يومًا بعد يومٍ يتضِّح وعلى لسان كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في المنظومة الأمنيّة في دولة الاحتلال الإسرائيليّ أنّ الحرب المُقبلة، وشبه الحتميّة مع حزب الله اللبنانيّة لن تكون نزهةً، لا بلْ أكثر من ذلك، كما أكّدت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، فإنّ العدوان البربريّ والهمجيّ ضدّ قطاع غزّة سيكون بمثابة لقمة تذوٌّق واحدة مقارنة مع الحرب مع حزب الله، على حدّ تعبيرها.
وفي هذا السياق وجب التذكير بأنّه حتى اليوم كان (سبونسر) الغضب الإسرائيليّ، أوْ نبيّ الغضب، هو اللواء المُتقاعِد إسحاق بريك، لكن، الآن وعلى ضوء الإخفاقات على الجبهتيْن الجنوبيّة والشماليّة، هناك العديد من “النجوم” الإسرائيليين، الذين يُحذّرون صُنّاع القرار في الكيان بعدم المغامرة أوْ المُقامرة في حربٍ مع (حزب الله) اللبنانيّ، لأنّ تداعياتها وإسقاطاتها وتبعاتها ستكون كارثيّةً على دولة الاحتلال في جميع المجالات، العسكريّة، الأمنيّة، قوّة الردع، المناعة الوطنيّة لمستوطني الكيان وما إلى ذلك من نقاطٍ من شأنها أنْ تُجهِز على الدولة العبريّة بعد 76 عامًا من إقامتها على أرض فلسطين.
القناة الـ 12 شدّدّت في سياق تقريرها المُطوّل على أنّ الصواريخ التي يملكها (حزب الله) ستصل إلى مسافة 200 كيلومتر، أيْ أنّها تُغطي كلّ نقطةٍ في الكيان، علمًا أنّ قدرة الحزب تسمح له بإطلاق آلاف الصواريخ يوميًا على الكيان، مُشدّدّة في الوقت عينه على أنّ الجيش الإسرائيليّ سيضطر لمواجهة هذا التهديد غير المسبوق، وبالتالي تساءل التلفزيون العبريّ كيف ستُواجِه إسرائيل هذا التهديد؟ وكيف ستعمل عندما يقوم حزب الله بتدمير عشرات المنشآت الحيويّة؟ وهل توجد لدى الجيش الإسرائيليّ خطّةً أوْ نظريّة لتقصير الحرب بهدف تقليل الخسائر؟، طبقًا لأقوالها.
على صلةٍ بما سلف، قال المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات الخارجيّة (الموساد)، حاييم تومر، في مقابلةٍ مع صحيفة (إسرائيل اليوم)، إنّ “حربًا واسعةً مع حزب الله ستؤدّي لتقويض قدرة إسرائيل على العمل كدولةٍ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الحرب الشاملة ستؤدّي حتمًا إلى تهديدٍ للرؤية الصهيونيّة.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ للصحيفة قال تومر إنّه “إذا اندلعت الحرب فإنّ صواريخ حزب الله ستشل إسرائيل بما في ذلك مطارا (بن غوريون)، أيْ مطار اللد، في أواسط مركز الدولة العبريّة، ومطار وحيفا في الشمال، مُشدّدًا في ذات الوقت على أنّ “الحرب الواسعة ستجعل مصير عكا وحيفا وطبريا وربّما تل أبيب مثل (كريات شمونة)، التي تمّ تهجير جميع سكانها، ويبلغ عددهم 17 ألفًا، وتمّ تدميرها بشكلٍ كبيرٍ نتيجةً للقصف الصاروخيّ الذي قام به (حزب الله) منذ الثامن من تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت”، على حدّ تعبيره.
تومر، الذي شغل سابقًا قائد وحدة (تافيل) بالموساد وقائد وحدة جمع المعلومات في الجهاز، كشف النقاب في حديثه للصحيفة العبريّة أنّ “لدى حزب الله صواريخ دقيقة يمكنها تفجير حقول الغاز الإسرائيلية خلال ثوانٍ”، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ “سلاح الجو الإسرائيليّ لم يعد حرًّا بالعمل فوق لبنان بسبب نظام الكشف الذي زودت إيران حزب الله به”، طبقًا لأقواله.
علاوة على ذلك أوضح بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل أنّ دولة الاحتلال الإسرائيليّ على مفترق طرقٍ تاريخيٍّ ومصيريٍّ، ويتحتّم على الحكومة الموافقة على مقترح الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، لوقف الحرب وإتمام صفقة التبادل بين الكيان وبين حركة (حماس)، على حدّ تعبيره. يُشار في هذه العُجالة إلى أنّ مقترح بايدن هو نفس المقترح الذي عرضته إسرائيل على الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، بعد موافقة مجلس الحرب بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على بنوده وتفاصيله.
أمّا عن هبوط شعبية إسرائيل عالميًا، فقال تومر للصحيفة العبريّة إنّ “الدولة العبريّة باتت في نظر المجتمع الدوليّ دولةً ضعيفةً، إذْ أنّها فشلت فشلاً مدويًا في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام المُنصرِم، واستمرّ الأمر على هذا النحو، إذْ أنّها لم تنجح حتى اللحظة بعد مرور 8 أشهر على بدء الحرب ضدّ قطاع غزّة”، طبقًا لأقواله.
وعلى خلفية هذه التصريحات السوداويّة التي طرحها المسؤول الرفيع السابق في جهاز (الموساد) يُطرَح السؤال: هل إسرائيل خائفة من المُواجهة مع (حزب الله) التي ستتدحرج لحربٍ شاملةٍ تحرق الأخضر واليابس؟ وهل هذه الأقوال هي بمثابة اعترافٍ بأنّ (حزب الله) أفقد إسرائيل قوّة الردع وتمكّن من تغيير قواعد الاشتباك؟ يبدو أنّ ما يجري في الشمال من قصفٍ مستمرٍ يؤكِّد أنّ الدولة العبريّة وخلافًا للماضي باتت تتكلّم كثيرًا وتفعل قليلاً.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم