خالد عرنوس
أياماً قليلة ويبدأ العرس الكروي الأوروبي بمشاركة أربعة وعشرين منتخباً يمثلون النخبة في القارة العجوز وبين أهم منتخبات الصفوة العالمية يجمعهم حلم التتويج بلقب قاري يوازي بطولة كأس عالم مصغرة، وعلى مدار شهر كامل تلتقي هذه المنتخبات في النسخة السابعة عشرة من البطولة الأهم على مستوى القارات الكروية الست حيث الأضواء والنجوم والأموال، وكالعادة منذ النسخة الخامسة عشرة قسمت المنتخبات المشاركة إلى ست مجموعات تلعب فيما بينها على أن يتأهل بطل كل مجموعة ووصيفه إلى الدور الثاني إضافة إلى أربعة منتخبات من أصحاب المركز الثالث، ونحاول في «الوطن» ومن خلال حلقات مختصرة التعرف على المنتخبات المشاركة في البطولة.
في المجموعة الثالثة يبدو منتخب أسود إنكلترا الثلاثة الأقوى والأفضل ليس فقط لصدارة هذه المجموعة بل للتتويج باللقب خاصة أنه خسر نهائي النسخة الأخيرة بالترجيح وقبلها حل رابعاً في المونديال لكنه خرج من ربع نهائيات قطر 2022، ويتنافس نظرياً منتخبا الدانمارك وصربيا على الوصافة لاسيما أن الأول بلغ نصف نهائي النسخة الماضية في حين الثاني يسجل حضوره الأول في النهائيات وهو الوريث الشرعي ليوغسلافيا صاحبة الصولات والجولات في البطولة، على حين يطمح المنتخب السلوفيني العائد بعد غياب لتسجيل مفاجأة والتأهل ولو من باب الثوالث.
رياح الإنكليز
يقول المثل العربي: (إذا هبّت رياحك فاغتنمها)، وهذا هو حال منتخب الأسود الثلاثة ممثل بلاد أم الكرة الذي لم يسبق له أن توج بالكثير من الألقاب مكتفياً بلقب مونديالي يتيم على حين أخفق في البطولة القارية رغم اقترابه منها في ثلاث مناسبات آخرها عندما خسر نهائي النسخة الماضية بركلات الترجيح، واليوم ولتحقيق ذلك الإنجاز تبدو ظروف المنتخب الإنكليزي مثالية للوصول الى ما يصبو إليه في ظل التشكيلة الحالية التي تبدو قادرة على الضرب بقوة ومجاراة الكبار، وفي ظل التألق خلال الحقبة الحالية تحت قيادة المدرب غاريث ساوثغيت الذي أعاد الهيبة لآباء اللعبة منذ توليه المسؤولية قبل 8 أعوام فبلغ نصف نهائي المونديال بعد غياب استمر 28 عاماً وبلغ مربع الكبار في أول نسخة من دوري الأمم قبل أن يصل نهائي يورو 2020 للمرة الأولى وخسره بركلات الترجيح، ورغم خروجه من ربع نهائي مونديال 2022 إلا أنه تأهل دون عناء إلى النهائيات الحالية ليدخلها كمرشح متميز للمنافسة على جائزتها.
وأكثر من ذلك فقد أشارت وسائل إعلامية عديدة أن الأسود الثلاثة هم الأبطال المفضلون لدى كل المراقبين والخبراء متقدمين على كل الأبطال السابقين الحاضرين في هذه النسخة، وذلك لأن الفريق الذي أعده ساوثغيت طوال ثماني سنوات وصل إلى مستوى عال وبات يليق بسمعة أباء كرة القدم رغم أن أربعة لاعبين فقط كانوا في عداد المنتخب عندما تسلم غاريت (53 عاماً) المهمة وهم: المدافعون كايل وولكر ولوك شاو وجون ستونز وقلب الهجوم هاري كين الذي أصبح الآن الهداف التاريخي للمنتخب برصيد 63 هدفاً في 90 مباراة بفارق 10 أهداف كاملة عن واين روني، وانضم إليهم في العام التالي كيران تريبيه وجوردان بيكفورد وجو غوميز، وهذا السداسي ضمن التشكيلة التي اختارها للبطولة القادمة والتي ضمت عدداً من المواهب المتألقة على الساحة حالياً ومنهم: جود بيلنغهام (ريال مدريد) وفيل فودين (مان سيتي) وبوكايو ساكا (الآرسنال) وكول بالمر (تشيلسي) وهناك أيضاً أنتوني جوردان (نيوكاسل) وكوبي ماينو (مان يونايتد) وآدم وارتون (كريستال بالاس) وأكبر هؤلاء لا يتجاوز 24 عاماً، ومن ورائهم ألكسندر أرنولد (ليفربول) وديكلان رايس (الآرسنال) وفي الأمام أولي واتكينز (أستون فيلا) وإيفان توني (برينتفورد) وجارود بوين (ويستهام).
