كل من يعمل يخطئ، وكلما ابتعد الإنسان عن أجواء العمل والإنتاج، كلما خف انتقاد الآخرين له، ولكن لا يخفى على أحد، أنه غالباً ما تسود تلك الأجواء انتقادات لاذعة تؤدي بالنتيجة إلى الإحباط واليأس، وبدلاً من أن تدفع عجلة التنمية والنجاح نحو الأمام، نرى بأن تلك الانتقادات تؤخر الإنجاز، وتضع العامل أو المكلف بإنجاز هذا العمل أو ذاك في موضع الشك والحيرة من أن عمله كان خطأً، و هو ما يدفعه إلى النكوص والتراجع.
“الثورة” التقت بعض الفعاليات من أماكن عمل مختلفة، وأكد هؤلاء أن اي شخص معرض للنقد، لكن المهم أن يكون هذا النقد بنّاءً، لا هدّاماً والهدف منه تحسين آلية العمل والإنتاج.
وقال محمود العلي وهو محاسب بنك: من الضروري أن يتقبل أي شخص منا النقد الإيجابي الهادف والذي يأتي في مكانه، ويساهم في تحسين العمل، لكن مع كل أسف غالباً ما نواجه هذا النقد من أشخاص عديمي الخبرة في المجال الذي نعمل فيه، كما وهؤلاء غالباً ما يكون هدفهم واضحاً، وهو الحد من الاندفاع والعزيمة التي تجعلنا مقبلين على العمل بكامل طاقتنا، وذلك بهدف تشكيكنا بأنفسنا وقدرتنا على العطاء.
وأضاف العلي فما دمنا بشر، معنى ذلك أننا سوف نخطئ، فالفقيه معرض لذلك، وكذلك المحامي والمهندس والمدرس، لكنهم بالنتيجة لديهم نجاحات وإنجازات يفخرون بها، ولهذا يجب تسليط الضوء على عطائهم، لا على القضايا التي لم ينجحوا بها.
وقالت المدرسة سهى سليمان: غالباً ما يوجه مدير المدرسة التي أمارس عملي فيها النقد السلبي، مع أن الإيحابيات كثيرة وواضحة، وبشهادة الزملاء، لكن تركيزه على الناحية الأخرى، والنصف الفارغ من الكأس، من شأنه أن يولد لدي ولدى زملائي الآخرين اليأس والإحباط، لولا العامل الأخلاقي والمبادئ التي نتمسك بها على قاعدة: إذا أراد أحدكم أن يعمل عملاً فليتقنه، وبعودة للمدير تراه دائماً يشكك بحسن النيات، ويفتش على الأخطاء والسلبيات التي لن ينجو منها أي شخص يعمل بحس ومسؤولية.
جاد الله كلاوي الموظف في مجال الاتصالات قال: الناقد السلبي يساهم بإحباط الهمم وتفتيت العزائم، وهذه العينة من الناس، لا تكتفي بتوجيه النقد للشخص بشكل ثنائي معه، لكن يفشي تلك الانتقادات وينشرها بين الأوساط، وغالباً ما يجيش أشخاصاً لنقل وتداول الإساءة، وبدلاً من أن ينصحه بشكل مباشر، يستخدم هؤلاء الأشخاص لنقل ما يراه سلباً، ودون أن يذكر أي إيجابية عنه.
وأوضح كلاوي غالباً ما نرى ظاهرة تتبع الأخطاء والتشكيك بقدرة هذا الشخص أو ذاك، وهذا يخالف المبادئ والقيم التي تعلمناها في بيئتنا وأسرتنا، ويدفع نحو الخوف مما نقوم به، وذلك بسبب نشوء أحاسيس في داخلنا بأن أي عمل سوف نقوم به لن ينجح.
وأوضحت أمل علم الدين وهي موظفة في الإدارة المحلية أن بعض رؤسائها في العمل يمارسون النقد الإيجابي، وهو ما يجعلها وزملاءها يؤدون المطلوب منهم بكل سعادة وسرور، بينما يوجه القسم الآخر هذا النقد المستمر وكأنه لا يعجبهم شيء، وتراهم ينتقدون حتى علاقاتنا في العمل.
ونوهت علا الشامي بأن النقد لا يقتصر على الرئيس والمرؤوس، حيث هناك بعض الزملاء يهوون النقد السلبي ولا يعجبهم لا اللباس ولا الحديث، ولا أي شيء يمكن أن نقدمه أو نمارسه ونتصرفه، علماً أن البعض الآخر يولدون طاقة إيجابية بحتة، وتراهم يمدحون حتى أبسط الأشياء.
بالنتيجة حتى لو اضطر أحدنا لتوجيه ملاحظة، من الأجدى أن يسديها للشخص مباشرة، بعيداً عن التجريح والتشهير.
حسين صقر
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة أون لاين