قالوا في تعريف المواطنة إنّها ظاهرة نفسية اجتماعية مركّبة قوامها:
حب الوطن، أرضاً وأهلاً أولاً، والسعي لخدمة مصالحه ثانياً، والتعلّق بتراثه ثالثاً، ولتكتمل المواطنة لابدّ من الاندماج في مصير الوطن.
في المقابل، تعرّف الدولة بأنّها الكيانُ الناظم للمجتمع.. كيانٌ يعيش فيه المواطن ضمن مجاله الجغرافي، ويحقّق فعل المواطنة.
ربما، هي مفاهيم ومصطلحات سياسية، وجزءٌ مهمٌ من أدبيات الحياة الاجتماعية العامة والخاصة، ولا يمكن أن تكون اصطلاحات إشكالية، كما لا يمكن أن نجتهد في تعريف المعرَّف وشرح المسلَّم به، فالدولة المستقلّة وصاحبة السيادة شرطٌ لكلِّ ما عداها، ولا شرط عليها، والمواطن الحقّ هو الذي يستنهض كلَّ ما يحمله في داخله من ولاء وانتماء لإظهارهما في زمن الحرب والسلم.
حروبٌ كثيرةٌ مرّت على كبرى الدول العالمية وأفقرها أيضاً، لكن لم يحدث في تاريخ الشعوب أن اجتمعت مثل هذه العصبة الإجرامية، كماً ونوعاً وعتاداً وتخطيطاً، كما كان الحال في الحرب الإرهابية على سورية..
تسعُ سنوات ونيّفٍ لم تحصد فيها تلك الدول العدوانية إلا الفشل الذريع الذي ألمّ بها في الميدان السوري الذي خذلها، وأصاب مشروعاتها الاستعمارية في مقتل، الفشل الذي راح يتكاثرُ ويستنهض مَكْرَهُ “لإيقاع” الدولة السورية في فخّ الحرب الاقتصادية والقرارات القسريّة الجائرة التي تنتهك كل القوانين الدولية والإنسانية، وتصل حدّ جريمة حرب في زمن «كورونا»، مصحوبةً بضخٍّ إعلاميٍّ مسموم عبر قنواتها الإعلامية المأجورة “لتأجيج” الشارع السوري وتأليبه ضدّ دولته، وافتعال أزمات اقتصادية واجتماعية، تستثمر فيها هذه الدول العدوانية ما أمكنها من أذرع حتى لو كانت جداراً افتراضياً في عالم «السوشال ميديا» المجنَّد لخدمة هدف عدوانيٍّ حقير يؤجج نيران الحرب النفسية.
تسعُ سنوات ونيّفٍ من الحرب القذرة على سورية، دمٌ.. قتلٌ.. تدميرٌ للبنى التحتية، استنزافٌ للموارد المحلية، تجاريها «بشاعةً» حربٌ اقتصادية مصحوبة بحرب افتعالية نفسية!
فهل الأزمات الدخيلة على الوطن من جرّاء حرب عدوانية يمكن أن تكون تربةً مواتيةً لتجنيد البعض والعمل لمصلحة الأجندات الغربية التخريبية من دون علم بالهدف المراد تحقيقه؟.
بالرجوع إلى تعريف المواطنة، فإنه لا يمكن تحقيق ذلك، لكن على الساحة الافتراضية، ومع العسكرة الإعلامية المموّلة لتحقيق الحرب النفسية، يمكن تحقيق هذا الأمر عبر نشر الشائعات، والمساهمة من دون قصد في تأجيج الأزمات، وتضخيم العثرات المؤسساتية بعدسة مكبِّرة مئات المرات.
في هذه الأثناء، على الإعلام الوطني أن يكون حائط الصد الأول لتلك الشائعات والأكاذيب عبر نقل الصورة الحقيقية بشفافية وموضوعية ومهنية، والعمل على تكرار الرسالة وضخّ أدلّتها الحيّة في مواجهة حقيقية مع العدو الافتراضي إعلامياً.. مع أخذ قوة «السوشال ميديا» في الحسبان من حيث سرعة الوصول الكبيرة للرأي العام ونفاذها إلى الفئات المتعلِّمة وغير المتعلِّمة.. لذلك، نعود ونؤكد أهمية الوازع الوطني والتمسّك بسلوكيات المواطنة التي، إن تخلخلت أو نقصت، كانت أشدّ فتكاً من القنابل ومن وباء كورونا على الوطن، وكم كان مؤلماً “الفيديو” الذي تناقلته مواقع «السوشال ميديا» قبل أيام لمواطن يفترض أنه سوري حسب بيانات ولادته، لكن سلوكه الشائن، وهو يحرق عملة وطنه، ويستبدلها بعملة تركيا العدو الأفَّاك، هو سلوك لا يمكن أن يؤطَّر إلا تحت عنوان الخيانة العظمى للدولة الأم- الوطن الذي يحمل جنسيته أينما حلّ.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)