خالد عرنوس
أيام قليلة ويبدأ العرس الكروي الأوروبي بمشاركة أربعة وعشرين منتخباً تمثل النخبة في القارة العجوز وبين أهم منتخبات الصفوة العالمية يجمعها حلم التتويج بلقب قاري يوازي بطولة كأس عالم مصغرة، وعلى مدار شهر كامل تلتقي هذه المنتخبات في النسخة السابعة عشرة من البطولة الأهم على مستوى القارات الكروية الست حيث الأضواء والنجوم والأموال، وكالعادة منذ النسخة الخامسة عشرة قسمت المنتخبات المشاركة إلى ست مجموعات تلعب فيما بينها على أن يتأهل بطل كل مجموعة ووصيفه إلى الدور الثاني إضافة إلى أربعة منتخبات من أصحاب المركز الثالث، ونحاول في «الوطن» ومن خلال حلقات مختصرة التعرف على المنتخبات المشاركة في البطولة.
ونصل اليوم إلى المجموعة الرابعة حيث تتكرر المواجهة بين منتخبي ديوك فرنسا حامل لقب 2016 ووصيف بطل العالم 2022 والطواحين الهولندي حامل لقب 1988 والطامح لاستعادة الأدوار الكبيرة وخاصة عقب خروجه من دور الـ16 ليورو 2020 ومونديال 2022، وكان الفريقان تواجها بالتصفيات وفاز الفرنسي مرتين، ويفترض أن يكونا مرشحين لبطاقتي هذه المجموعة ذلك أنهما يواجهان بولندا والنمسا وكلاهما من الصف الثاني ولا يملكان تاريخاً كبيراً في البطولة والأول تأهل عبر الملحق في حين الثاني حل ثانيا في مجموعته.
صيحة جديدة
إذا كانت إنكلترا أو (بريطانيا) هي مهد كرة القدم فإن لجارتها فرنسا على الطرف الآخر من المانش فضل كبير على اللعبة وما وصلت إليه فالفرنسيون هم أصحاب الأفكار الخلاقة في البطولات على صعيد المنتخبات أو الأندية ورغم ذلك عاشت تاريخاً طويلاً في الظل فلم تعرف منصات التتويج حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي ويومها توج المنتخب الفرنسي بكأس أوروبا والأولمبي بذهبية لوس أنجلوس، وخلال العقود الثلاثة الأخيرة عرفت بلاد العطور والموضة كبلد مصدر لنجوم اللعبة وخاصة من اللاعبين ذوي الأصول الإفريقية، وباتت منبعاً لا ينبض من خلال الأكاديميات التي تعتني بالمواهب الصغيرة التي اكتسبت سمعة عالمية، وهاهي تبهر القارة الأوروبية بالكثير من النجوم المنتشرين خاصة في الدوريات الكبرى.
ولذلك لم يكن غريباً أن نرى المنتخب الفرنسي (الأزرق) أو الملقب بالديوك يتوج بالمونديال مرتين ومثلها بكأس أمم أوروبا، إلا أن الغريب فعلاً السقوط المزري له في مونديال 2002 أو 2010 والخروج المهين من يورو 2008، وخلال العقد الأخير نجح الزرق باستعادة الأضواء فتوجوا أبطالاً للعالم 2018 قبل أن ينهوا مونديال 2022 بالمركز الثاني وعلى مستوى اليورو كانت خسارة نهائي 2016 غير عادلة، وأخيراً جاء الخروج من ثمن نهائي النسخة الأخيرة مزعجاً إلا أن الفريق الذي يقوده المدرب ديديه ديشان عاد وتوج بطلاً لدوري الأمم بعدها بشهور قليلة قبل أن يبلغ نهائي المونديال بعد عام، ولأن دوام الحال من المحال فقد سقط الديوك مجدداً في دوري الأمم، وقد استعادوا رباطة جأشهم في تصفيات البطولة الحالية فتأهلوا دون هزيمة وبعد 7 انتصارات متتالية وتعادل هامشي.