الانفجار من جديد
سجل منتخب الدانمارك (الديناميت الأحمر) ثلاث مفاجآت كبيرة في تاريخ مشاركاته في بطولة أمم أوروبا، الأولى عندما تأهل لنهائيات 1984 للمرة الثانية عام 1984 وبلغ يومها نصف النهائي وفيه خسر بركلات الترجيح، والأكبر كانت في 1992 عندما استدعي للمشاركة بنهائيات 1992 بديلاً للمنتخب اليوغسلافي (المبعد) فتوج بطلاً على حساب الهولنديين والألمان، والثالثة كانت في النسخة الماضية عندما بدأ البطولة بهزيمتين قبل أن يبلغ النهائي كأول فريق يفعلها في بطولة كبرى، واليوم يدخل أحفاد الفايكنغ البطولة في عاشر ظهور لهم وهم مرشحون مبدئياً لتجاوز الدور الأول وبالطبع فإن طموحات أولاد المدرب كاسبر هيولماند لا تقل عن الإنجاز الأخير على الرغم من أن الفريق سقط من الدور الأول لمونديال 2022، ويحسب له أنه حل ثانياً متفوقاً على وصيف بطل العالم في دوري الأمم 2022-2023، ورغم هزيمته المباغتة في الجولة الثانية أمام كازاخستان إلا أنه أكمل تصفيات البطولة الحالية بثبات حتى ضمن بلوغه النهائيات.
في النسخة الماضية وخلال المباراة الأولى للدانمارك أمام فنلندا انهار اللاعب كريستيان أريكسن على أرض الملعب وتم إسعافه فغاب عن البطولة وشكلت تلك الحادثة حافزاً لرفاقه الذين قدموا كل جهد تكريماُ له وبالفعل بلغوا نصف النهائي، وهاهو أريكسن البالغ من العمر 32 عاماً يعود لقيادة منتخب بلاده في البطولة وأمامه فرصة ليصبح أكثر من يمثل الدانمارك دولياً، والأهم بالطبع محاولة السير بعيداً فيها، وكعادة الدانمارك منذ الثمانينيات فإن الاعتماد سيكون كلياً على اللاعبين المحترفين خارج البلاد ولعل أبرز هؤلاء: راسموس هويلاند (اليونايتد) وبيير هويبيرغ (توتنهام) وثلاثي برينتفورد (ماتياس يانسن وميكيل دامسغارد وكريستيان نورغارد) وراسموس كريستينسن (روما) وكاسبر شمايكل وأندرياس دراير (أندرلخت) وسيمون كايير (ميلان) ويواكيم ميهالي ويوناس ويند (فولفسبورغ) وأندرياس كريستنسن (برشلونة) ويوسف بولسن (لايبزيغ).
محطة رجوع
عاشت يوغسلافيا أياماً زاهية أيام الاتحاد ورغم أن منتخبها الكروي لم يتوج بأي لقب كبير سوى ذهبية أولمبياد روما 1960 إلا أنه قدم نتائج ممتازة في بطولات كبيرة خاصة في اليورو فكان أول خاسر للنهائي عام 1960 ثم أعاد الكرّة في 1968 وحل رابعاً في 1976، وظهر بعدها في النهائيات 1984 وخرج من الدور الأول وهي المشاركة الأخيرة تحت العلم اليوغسلافي ذلك أن الاتحاد الأوروبي حرمه من يورو 1992 تماشياً مع العقوبات الدولية، وفي 2000 بلغ منتخب صربيا ومونتنيغرو النهائيات وبلغ ربع النهائي حيث خسر بنتيجة مذلة أمام هولندا، وحاول بعدها المنتخب الصربي منذ نسخة 2008 بعدما استقل تماماً عن كل التوابع خوض النهائيات لكنه أخفق تماماً على الرغم من حضوره ثلاثة نهائيات عالمية خلال الفترة ذاتها وقد غادرها من الدور الأول، وهاهو نجح أخيراً بلغ النهائيات بعد احتلاله المركز الثاني في المجموعة السابعة خلف المنتخب المجري، وسبق التأهل إلى يورو 2024 نجاح المنتخب الملقب بالنسور في أن يرتقي إلى التصنيف الأول على مستوى دوري الأمم الأوروبية بتصدره المجموعة الرابعة وهو الذي بدأ النسخة الأولى من التصنيف الثالث.
يقود المنتخب الصربي المدرب ديان ستانكوفيتش اللاعب الدولي الشهير بين 1988 و2001، وقد تسلم المهمة قبل 3 أعوام أعاد خلالها صربيا إلى البطولات الكبيرة وأصبح الفريق ضمن النخبة في القارة العجوز، ورغم تقلص عدد اللاعبين الصرب في الأندية الأوروبية الكبيرة إلا أن ستانكوفيتش مازال يعتمد على بعض النجوم المحترفين خارج البلاد أمثال: ثنائي الهلال السعودي ألكسندر ميتروفيتش وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، ولوكا يوفتش (ميلان) ودوشان داتيش (فنربخشة) ونيمانيا غودلي (إشبيلية) ونيكولا ملينوكوفيتش (فيورنتينا) وثنائي يوفنتوس دوشان فلاهوفيتش وفيليب كوسيتش وميلوس فيلكوفيتش (بريمن)، إضافة إلى أربعة لاعبين محترفين في اليونان وثلاثي النجم الأحمر المحلي (نيمانيا ستويتش وأوروس سبايتش وسردان ميليوفيتش).
الحلقة الأضعف
تضم المجموعة الثالثة منتخبين ممن يعرف بدول (يوغسلافيا) هما صربيا وسلوفينيا والطريف أن القرعة جمعتهما للمرة الثانية في المشاركة الثانية لكلا البلدين منذ انفراط عقد الإمبراطورية عام 1990، مع فارق أنهما عندما اجتمعا في بطولة 2000 لعب الصرب تحت علم يوغسلافيا للمرة الأخيرة (صربيا ومونتينيغرو) وها هما يعودان إلى البطولة القارية بعد غياب ليتواجها مجدداً، ويعد المنتخب السلوفيني من المنتخبات الصغيرة في القارة العجوز وإنجازاته لا تتجاوز حضور المونديال في نسختي 2002 و2010 وكذلك خوضه نهائيات يورو 2000 وخرج من الدور الأول للبطولات الثلاث، وجاء تأهله الوحيد إلى بطولة أوروبا عبر الملحق الذي بلغه مرتين أخريين فخسر أمام الكرواتي 2004 والأوكراني 2016، ومن اللافت أنه خاض الملحق في المرتين اللتين بلغ فيهما المونديال، إلا أنه أخفق في تكرار الأمر بالتصفيات العالمية على حين نجح أخيراً في كسر عقدة النهائيات الأوروبية فاحتل المركز الثاني في مجموعته خلف الدانمارك بعد منافسة شرسة حتى الجولتين الأخيرتين مع فنلندا وكازاخستان.
نظرياً يعتبر المنتخب السلوفيني الفريق الأضعف في المجموعة ومجرد تجاوزهم الدور الأول سيدخل في باب المفاجآت وهو ما يسعى له المدرب ماتياس كيك (62 عاماً) بعد ست سنوات على رأس عمله، أما أهم أسلحته للوصول إلى أفضل النتائج فعدد من اللاعبين المغمورين في بعض الأندية الخارجية مثل: ميها زايتس (فنربخشة) وساندي لوفريتش (أودينيزي) وزميله في الفريق الإيطالي جاكا بويول وبيتار شتاينكوفيتش (سامبدوريا) وتومي هورفات (غراتس النمساوي) وبنيامين سيسوكو (لايبزيغ) وزان فيبونتيك (بوردو) إلا أن الأشهر هو الحارس يان أوبلاك (أتلتيكو مدريد) والمهاجم جوزيب إيليشيتش العائد إلى الفريق المحلي بعد 12 عاماً في ملاعب إيطاليا ويبلغ من العمر 36 عاماً.
سيرياهوم نيوز1-الوطن