آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » الهوة تتسع بين الأجور الثابتة والأسعار الطائرة!

الهوة تتسع بين الأجور الثابتة والأسعار الطائرة!

 

علي عبود

 

قفزت في الأسابيع الأخيرة أسعار عدد من السلع والمواد التموينية إلى حدود لم تخطر على بال احد طالت قائمة طويلة من الاحتياجات الأساسية التي كانت تشكل حتى وقت قريب وجبة غذائية شعبية يومية للمواطن في فترتي الصباح والمساء .

وكانت آخر قفزة للأسعار الزيادة غير المبررة في أسعار الفروج واللحوم والبيض والأجبان لتكتمل بذلك دائرة الأسعار الطائرة التي شملت قائمة نموذجية من السلع والمواد الغذائية الأساسية التي لا غنى للمواطن عنها في حياته اليومية، وبتنا نتساءل تحت تأثير هذه القفزات المتسارعة في الأسعار وإطلاقها، وتحريرها من أي قيود سعرية أو رقابية: إلى أين تسير الأسعار؟ ومتى تستقر؟ وهل هناك سباق للأسعار تتنافس عليه السلع والمواد التموينية ؟

قد لا نصدق أجوبة المسؤولين على تساؤلات المواطنين، ولكن الذي نعرفه تماما أن الشريحة الواسعة من ذوي الأجور والدخول الثابتة التي تعتمد على كتلة نقدية شهرية متواضعة جدا لم تعد قادرة أن توفق ما بين الأسعار المتحركة يوما إثر يوم وبين أجورها الثابتة .

ونحن هنا لا ندعو إلى زيادة جديدة في الرواتب والأجور، وبخاصة أن الزيادة الأخيرة لم يمضِ عليها سوى عدة شهور، بل وهناك شرائح لم تقبضها حتى الآن، وإنما نطالب وندعو إلى وقفة متأنية أمام هذا الواقع الراهن الذي ترزح تحت وطأته آلاف الأسر التي تعيل الأجيال الصاعدة من شباب المستقبل أو الذين يحاولون منذ سنوات دخول سوق العمل دون جدوى .

فالهوة تتسع يومياً بين الأجور والرواتب الثابتة من جهة، وبين الأسعار التي تطير دوماً نحو الأعلى من جهة أخرى، ولو حاولنا أن نحصي عدد السلع والمواد التي قفزت أسعارها مؤخراً لوجدنا العجب ولصعب علينا تعدادها، وأصبح من السهل علينا بدلاً من ذلك تعداد السلع والمواد التي تتداولها الشريحة العظمى من المواطنين ، فهي ضئيلة إلى الحد الذي بالكاد تؤمن الحد الأدنى من التركيبة الغذائية الصحية للأسرة، إذ تخرج يوميا أعداد من السلع والمواد من اهتمامات ذوي الدخل المحدود لعدم قدرتهم على شرائها إلا في المناسبات والأعياد .

وكأنه لا يكفي كل ذلك فجاءت زيادات أخرى في أسعار الكهرباء والهاتف والمياه وأجور النقل حيث تجاوز مثلاً متوسط فاتورة الكهرباء الأخيرة مبلغ 1500 ل.س عن شهري أيلول وتشرين أي حيث لم تكن هناك حاجة للتدفئة أو التكييف الكهربائي، وكانت فترة التقنين عندها تتجاوز الست ساعات يوميا.

ونعود بعد ذلك لنؤكد بأن تقلص مكونات السلعة الغذائية للأسرة الناجم عن تراجع القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود يتطلب حلولاً جذرية، وهذه الحلول ليست قطعا بزيادة جديدة في الرواتب والأجور، وإنما في تحديد سلة الاحتياجات الأساسية لأصغر أسرة، وبالتالي زيادة الأجور والرواتب التي تؤمن شراء هذه الاحتياجات أو تخفيض أسعارها بما يتناسب مع الأجور الراهنة، أي أن المسألة ليست في زيادة الأجور وإنما في إقامة توازن بين دخل الأسرة واحتياجاتها الأساسية وهذا هو المهم.

وإذا تعذر تحقيق هذه المسألة فإن المطالبة تصبح مشروعة بتحقيق مسألة ربط الأجر بالإنتاج ، وهو مطب تضمنته توصيات ومقررات مؤتمرات حزب البعث ، وأكدت جميعها على السلطة التنفيذية لإخراجه إلى حيز التطبيق والسؤال هنا : ما الموانع التي تحول دون ربط الأجر بالإنتاج ؟

إن مثل هذا الربط يؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للعاملين دون أن يلحق الأذى بالعملية الإنتاجية بل على العكس فإنه يساهم في تطوير الإنتاج وجذب الكفاءات واستقطابها إلى القطاع العام الاقتصادي ويردم هذه الهوة المتسعة كثيراً بين الأجور الثابتة والأسعار الطائرة .

 

(سيرياهوم نيوز1- ـ البعث ـ 15/4/1992)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...