الدكتور خيام الزعبي
تعد المواطنة من أهم القضايا التي تفرض نفسها عند معالجة أبعاد التنمية البشرية أو الإنسانية ومشاريع الإصلاح والتطوير، والمواطنة بمفهومها الواسع تعني الصلة بين الفرد والدولة التي يقيم فيها بشكل ثابت، ويرتبط بها جغرافياً وتاريخياً وثقافياً، وعليه تكون المواطنة الانتماء للوطن.
و في ظروف كالتي تعيشها اليوم في سورية، يصبح موضوع المواطنة والوطنية وتجلياتهما من الموضوعات الأكثر خطورة وأهمية وحساسية، بسبب تزايد الهجمات والضغوطات الخارجية، والتي تهدف لإحداث نوع من الصدام الاجتماعي الطائفي بين أبناء الوطن الواحد تحت تأثير أفكار وتوجيهات مذهبية وطائفية يحاول الغرب توريدها إلى وطننا عبر عملائه في المنطقة، لتقسّم أبناء الوطن الواحد وتزرع الخلافات المستوردة من الخارج بينهم، وتعمل على تفتيت هويتهم الوطنية ووجودهم الحضاري والثقافي، وتدمر إنجازاتهم وتاريخهم العريق.
وانطلاقاً من طبيعة الجامعات السورية بشكل عام، وجامعة الفرات بشكل خاص، كمؤسسات تربوية وتعليمية وتنموية، فإن الأنظار تتوجه دائماً إليها في إعداد الكوادر والطاقات والقوى البشرية المؤهلة والمدربة، وتعد الجامعة بمثابة البيئة الملائمة، والحاضن النشط لتنمية قيم الانتماء الوطني من خلال ما توفره للطلبة من ثقافة واعية وصحيحة، عبر تقريب الجامعة من المجتمع وتصحيح السلبيات وتعزيز الإيجابيات التي تهدف الى زيادة الوعي المستقبلي للأجيال القادمة، وتدعيم مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالمواطنة عبر تكريس الهوية الوطنية وحل مشكلات المجتمع والعمل على خدمته وتنميته.
في هذا السياق يبرز الدور المحوري الذي يباشره الاستاذ الجامعي في عملية استنبات قيم الانتماء الوطني نتيجة لكونه العنصر الانساني الاساس وحجر الزاوية في العملية التعليمية، والحلقة المفصلية في إيصال رسالة الجامعة المعرفية والتربوية الى طلبتها، وهو الامتداد الحي والوسط الناقل لإرهاصات المجتمع وقيمه الى داخل الحرم الجامعي، عليه يعتبر الاستاذ الجامعي العنصر الأساسي في عملية غرس وتعزيز قيم الانتماء الوطني، كونه صاحب القرار والمهيمن على الفصل الدراسي والمحرك الأول لدوافع الطلبة، والمشكل لاتجاهاتهم، وهو المثير لدواعي الابتهاج والحماسة، والتسامح، والاحترام والألفة والمودة، فضلاً عن كونه المحطة النهائية والاساسية لإتمام المسيرة التعليمية والتربوية للطالب الجامعي.
بجانب ذلك تلعب الأنشطة الطابية دوراً مهماً وبارزاً في تنمية قيم المواطنة في الكليات من خال تجسيد روح التعاون والعمل التطوعي والتسامح والعدل والمساواة والمشاركة وقبل ذلك يأتي دور المقررات والخطط الدراسية في تنمية قيم المواطنة بما تتضمنه من محتوى معرفي ومواقف تسهم إسهاماً كبيراً في
في سياق متصل عملت جامعة الفرات بكافة دوائرها ومديراتها بإعداد برامج توعية وأخرى تدريبية تأهيلية في جانب تعزيز روح الوطنية تسير بالتوازي مع المنهج الدراسي بحيث يتم التركيز على القضايا الراهنة ودور الطلاب حتى يكونوا عناصر فاعلة في المجتمع، في الفترة الماضية فعلّت الحملات التطوعية بالتركيز على قضية الولاء للوطن والمشاركة في إحياء الأعياد الوطنية وحملات التبرع بالدم واستضافة معرض للصور يكشف جرائم القوى المتطرفة القادمة إلينا من كل أصقاع الأرض، ويوضح دور الجيش العربي السوري في مواجهة هذه القوى ودحرها، كما قامت جامعة الفرات بتنفيذ برنامج الدعم النفسي للطلاب في مواجهة العدوان على سورية، كما استضافت الجامعة دورات متعددة تبنتها تركز على ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع، ونبذ العنف، وتوعية الطالب بضرورة انتمائه لوطنه ومجتمعه.
كأن الإرهاب لديه مشكلة مع الأمن القومي السوري فمن قبل حاولوا واهمين العبث بالخريطة الجغرافية بالوطن وتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني، واليوم حاولوا أيضاً العبث بأخطر قضايا الأمن القومي الداخلي وهو التعليم فأرهبوا وروعوا محاولين بكل قوة فرملة تدفق العلم إلى طلاب سورية واعتدوا على الأساتذة والمؤسسات التعليمية كما حصل ذلك قبل عدة أيام في فرع الحسكة عندما حاول أعداء النور ومحبي الظلام والحاقدون على بلدنا من التهجم أساتذة الجامعة، برغم ذلك استمرت جامعة الفرات بكافة كلياتها بمتابعة تنفيذ خططها التعليمية من خلال إيلاء قطاعاتها كل الاهتمام والرعاية والتطلع نحو المستقبل المشرق لتحقيق أهدافها المرسومة.
مجملاً…اليوم تلعب جامعة الفرات دوراً هاماً في بناء منهج التواصل الحضاري وخلق روح المواطنة، هذا التواصل الذي أدّت فيه الجامعة دوراً كبيراً في جعل الإنسان الرأسمال الحقيقي في البناء البشري والتنموي، لذلك فإن سعي جامعة الفرات في خضم المتغيرات الجديدة هو سعي جاد وحقيقي وتحاول في كافة كوادرها ابتداءً من رئيس الجامعة وانتهاءً بأعضاء الهيئة التدريسية والكوادر الإدارية أن تنفذ خطة تعليمية علمية وممنهجة من أجل إيصال فكرة الرؤية والبناء وتحصين الحياة من طوارئ الثقافات الهجينة وتأثيرات بعض سلبيات العولمة والاستفادة من إيجابياتها.
وأختم بالقول: لم تتوقف جامعة الفرات على مدى رحلتها في نشر التعليم بسورية عن السعي الدائب لتطوير نوعيته وإحكام الصلة بين محتواه واتجاهه وبين متطلبات التنمية في مجتمعها وحركة العالم من حولها وبذلك أسهمت جامعة الفرات بشكل فعال وواضح في تنمية المجتمع السوري وتطويره، كما لعبت دوراً حيوياً في توعية الطلبة من خلال البرامج والأنشطة الطلابية وتوفير البيئة المناسبة للتفاعل بين الطلبة وتبادل الآراء فيما بينهم، وبهذا يمكن اعتبار جامعة الفرات واحدة من الأوساط التربوية التي تعنى بنشر مفاهيم المواطنة والعمل على تنمية قيم الانتماء الوطني لدى منتسبيها.
كاتب سوري
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم