستعادة الكبرياء وإلى منصات التتويج من جديد بعد السنوات السبع العجاف التي أظهرت بعض الصدأ ما عطل الماكينات عن الدوران المعتاد في المناسبات الكبرى، رغم أنه لا يحمل ذكرى طيبة عند استضافة النهائيات عام 1988، عندما خسر في نصف النهائي يومها أمام الجار (البطل) الهولندي، ولا ننسى أن المانشافت اكتفى بالمركز الثالث عندما استضاف مونديال 2006، ولم يستغن المدرب الشاب الذي سيحتفل بميلاده الـ37 بعد نهاية البطولة بأيام قليلة عن بعض المخضرمين أمثال المهاجم توماس مولر ولاعب الوسط توني كروس وكلاهما يبلغ 34 عاماً وإلكاي غوندوغان (33 عاماً) وأنتوني روديغير (31 عاماً) إضافة إلى مانويل نوير (38 عاماً) لكنه بالمقابل استدعى لاعبين شباباً بعضهم لم يظهر سوى دقائق قليلة كحال ماكسيميليان بيير (21 عاماً) أو دينيز أونداف (27 عاماً) أو ألكسندر بافلوفيتش (20) وروبرت أندريش (29)، إلا أن القوة الضاربة تتمثل بعدد من اللاعبين بين جيل الشباب والمخضرمين كجمال موسيالا وجوشوا كيميش أو ليروى ساني وكاي هافيرتز ونيكلاس فولكروغ (الاكتشاف المتأخر (31 عاماً، 15 مباراة، 11 هدفاً دولياً)، ومثله جوناثان تاه (28 عاماً، 23 مباراة).
* ظهر منتخب ألمانيا في 13 نسخة خاض خلالها 53 مباراة (27 فوزاً و13 تعادلاً و13 هزيمة) والأهداف 78/55، وتوج باللقب 3 مرات (1972 و1980 و1996) وحل وصيفاً 1976 و2008.
عقدة مزمنة
خاض منتخب اسكتلندا أول مباراة كروية دولية على وجه الأرض مع جاره الإنكليزي عام 1872 وكلتا الدولتين تتبع للمملكة المتحدة، إلا أنهما على صعيد كرة القدم وعلى عكس معظم الألعاب الرياضية الأخرى مستقلان عن بعضهما إلى جانب ويلز وأيرلندا الشمالية، وبذلك يعد المنتخب (الكحلي) من المؤسسين للعبة لكنه لم يحظ بالسمعة العطرة دولياً فبقي في الظل طويلاً، حتى إنه لم يظهر في المناسبات الكبرى سوى 11 مرة لازمته خلالها عقدة الخروج من الدور الأول ومنها 4 مرات في كأس أوروبا وآخرها في النسخة الماضية 2020 والتي عاد من خلالها إلى البطولات الكبيرة بعد أكثر من عقدين، وها هو يواصل الظهور في البطولة للمرة الخامسة والثانية توالياً على أمل فك هذه العقدة وخاصة أن القرعة أوقعته إلى جانب سويسرا والنمسا وهما ليسا من منتخبات النخبة حالياً ما يضع تجاوز المجموعة الأولى إلى دور الـ16 هدفاً للمدرب ستيف كلارك ولاعبيه.
ويحسب للمدرب البالغ من العمر 60 عاماً أنه أعاد منتخب بلاده إلى يورو بعد غياب 24 عاماً وكان قاب قوسين من العودة للمونديال فخسر الملحق أمام أوكرانيا، وكذلك صعد به إلى التصنيف الأعلى في دوري الأمم وهو الذي بدأها من الدرجة الثالثة، أما أبرز أسلحته في البطولة فهي كالعادة بعض النجوم، معظمهم يلعب في الأندية الإنكليزية ولعل أبرزهم القائد أندرو روبرتسون مدافع ليفربول ولاعب وسط مان يونايتد سكوت مكتوميناي وجون ماكين (أستون فيلا) إضافة إلى اللاعبين المحليين أمثال جيمس فوريست وكاليوم ماكيرغور وأنتوني رالستون (السلتيك) وريان جاك وجون سوتير (رينجرز)، وهناك كيران تيرني (سوسيداد الإسباني) وجاك هندري (الاتفاق السعودي)، وقد يكون حضور موهبة ليفربول بين دويك فاعلاً في ظهوره الأول.
* شارك المنتخب الاسكتلندي في النهائيات 3 مرات خاض خلالها 9 مباريات (فوزان وتعادلان و5 هزائم) والأهداف 5/10.
الأحد عشر «الدوليون»
هو لقب قديم لمنتخب المجر (هنغاريا) أيام العز، أي أيام منتخب المجر الذهبي في الخمسينيات، ومنذ تلك الحقبة حاولت عدة أجيال استعادة ذلك الاسم مع توهجه، إلا أن الإخفاق لازمها مع بعض الاختراقات هنا وهناك التي لم تبلغ منصات التتويج إلا إذا اعتبرنا أن احتلال المركز الثالث في يورو 1972 أو المركز الرابع قبلها 1964 يحسب إنجازاً بفضل فريق خسر نهائي المونديال وذلك عام 1954، والمركزان الرابع ثم الثالث في أمم أوروبا يعتبران أفضل سجل للفريق ذي الألوان الثلاثة قبل أن يغيب طويلاً عن النهائيات حتى عاد عام 2016 ليخوض النسختين الأخيرتين بعد تجاوزه للتصفيات عبر البلاي أوف، وهناك غادر من الدور الثاني ثم من الدور الأول وها هو المنتخب يتأهل للمرة الثالثة على التوالي، لكن هذه المرة تأهل من صدارة مجموعته، والغريب أن غياب المجري عن اليورو تزامن مع غيابه عن المونديال منذ عام 1986 ولم يعد إليه حتى الآن.
وربما تكون الفرصة للمنتخب الحالي سانحة لبلوغ أدوار متقدمة من البطولة خاصة في ظل وجود منتخبي سويسرا واسكتلندا المنافسين على البطاقة الثانية (وربما الثالثة) إذا ما اعتبرنا أن الأولى محجوزة للمانشافت، ويدرب المجري الإيطالي ماركو روسي منذ 6 سنوات ويحسب له أنه صعد به من التصنيف الثالث في دوري الأمم إلى التصنيف الأول وواصل الظهور في يورو لكنه أخفق بتجاوز الدور الأول وفشل ببلوغ النهائيات العالمية باحتلاله المركز الرابع في مجموعة ضمن إنكلترا وبولندا وألبانيا وأندورا وسان مارينو، وكعادة منتخبات الصف الثاني فإن التعويل على بعض المحترفين في دول أوروبا الغربية والأبرز للمنتخب المجري قائده دومينيك سبوزسلاي وويلي أوربان ورونالد سالاي وميلوس كيركز وآدم ناجي وأتيلا زالاي والحارس بيتر غولاسي.
* شارك المنتخب المجري 4 مرات في النهائيات خاض خلالها 11 مباراة (فوزان و4 تعادلات و5 هزائم) والأهداف 14/20.
نحو الأفضل
ظهر المنتخب السويسري الملقب بـ«الناتي» متأخراً على ساحة بطولة أوروبا وجاء حضوره الأول في النسخة التي استضافتها بلاده على الرغم مشاركاته المبكرة في المونديال وإن لعب أدواراً هامشية فيها، وغابت سويسرا طويلاً عن البطولات الكبرى قبل أن تعود إلى كأس العالم منتصف التسعينيات في الألفية الثالثة (2006) ثم كانت المشاركة الأولى في يورو 2008 ومن بعدها لم يغب عن المونديال بينما حضر في خمس نسخ من كأس أوروبا منذ ظهوره الأول 1996، وقد استطاع تجاوز الدور الأول في النسختين الأخيرتين، فخرج من ثمن نهائي 2016 ثم من ربع نهائي 2020، وقد بلغ النهائيات الحالية من المركز الثاني في مجموعته السهلة خلف نظيره الروماني.
يقود الناتي المدرب المحلي مرات ياكين اللاعب الدولي السابق (1994 – 2004)، وأشرف على المنتخب منذ 2021 فقاده في 32 مباراة (14 فوزاً و19 تعادلاً و8 هزائم)، ويعتمد ياكين على كتيبة من المحترفين خارج البلاد مقابل ثلاثة لاعبين في الدوري المحلي (ريناتو ستيفان وأوران بسيلمي ودريك كوتسا)، ينشط 6 لاعبين في الدوري الإيطالي أبرزهم الحارس يان سومير وريكاردو رودريغيز ونواه أوكافور ودان ندوي، ومثلهم في فرنسا وأشهرهم دينيس زكريا وأولسيس غارسيا، وفي إنكلترا هناك مدافع السيتي أكانجي وزميله فابيان شير ووسط ميدان بيرنلي زكي أمدوني، ولعل أشهر من كل هؤلاء القائد غرانيت تشاكا لاعب ليفركوزن الألماني.
* خاض المنتخب السويسري 18 مباراة في النهائيات (3 انتصارات و8 تعادلات و7 هزائم) والأهداف 16/24.
سيرياهوم نيوز1-الوطن