لا يخاف من القانون وعقوباته إلا المجرم والمرتكب للخطأ والفاسد.. ولا يحاول إسكات الإعلام عن تصوير الواقع إلا الغائص بالأخطاء و يخاف أن يصله الدور بكشف المستور .
النقد ضرورة وحاجة في ظل تفشي الفوضى الناجمة عن أزمة أخلاق مسرطنة كانت السبب في تضاعف انعكاسات الأزمة والتي تحولت لحرب كونية بشتى الأدوات لجعل سورية دولة فاشلة لتمرير أجندات شبيهة بما حصل ببلدان مجاورة . ما نراه للأسف بيادق على لوحة شطرنج واللاعب الأساسي يوجه أصابع أدواته لتحريكها حسب حاجاته , ففي بلدان على شفا الانفجار يفكون الصاعق و يمنعون الانفجار مع وضع ألغام عديدة .. و بلدان تملك كل أساليب الثبات والصمود والتنمية تفكك بنيوياً بشتى الأساليب والأدوات الإرهابية المنظورة والمخفية , ومادمنا نتكلم عن النقد ودوره الإيجابي فأنا هنا أذكر مقالة كتبت منذ وقت قريب تناولت ضرورة إفساح المجال لشتى الأقلام لإعطاء رؤيتها .. وذلك يوم احتدم الجدال حول برنامج حكومة ما قبل الأزمة والذي تحول لصراع.. وقلما وُجِد قلم لم يعترض على ذلك البرنامج وقتها… ذلك البرنامج الذي قضى على الكثير من المحاصيل والتحصينات .. وعرقل إصلاح القطاع العام حيث كانت الأموال متوافرة إلا أنه تم تمويهه بتعيينات والحجة لحفظ المطلوب .. لكنه كان نهجاً يضلل الواقع والخصوصية والعلاجات المطلوبة بتتويهنا لفظياً وفكرياً بتجارب يجب الاقتداء بها للتنمية و للترفيه مثل التجربة الماليزية والسنغافورية وشرق آسيا مروراً بالهندية والخصخصة التركية و اللعب بالمصطلحات باختيار نهج اقتصاد السوق الاجتماعي المتبع في الصين و الذي أنقذت به ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.. وتنفيذ ما لا يمت له بأي صلة كتأسيس لتضييع الهوية الاقتصادية والتي كان عنوانها “الاعتماد على الذات ومواجهة الحصار وتحصين الداخل” ونجح بضرب القطاعات الإنتاجية والأمن الغذائي وليكون هذا نواة التدمير الممنهج والذي هجّر الفلاحين من أراضيهم في المنطقة الشرقية وإدلب و أغرق السوق بالبضائع والتي كنا ننتج مثلها ,ما أدى لإغلاق الكثير من الصناعات وأتذكر أنني قلت في عام ٢٠٠٨ خلال لقائي مع إحدى الصحف : هذا النهج سيؤدي إلى نتائج اجتماعية كارثية ودموية وحصل و برر الفساد وليكون الرقم المعترف به من أعلى سلطة ١٠٠٠ مليار عام ٢٠١١ و كان كل النقد والذي صدقت رؤاه محرد “رمي كلام” و الحكومة تقول : قولوا ما تريدون ونحن مستمرون و لتأتي الحرب وتتنوع أدواتها وصولاً إلى الإرهاب الاقتصادي والتأزيم المقصود وافتعال الطوابير وحرق الأراضي والمحاصيل حيث لا تخلو الصحف و الوسائل الإعلامية من تنبؤات تصدق وثغرات تؤسس لكوارث ,ولكن هيهات.. فمن ذا الذي أخذها بالحسبان مع متابعتها وتصحيحها , لتأتي بعدها أحداث نندم على تغاضينا عنها وعدم الاحتراز منها والاستعداد لمواجهتها و ليظل حامو الثغرات يعيشون برغد ورفاهية ولا مبالاة فلا حسيب ولا رقيب ..
و طالما حذّرنا من سياسات مالية ونقدية و من تطويل الأزمة للاستنزاف و تسهيل الانهيار ولكن عبثاً, فمن يجلس على بعض الكراسي يظن نفسه إمبراطوراً لذاته ولذاته ولا يمكن النيل منه و بدلاً من الاستفادة من الانتقادات وتصويب الأخطاء نرى هؤلاء يتمادون و يطغون لتكون الكوارث مضاعفة و ليدفع الآخرون والوطن ثمن غبائهم وتجاهلهم و فسادهم.
صحيح هناك عقوبات وحصار و تدمير و وو…. ولكن كذلك كانت وما زالت هناك ثغرات مرئية بلا مجهر ولم يعد الاختباء وراء الأزمة مبرراً لها ولتناسيها ويجب متابعتها وتصحيحها ومحاسبة مرتكبيها .
ما ذنب الفقراء الشرفاء ليدفعوا ضريبة الاستهتار واللا مبالاة ممن وظفوا لخدمتهم ؟ ما ذنب بلدنا بحرمانه من أغلب ثرواتها كلما هممنا للانطلاق. أكثر من ٣ ملايين شجرة زيتون و أكثر من مليونين ومئتي ألف شجرة حمضيات وأكثر من ١١٠٠ خلية نحل ومئات الهكتارات حرمتنا من منتجاتها ومن إنتاجيتها لا مبالاة و عدم اكتراث لأقلام طالما حذّرت ممن لا يهابون القانون ويعتدون على الأراضي والغابات.
شريط ساحلي استملك ليهمل .. غابات أهملت لتسلب وأقلام تنبه و تستقرئ بكوارث ولا مبالاة فلا رقيب ولا محاسبة ! .
(سيرياهوم نيوز-تشرين)