كعادة التجار لا يمكنهم تفويت فرصة توظيف الأجواء الرمضانية في سبيل رفع الأسعار، والتعاطي مع شهر رمضان إلا من منطلق استغلالي بحت من خلال تحويله إلى ظاهرة تسويقية مكلفة تنعكس سلباً على المواطن، وتزيد الأعباء المالية الباهظة عليه وعلى أسرته.
وعلى رغم تأكيدات الجهات المعنية بضبط الأسعار وأنها ستحد من التجاوزات والفظاعات الحاصلة في الأسواق، عبر الحملات التموينية المستمرة، وعلى الرغم من صدور القانون الجديد لحماية المستهلك بحلة جديدة, والذي أثار ارتياحاً لدى جمهور المستهلكين وحسابات لدى التجار، لتضمنه عقوبات مادية ثقيلة وعقوبات بالسجن ولمدد طويلة على المتلاعبين والمحتكرين، وعلى الرغم من مبادرة وزارة الأوقاف وسوقها الخيري، استمر الارتفاع الكبير بأسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية، مع تنامي الطلب عليها ولو بدرجاته الدنيا مع حلول الشهر الفضيل، فأسعار الأساسيات لا تزال مرتفعة كمواد مثل البيض والألبان والأجبان والرز والسكر والتمور والزيوت والسمون، أما مادة اللحوم بشقيها الأحمر والأبيض فأصبحت فقط للميسورين.
لقد اعتاد المواطن في أشهر الصوم السابقة أن يتبضع من الأسواق لشراء المواد الأساسية بكميات كبيرة تكفيه طيلة شهر رمضان، إلا أن العام الحالي وبسبب الارتفاع الكبير في الأسعار ليس بمقدوره شراء إلا حاجات قليلة وبالقطعة الواحدة على أمل أن يكون هناك حل للارتفاع الكبير بالأسعار.
لم تعد ذرائع التجار في رفع الأسعار مقتصرة على ارتفاع سعر الصرف والاحتكار ونقص المواد والعقوبات والحصار الجائر بل أضافوا إليها ذريعة أخرى وهي ارتفاع أجور نقل المواد الغذائية وغير الغذائية والخضار والفواكه من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، بحجة عدم توفر المحروقات بشكلها النظامي وبالتالي تغطية النقص الحاصل بها عبر السوق السوداء، والتي ترفع تكلفة أجور النقل أضعافاً، مما يزيد العبء على المواطن.
إن أكثرية العائلات، تعيش بالحد الأدنى، وتعاني من تأمين السلع لموائدها خلال شهر رمضان، كما هو الحال في بقية أشهر السنة طبعاً.
هناك مؤشرات تبعث على الأمل مبدئياً، وأولها تحسن سعر الصرف خلال الفترة الأخيرة لمصلحة الليرة، إضافة إلى صدور قانون حماية المستهلك الجديد كما أسلفنا، وهذا يجب أن يعزز استقرار الأسواق والبدء في انخفاضات للأسعار يلمسها المستهلك أولاً دون غيره.
إن محاسبة التجار والمستوردين من أجل تخفيض الأسعار بما يناسب دخل الفرد، يجب ألا يبقى مجرد أقوال بل يجب أن يتحول إلى أفعال حقيقية ملموسة على أرض الواقع.