معين لا ينضب
قليل هي المنتخبات العالمية التي تضم نخبة من نجوم الصف الأول أو الثاني منتشرين في كبريات الأندية الأوروبية وأحدها إن لم يكن أهمها المنتخب الفرنسي الذي يقوده المدرب ديديه ديشان أقدم مدرب لمنتخب أوروبي حالياً والذي يملك عدداً من الديوك القادرين على إطلاق صيحة جديدة، وعلى رأسهم كليان مبابي أحد نجوم العالم هذه الأيام والهداف القادم للكرة الفرنسية (47 هدفاً في 78 مباراة) وقد انتقل إلى ريال مدريد، وإلى جانبه عثمان ديمبلي وراندال كولو مواني وبرادلي باركولا وزائير إيمري (سان جيرمان)، ومن المخضرمين أنتوني غريزمان (أتلتيكو مدريد) وأوليفيه جيرو (ميلان) وهي البطولة الأخيرة للأخير (37 عاماً) وهو الهداف التاريخي للديوك بـ57 هدفاً، ومن ورائهم نغولو كانتي (الاتحاد السعودي) ويوليوس كوندي (برشلونة) وفيرلان ميندي وأوريلين شواميني وإدوار كامافينغا (ريال مدريد) وأدريان رابيو (يوفنتوس) وويليام ساليبا (الآرسنال) وإبراهيما كوناتي (ليفربول) وبنيامين بافار وماركوس تورام (إنتر ميلانو) وكينغسلي كومان، ثيو هيرنانديز ومايك مانيان (ميلان).
دوران متجدد
يكاد تاريخ كرة القدم الهولندية يقتصر على لقب قاري يتيم ووصافة بطل المونديال في ثلاث مناسبات وهو الوحيد الذي خسر هذا العدد من النهائيات من دون التتويج، إلا أن تأثير الكرة الهولندية يتعدى ذلك بكثير فهي من غيّر مفهوم الكرة الجميلة وقدمت الكثير من النجوم أصحاب الكعوب العالية منذ يوهان كرويف وبات لاعبوها منذ نسخة بطل أوروبا 1988 يتقدمون لوائح عمالقة الأندية الأوروبية وهو ما أدى إلى غياب أنديتها تقريباً عن ساحة الكبار علماً أن منتخب الطواحين كان دائماً حديث المتابعين في البطولات الكبيرة، إلا أنه ومنذ فوزه باللقب الأوروبي أخفق حتى في بلوغ النهائي فخسر نصف النهائي مرتين وخرج من ربع النهائي مثلهما وفي 2012 غادر من الدور الأول وكان قبلها بعامين بلغ نهائي المونديال ثم بلغ مربع الكبار فيه بعدها بعامين، وبعد رحيل معظم نجوم ذاك الجيل شاهد عشاق اللون البرتقالي يورو 2016 ومونديال 2018 من وراء الشاشات كأسوأ فترة للطواحين في العقود الأربعة الأخيرة.
استعاد بعدها البرتقالي بعضاً من التوهج لكنه لم يصل إلى القمة فخسر نهائي دوري الأمم في نسختها الأولى قبل أن يحل رابعاً في نسختها الثالثة العام الماضي وقبل ذلك خرج من ثمن نهائي يورو 2020 وخذلته ركلات الترجيح في ربع نهائي مونديال 2022، وفي تصفيات يورو 2024 بدأ بهزيمة قاسية أمام فرنسا لكنه عاد وسجل 3 انتصارات استرد بها حظوظه الكاملة وكادت الخسارة الثانية في أمستردام أمام الديوك تزعزع موقف الفريق إلا أن لاعبي المدرب كويمان كانوا في الموعد أمام أيرلندا واليونان فدخلوا المباراة الأخيرة أمام جبل طارق وقد ضمنوا الوجود في النهائيات.
مدرب المنتخب الهولندي هو اللاعب الدولي السابق رونالد كويمان أحد أبطال يورو 1988 وسبق له قيادة الفريق بين عامي 2018 و2020 وعاد إلى منصبه مطلع 2023، وكالعادة على أسماء تلعب خارج البلاد أمثال: فيرجيل فان دايك وريان غرافنبيرش وكودي غاكبو (ليفربول) وفرينكي دي يونغ (برشلونة) وماتياس دي ليخت (بايرن ميونيخ) وناثان أكي (مان سيتي) وداني بليند (جيرونا) ودينزل دومفريس (إنتر) وتيون كومبنيريس (أتلانتا) وممفيس ديباي (أتلتيكو مدريد) وجيريمي فريمبونغ (ليفركوزن) وتشافي سيمونز (لايبزيغ) ودونيل مالين (دورتموند) وتيجاني رايندرز (ميلان)، إضافة للمحليين: جوي فيرمان وجوردي شوتين وستيفن بيرغوين وبريان بروبي.
الأولاد
عاشت الكرة النمساوية بعض الطفرات على فترات متباعدة في المونديال فحل رابعاً عام 1934 ثم ثالثاً في نسخة 1954 وبلغ الدور الثاني في نسختي 1978 و1982، ولم يستغل فريق تلك الحقبة هذا الأمر على صعيد بطولة أوروبا بل لم يكتب حضوره في نهائياتها إلا مع نسخة 2008 عندما استضافت بلاده تلك النسخة وخرج منها بخفي حنين وغاب عن النسخة التالية قبل يعود إلى نهائيات 2016 مع زيادة منتخبات النهائيات، وسجل خلال التصفيات 9 انتصارات وتعادل بلا هزيمة للمرة الأولى بكل التصفيات التي خاضها طوال تاريخه على المستويين القاري والعالمي، ومرة جديدة خرج من الدور الأول بالسجل ذاته تعادل وهزيمتين وواصل الحضور في نسخة 2020 حيث سجل أول فوز في النهائيات، وتجاوز الدور الأول من المركز الثاني للمجموعة الثالثة خلف المنتخب الهولندي وفي ثمن النهائي فرض التعادل على الطليان سلباً قبل أن يخسر في الوقت الإضافي 1/2، وبالتزامن مع الحضور في بطولة اليورو أخفق المنتخب النمساوي الملقب (الأولاد) بالعودة إلى المونديال وقد اقترب كثيراً من نهائيات 2022 لكنه خسر نصف نهائي الملحق الأوروبي أمام ويلز، وفي تصفيات يورو 2024 سار قدماً بقدم مع المنتخب البلجيكي حتى النهائيات علماً أنه سجل 6 انتصارات وتعادلاً وهزيمة واحدة والنتيجتان الأخيرتان كانتا أمام بلجيكا فتأهل من المركز الثاني وبفارق كبير عن السويد ثالث المجموعة.
وبغياب القائد ديفيد ألابا المصاب فإن اعتماد المدرب رالف رانجنيك (ألماني) على عدد من المحترفين في البوندسليغا وأبرزهم سابيتزر ونيكولاس شوالد وباتريك فيمر وبومغارنتر وغريليتشس وكونارد لايمر وستيفان لاينر، ومن إنتر ميلانو هناك أرناوتوفيتش ومن بولونيا ستيفان بوش.
النسور البيض
ما قلنا عن النمسا في المقدمة ينطبق تماماً على المنتخب البولندي، فعلى الرغم من تألقه في المونديال باحتلاله المركز الثالث في نسختي 1974 و1982 وفوزه بذهبية الأولمبياد 1972 وفضية 1976 إلا أنه لم يظهر في النهائيات القارية إلا في نسخة 2008 بعد مشوار طويل خاض خلاله 14 مباراة تصدر من خلالها المجموعة الأولى على حساب البرتغال، وجاء خروجه من الدور الأول منطقياً ثم استضافت بولندا النسخة التالية مع أوكرانيا فكان حضور منتخبها إلزاميا إلا أنه لم يستغل عاملي الأرض والجمهور فغادر من دور المجموعات، وفي فرنسا 2016 تمكن من تجاوز الدور الأول قبل أن يتخطى نظيره السويسري في دور الـ16 بركلات الترجيح ثم خرج بالطريقة ذاتها أمام البرتغال وهو أفضل إنجاز في يورو ذلك أنه عاد وخرج من الدور الأول في النسخة الماضية.
ويدرب الفربق البولندي ميشيل بروبيرز منذ أيلول الماضي واللافت أنه خاض 7 مباريات لم يخسر فيها (4 انتصارات و3 تعادلات)، وبالطبع فإن الهداف ليفاندوفسكي هو الأيقونة التي ينسج حولها المدرب تشكيلته في البطولة إلى جانب زيلينسكي وزالويسكي وأوروبانسكي والحارس تشيزني ولعل الخسارة الكبيرة تمثلت بإصابة أركاديوز ميليك ليغيب عن البطولة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن