آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » الوجه الثاني لـ«الانتصار»: تركيا تخشى «الفدرالية الكردية»

الوجه الثاني لـ«الانتصار»: تركيا تخشى «الفدرالية الكردية»

 

محمد نور الدين

 

رغم أن دونالد ترامب نصح، خلال ولايته الأولى، الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بألّا يكون أحمق، وأن يطلق سراح القس الأميركي المعتقل، آندرو برونسون، تحت طائلة «تدمير الاقتصاد التركي»، لكن إردوغان كان يعتبر أن علاقته مع ترامب، في ذلك الحين، «إيجابية». فهو يحفظ له قراره سحب القوات الأميركية من سوريا، قبل أن يتراجع تحت ضغط «البنتاغون»؛ حتى أن تمدُّد تركيا إلى مناطق في شرق الفرات، بين تل أبيض ورأس العين وبعمق 30 كيلومتراً، جاء بعد اتفاق مع إدارة ترامب، في خريف عام 2019. وخلال الحملة الانتخابية الأميركية، لم يخفِ إردوغان تفضيله فوز ترامب، أملاً في أن يسحب الأخير قوات بلاده من سوريا، ويرفع الغطاء عن «قسد».

وفي تصريحات هي الأولى له حول تركيا، قال ترامب، أول من أمس، إن «إردوغان شخص ذكي جداً، وقويّ جداً، وبنى جيشاً قويّاً جداً». ولعلّ أهمية ما أدلى به، أنه أتى بعد أيام قليلة من نجاح فصائل المعارضة المسلّحة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد، بدعم من أنقرة التي أصبحت صاحبة الكلمة العليا في هذا الملف. ولا شكّ أيضاً في أن الرئيس الأميركي المنتخب يتعاطى مع الحقائق على أرض الواقع، وفي مقدمتها أن تركيا شكّلت رأس حربة في التغيير الذي شهدته سوريا، وأنه لولاها لَمَا حدث ما حدث، ولا سيما لناحية إخراج ايران والتنظيمات الموالية لها من سوريا، وتالياً توجيه ضربة إلى محور المقاومة. كذلك، ومع أن ترامب يولي أهميّة أكبر للصين، ويريد إنهاء حرب أوكرانيا، إلّا أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة ترى في إضعاف روسيا في سوريا تمهيداً لإخراجها من هناك (من قاعدتَي حميميم وطرطوس)، عملاً تاريخيّاً.

من هنا، يُتوقَّع أن تسير العلاقات بين أنقرة وواشنطن في سوريا بخطًى إيجابية في عهد ترامب. ومع ذلك، فإن ما بات يعرف بـ«الورقة الكردية» في سوريا، ورعاية الولايات المتحدة لـ«قسد»، ستشكّل معضلة كبيرة أمام تطوّر العلاقات بين البلدين. فلا شيء، إلى الآن، يوحي بأن واشنطن قرّرت التخلّي عن الأكراد السوريين، فضلاً عن أن هؤلاء أنفسهم ليسوا في وارد التنازل عن مطالبهم التي رفعوها في وجه النظام السابق، لكي يتخلّوا عنها في الحقبة الجديدة: حقوق كاملة بما فيها صيغة الفدرالية، وفي الحدّ الأدنى الحكم الذاتي الموسّع. ومع أن الأكراد يتخوّفون من «سوابق» ترامب، فهم يأملون في أن يحمي الرئيس المقبل حقوقهم في إدارة ذاتية ضمن شراكة في الحكم السوري الجديد، مقابل ضمانات لتركيا بألّا يشكّل الأكراد أيّ تهديد لها. ورغم ما تقدّم، إلا أن أحداً لا يمكنه أن يتوقّع ما الذي ستكون عليه صيغة الحكم الجديدة في سوريا، ومدى صونها لحريات الأقليات العرقية والمذهبية والدينية وحقوقها، في حين يُتوقّع أن لا يسمح ترامب بحلّ المسألة الكردية على حساب الأكراد، وبالقوّة من جانب الأتراك، لأن هذا سيعني زعزعة للاستقرار في كل من سوريا وتركيا، كما في المنطقة، كونه سيفتح المجال أمام استغلال دول إقليمية أخرى تلك المسألة كورقة ضغط.

 

يُتوقَّع أن تسير العلاقات بين أنقرة وواشنطن في سوريا بخطًى إيجابية في عهد ترامب

 

 

وفي ردود الفعل الكردية على مجمل ما يجري، ولا سيما تهديد تركيا بتصفية «قسد»، يرى النائب الكردي السابق، هيشيار أوزصوي، في حوار مع صحيفة «أوزغور بوليتيكا» الكردية، أن «ما يجري في سوريا، تمّ التخطيط له من قبل»، معتبراً أن «سقوط الأسد قد يثير ارتياح تركيا، لكنه يثير مخاوفها، كونه يشيع مناخاً في أوساط إردوغان أنه: سقط الأسد وانفتحت الطريق أمام الأكراد لإقامة دولتهم»، وهو ما كان الرئيس التركي يخشاه. ولذلك، تضغط أنقرة الآن لمنع إعطاء الأكراد أيّ مكاسب في النظام الجديد. ويقول إن «اللعبة الدولية في سوريا كبيرة، ولا يمكن لإسرائيل هكذا أن تدمّر سوريا، وأن تتّخذ قراراً مفاجئاً باحتلال أراض فيها، ولا سيما في قمة جبل الشيخ. كان ذلك مخطّطاً له. وربّما أعطيت تركيا معلومات لتبدأ الهجوم في حلب، لأنه لم يكن لديها انطباع بأن الأسد يمكن أن يسقط هكذا. أكثر ما يهمّ الغرب الآن، ألّا يشكّل النظام الجديد تهديداً لإسرائيل». ووفقاً للصحيفة نفسها، فإن «تركيا تريد أن تُشكّل حكومة في دمشق من دون الأكراد، وتريد أن تستكمل سياسة الإبادة والصهر التي مارستها على امتداد القرن العشرين بسحق أكراد تركيا، وتعميم ذلك على أكراد سوريا؛ إذ إن هدفها الآن هو إحياء العثمانية الجديدة، وإقامة منطقة عازلة بعمق 40 كيلومتراً في سوريا. وتريد بهذا إحياء الميثاق الملّي من جديد».

وبمواجهة المخطّطات التركية لتصفية «قسد»، أصدرت «الإدارة الذاتية» من أمام مقرّها في الرقة، بياناً من عشر نقاط تضمّن الشروط التي تراها مناسبة لنجاح المرحلة الجديدة في سوريا، وهي: «حماية وحدة الأراضي السورية ولا سيما من هجمات القوات التركية؛ وقف إطلاق النار في كل سوريا والبدء بحوار مفتوح؛ إبداء الانفتاح وروح التسامح من أجل حماية التنوع في سوريا؛ عقد اجتماعات في دمشق تشارك فيها كل القوى السياسية في سوريا؛ أن تشارك المرأة بكثافة في العملية السياسية؛ أن تكون كل الثروات السورية لكل السوريين؛ عودة كل النازحين إلى ديارهم الأصلية وإنهاء عمليات التغيير الديموغرافي وحماية الهويات الثقافية للمكونات؛ مواصلة الحرب ضدّ الإرهاب الداعشي الذي بدأ يطلّ برأسه من جديد؛ أن تكون قوات سوريا الديموقراطية في قلب هذه المواجهة؛ إنهاء الاحتلال (التركي) وإقامة حسن جوار مع الجميع؛ وأخيراً دعوة الأمم المتحدة والدول العربية إلى أن تقوم بدور فاعل في سوريا وأن يكون هذا الدور لحماية أمن سوريا ومنع التدخّل في شؤونها الداخلية».

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ميقاتي: ما يعني لبنان في الملف السوري هو عودة اللاجئين إلى بلادهم

  رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي يدعو اللاجئين السوريين في لبنان إلى العودة إلى بلادهم، ويؤكد أن بلاده ملتزمة بتنفيذ الـ1701 وتطبيق تفاهم ...