لين أبو زينة
دارت كاميرا المخرج يزن شربتجي في دمشق قبل أيام إيذاناً بانطلاق تصوير مسلسل يحمل اسم «النويلاتي»، (عن نص للكاتب عثمان جحى ـــ إنتاج شركة «غولدن لاين» ــ إشراف فني للمخرجة رشا شربتجي) سيُعرض في رمضان 2026.
دمشق والنول
تحاكي أحداث العمل الأزقة الضيّقة والبيوت الدمشقية، لتكشف أسرار مهنة النول التي اشتهرت بها المدينة، وما يرتبط بها من تربية دود القز واستخراج الحرير. ينتمي «النويلاتي» إلى الدراما الفانتازية المستوحاة من التاريخ المحلي، إذ تدور أحداثه خلال حقبة رمزية تجسّد دور شيوخ الكار الذين شكلوا عماد الحرف ودرعها الاجتماعي في مواجهة التحولات السياسية والاقتصادية التي كانت تهدّد نسيج المدينة وهويتها المحلية.
تُشير الكتابات الآثارية القديمة إلى أنّ الحرفيين السوريين هم سادة صناعة النسيج منذ 4000 سنة ق.م. في مملكتي ماري وإيبلا حيث اشتُهرت صناعة النسيج من الكتان والصوف.
يؤكد الكاتب والسيناريست عثمان جحى في اتصال معنا أنّ الحكاية ليست بعيدة من الحالة التوثيقية. ويوضح أنّ النصّ ارتكز إلى حكاية افتراضية في دمشق، ولكنها تستند إلى إشارات تاريخية عن مهنة النول والحرير التي كانت بلاد الشام موطنها الأصلي، إذ سُمِّي طريق الحرير نظراً إلى عبوره منها إلى العالم، أي أنّه يمزج بين التوثيق والحكاية المتخيلة المنسوجة من التاريخ.
وحول هدف تسليط الضوء على هذه الحرفة، كشف جحى عن امتلاكه مشروعاً متكاملاً عن المهن الدمشقية التي تمتدّ جذورها عميقاً في هذه المدينة، والنويلاتي تقع على رأس تلك السلسلة بعد مسلسل «العربجي» الذي عُرض منه جزآن في رمضان الفائت. في هذا المسلسل، غاص الكاتب عبر شخصية عبدو العربجي (باسم ياخور) في عالم العربجية التي عاشت في دمشق طويلاً، وهي تمثل شريحة من الرجال الذين يقومون بنقل الناس بين أحياء المدينة وتناول المشكلات التي كانوا يواجهونها في أحد الأحياء الدمشقية التي يتصارع فيها الخير والشر.
كما سبقتها مهنة «الدومري» (عرض المسلسل عام 2014) التي وثقت الصراع على المفاتيح الاقتصادية لآغوات الشام الذين كانوا يسيطرون على الاقتصاد الدمشقي بين عامَي 1940 و1960.
تراجعت شركة «غولدن لاين»
عن قرار انسحابها من السوق الدرامية السورية
و«الدومري» اسم يطلق على صاحب مهنة شعبية قديمة هي تزييت الفوانيس التي كانت تضيء شوارع دمشق، من واجبه السهر في كل الظروف كي تبقى الفوانيس مضاءة، وأحياناً كان يبقى الشخص الوحيد في الحي أو الحارة. وقد ظلّت هذه المهنة سائدة حتى دخلت الكهرباء دمشق في مطلع القرن العشرين.
شبح التكرار
رغم طرح السيناريست عثمان جحى الرواية الدمشقية بطريقة مختلفة عن النمط التقليدي السائد في أعمال البيئة الشامية، يبقى السؤال حاضراً عن مخاوف الوقوع في التكرار والنمطية.
إلا أنّ الكاتب يؤكّد لنا أنّ النص بعيد من التشابه حتى على صعيد الحكاية، وسيكون المشاهد أمام وجهة نظر جديدة في المطلق، خصوصاً مع عدسة المخرج الشاب يزن شربتجي وبإشراف المخرجة رشا شربتجي.
وعلى صعيد الملابس، أشار جحى إلى أنّ مصممة الأزياء رجاء مخلوف مبدعة في هذا المجال وتتفهّم طبيعة العمل إلى جانب جهود الشركة المنتجة التي سخّرت أيضاً كل الإمكانات لإنجاح العمل.
مسلسلات الأجزاء
عن اللون الدرامي السائد عبر مسلسلات الأجزاء في رمضان، وإمكانية وجود جزء ثان لـ «النويلاتي»، يجيب جحى: «بالنسبة إلي أفضّل العمل على أفكار جديدة، إلا أنّ الطرح ما يزال سابقاً لأوانه. ورغم أنّ القصة مكتملة، إلا أنّها تحمل في طياتها إمكانية تغيير المسار بما تقتضيه الضرورة في أي وقت داخل إطار الحكاية.
نجوم العمل
اللافت أنّ العمل يجمع نخبة من نجوم الدراما السورية، من بينهم فادي صبيح، وسامر المصري، ومحمد حداقي، وفايز قزق، ونادين تحسين بيك، بالإضافة إلى إبراهيم شيخ إبراهيم، ورائد مشرف، ورامز أسود، وغزوان الصفدي، وحسين عباس، وجمال العلي، وأمانة والي، ووائل زيدان، وعلاء قاسم وغيرهم.
ويسجّل «النويلاتي» تراجع الشركة المنتجة «غولدن لاين» عن قرار انسحابها من السوق الدرامية المحلية، وعن توجّهها لتصوير أعمالها المقبلة في الإمارات ولبنان بعد ما يناهز 20 عاماً من العمل تركت عبرها بصمة واضحة في الدراما الاجتماعية والشامية، من دون أن توضح السبب المباشر لقرار المغادرة. وعدم إصدار الشركة أي بيان رسمي يوضح كواليس الخلاف، فتح المجال أمام تكهنات تدور حول «التضييق الرقابي» على الصناعة الدرامية السورية في ظل الظروف الراهنة.
إلا أن تحركات سريعة أقدمت عليها «لجنة صناعة الدراما» السورية لاحتواء الأزمة وإقناع الشركة بالعدول عن قرارها، إذ عُقد اجتماع ضم عضو اللجنة مروان الحسين، وعدداً من المعنيين في القطاع، مع إدارة الشركة المملوكة لعائلة الأحمر، وبحضور الكاتب عثمان جحى الذي لعب دوراً في ثني الشركة عن خيار مغادرة البلاد.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار