سعاد سليمان
في اتحاد الكتاب العرب بطرطوس، المنبر الثقافي والتنوع الذي يشمل كل أنواع الإبداع في الشعر، والأدب، والموسيقا، كان لقاء يوم أمس الأحد ٢٨ أيلول الجاري مع الفنان المبدع الموسيقي والمايسترو بشر عيسى، العلم من أعلام الموسيقا في سوريا، الذي قدم لنخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والفني في المحافظة، محاضرة عن الموسيقا الكلاسيكية. تحدث فيها عن الذوق والجمال، مؤكداً أن الإنسان واحد، أما التباين فمرده إلى البيئة التي ينشأ فيها. وقال: “نستشعر الجمال بالإحساس، والتبادل، والتناغم الحر حيث التخيل، والفهم، والتلقي الجميل بالعين أو بالسمع.”
مستحضراً العديد من آراء الموسيقيين العالميين عبر التاريخ، حيث المعرفة، والاطلاع، والقراءة، والاستماع، مؤكداً أن الموسيقا أهم فنون العقل البشري. ويعتبرها البعض خلاصة للفكر الغربي أو حكراً على طبقة اجتماعية معينة. وأضاف: “جميعنا نتذوق، ونشعر، ونعيش مع الأدب العالمي كالرواية، والشعر، والموسيقا.” ويدعو إلى التفكير في الموسيقا كلغة للعقل، والقلب على حد سواء.
في محاضرته الشيقة، تحدث المحاضر عن تاريخ الموسيقا، نشأتها، بدايتها، وعن الموسيقا الكلاسيكية في العالم، ونشأتها وهي لا تزال مستمرة حتى اليوم. وقد تطورت عبر العصور لتجسد العقل الأوروبي الفني، حيث الأنماط، والأصوات. وأضاف: “ما يزال الموسيقيون حتى اليوم يكتبون بهذا النمط، لكن الفترة الأهم هي ما بين ١٥٥٠ و١٩١٠.”
وتحدث المحاضر عن تاريخ هذا الفن، بدايته، تطوره، وعن العصر الكلاسيكي ومراحل التطور عبر التاريخ، مؤكداً أن أجمل العصور على الإطلاق هو القرن الثامن عشر والتاسع عشر. وأضاف: “ابتدأت الدعوة إلى التنوير بعيداً عن الدين، فكانت الموسيقا الكلاسيكية حيث تكامل العصر البشري مع الطبيعة.”
وتابع: “في العصر التاسع عشر والعشرين انحرفت الموسيقا نحو النزعة الشخصية – الفردانية، حيث أصبح لكل فنان مدرسة بحد ذاته.” مؤكداً أن الأمم أصيبت بلعنة كبيرة عندما دخلت عليها اللعنة الرومانتيكية.
وأكد أن الموسيقا هي للعقل، للتفكير، حيث تؤدى بانتباه ودقة. واستعرض أنواع الموسيقا في العالم وانتشارها: القوط، والغجر، حيث الفن المتوحش. كما تحدث عن عصر الباروك المشوه في زمن كانت فيه الكنيسة مسيطرة، وعن أجمل عصر للموسيقا في عام ١٧١٠، حيث انتشرت في أوروبا دعوة إلى التنوير بعيداً عن الدين، فكان الفكر حيث الرواية والشعر، والموسيقا الكلاسيكية، وحيث يتكامل العقل البشري مع الطبيعة. ثم جاء عصر الفردانية أو النزعة الشخصية، حيث أصبح لكل فنان نزعة بذاته، مؤكداً أن الأمم أصيبت بلعنة عندما وصلت إليها لعنة الرومانسية.
عن الموسيقا الكلاسيكية تحدث قائلاً: “هي الموسيقا للعقل، للتفكير، مكتوبة بفكر، وتؤدى بدقة عالية وتركيز، حيث الإحساس والجمال. وكما تتلاعب القصيدة بالمشاعر، تتلاعب الأصوات بالإحساس.” مؤكداً أن للموسيقا الكلاسيكية قواعد، وقوالب. وأعطى أمثلة بالاستماع إلى أقطاب الموسيقا، ومقاطع منها. كما ذكر عظماء عبر التاريخ الموسيقي مثل شوبان.
وتحدث عن الموسيقا الكلاسيكية التي تعتمد على نسيج من نغمات متعددة، وإمكانية العزف على آلة واحدة كالبيانو. أما اللحن فهو نسيج “كونشيرتو”، القالب الموسيقي الذي يتألف من عدة حركات: سريع، بطيء، سريع.
كما تحدث المحاضر عن الآلات الموسيقية، أنواعها، ألوانها، ومزج الأصوات والاكتفاء بها. مذكراً بإبداعات موزارت وبيتهوفن الأصم والأطرش تماماً، الذي يقال عنه إنه عظيم، وحين تسمعون موسيقاه تعرفون أنه أكثر من عظيم.
كانت محاضرة رائعة وأكثر عن التاريخ الموسيقي في العالم، وعبر التاريخ، مما دفع العديد من الحضور إلى طرح تساؤلات، والمناقشة مع المحاضر الذي قدم لنا تاريخاً من الحضارة الإنسانية الراقية بحضور ثري وعبر الصوت والصورة.
(موقع أخبار سوريا الوطن – 1)