بقلم :علي عبود
قد يتساءل الكثيرون في منطقتنا: ماهذه الوحشية “الإسرائيلية” التي تفوقت على النازية وعلى كل الجبابرة في التاريخ بارتكاب المجازر يوميا وبقتلها للأطفال والشيوخ والعجزة وباستهداف أطقم الإسعاف والدفاع المدني والإعلاميين وتدمير المدن والقرى على رؤوس المدنيين؟
بل ان البعض لم يُصدٌق أن تصل الوحشية بقادة العدو إلى قطع المياه والغذاء والدواء وكل سبل الحياة عن المدنيين العزل وتهجيرهم من مكان إلى آخر، وهي تطاردهم بقاذفات مذخّرة بأفتك أسلحة التدمير المحظّرة دوليا “نظريا”؟
وتستغرب معظم دول العالم ومعهم مليارات البشر: كيف يُمكن لوحش أن يرتكب المحرمات والمحظورات ضد الإنسانية دون حسيب أممي يقول له: كفى!!
كل هذه التساؤلات الممزوجة بالدهشة والإستغراب مع غضب عالمي يومي من شعوب العالم لن تفيد شيئا طالما أن البوصلة الحقيقية لكل ماجري ويجري وما سيجري في العالم، سببه الوحش الأمريكي الكبير، وليس الوحش الإسرائيلي الصغير، فعلّة العلل في هذا العالم منذ الحرب العالمية الثانية هي أمريكا، وليس أحد غيرها، لأن العالم لم يجرؤ على مواجهتها كما فعل مع الطغاة والوحوش على مرّ التاريخ.
لقد افتتح الوحش الأمريكي طريقه للهيمنة على العالم بالترويع، فهو ليس أول من يبيد شعبا بكامله ليحتل أرضه فقط، بل هو أيضا أول من استخدم القنابل النووية لإرغام اليابان على الإستسلام بلا قيود أوشروط، ومن المستغرب أن تتحول اليابان على مدى العقود الماضية إلى تابع للأمريكان لم تجرؤ حتى الآن الطلب منها باعتذار على المجزرة النووية التي ارتكبتها في كل من هيروشيما وناكازاكي وغير المسبوقة في تاريخ الإنسانية!
لم يتردد الوحش الأمريكي “هاري ترومان” بإطلاق السلاح الذري “الولد الصغير” يوم 6/8/1945 على مدينة “هيروشيما”، ويبدو أنه تلذّذ بنتائج المجزرة التي ارتكبها على البشر والحيوانات والمباني ومحو كل أثر للحياة في المدينة ومحيطها، فقرر ارتكابها مجددا فأمر بإطلاق القنبلة الذرية الثانية “ الرجل البدين” في 9/8/1945 على “ناغازاكي” كي يضمن استسلام اليابان سريعا دون أن تتكبد أمريكا خسارة بشرية ولو كانت جنديا واحدا.
لقد قتل الوحش الأمريكي في ثوانٍ قليلة 140ألف مدني في هيروشيما، و80 ألف مدني في ناكازاكي، وقتل لاحقا قبل وبعد غزوه للعراق عام 2003 أكثر من مليوني مدني، بالإضافة إلى ملايين المدنيين في الحروب التي شنها أو شارك فيها أوتسبب فيها عن بعد، وأشهرها حربه في فييتنام وأفغانستان.
وباستثناء كبار الإستراتيجيين فإن قلة تعرف أن معدل القتل اليومي للوحش الأمريكي لايقل عن 30 شخصا في مختلف دول العالم باستثناء الحروب الكبيرة كالقائمة حاليا في أوكرانيا والسودان وليبيا وغزة ولبنان!
قال أحدهم ساخرا: الفارق بين الرئيسين أوباما مفجر “الربيع العربي” وترامب “ البزنس مان” إن الوحش الأول كان معدل مايقتله يوميا 33 شخصا، في حين كان معدل القتل اليومي للوحش الثاني في أقل من 27 شخصا، وقطعا فإن الوحش بايدن تجاوز الوحشين أوباما وترامب، بل وتجاوز الوحش ترومان فهو يقتل يوميا بشراهة غير مسبوقة عشرات الآلاف في معظم مناطق العالم ولسانه يلهث بنهم: أما من مزيد!!
نعم، الوحش “الإسرائيلي” يتصرف على صورة مشغّله الوحش الأمريكي، ولكنه لايزال تلميذا أمامه لأنه لم يتمكن من إبادة الفلسطينيين، ولا بإرغام المقاومين على الإستسلام بلا قيود وبلا شروط!
وأمام هذا الكم الهائل والمروع من المجازر التي يرتكبها الوحش “الإسرائيلي”، هل يتوقع دعاة الشرعية الدولية والتشريعات الإنسانية التي تحمي العزل والمدنيين أن يستجيب الوحش الأمريكي فيرفع العقوبات عن الدول التي يستهدفها بحروب فاقت حروب كل الطغاة والجبابرة في تاريخ الإنسانية؟
لايهم الوحش الأمريكي مايفعله ابنه المدلل الوحش “الإسرائيلي” بالمدنيين بل يشجعه على قصف معابر الحدود بين لبنان وسورية، كي يمنع المدنيين مع أطفالهم من النجاة كي يُطبق عليهم الحصار ويمنع عنهم الغذاء وكل سبل الحياة..الخ.
وعندما يدمرالوحش الصغير المشافي ويقصف عناصر وسيارات الإسعاف ويمنع الخدمات الطبية عن المدنيين المصابين بأمراض خطرة واحتياجاتهم الى مراجعات يومية لغسل الكلى أو تلقي العلاج السريع والإسعافي بفعل مايرتكبه من مجازر، فإن آخر اهتمامات الوحش الأمريكي الكبير رفع العقوبات عن سورية لتتمكن من تأمين الأدوية النوعية للنازحين المصابين بأمراض خطيرة يحتاجونها يوميا، فمن يقتل عشرات الآلاف لن يرفّ له جفن لإنقاذ بضعة آلاف بفعل نقص الأدوية الضرورية.
نعم، القطاع الصحي الوطني في سورية كان من أكثر القطاعات تضررا بسبب الحرب الإرهابية والعقوبات الاقتصادية، وهو لايستطيع تلبية حاجة النازحين من لبنان، ولكن من يتوقع أن يكون الوحش الأمريكي متضايق من هذا الأمر فهو إما واهم أو ساذج، بل أن هذا الوحش سيُشدد الحصار أكثر فأكثر كي يزداد عدد ضحاياه، فبنظره، قد يكون هذا القتل من أنواع الضغط لإرغام المقاومة اللبنانية للإستسلام للوحش “الإسرايلي” بلا قيد أو شرط.
الخلاصة: لن تفيد كل بيانات وزارتي الصحة اللبنانية والسورية، ولا بيانات المنظمات الحكومية ولا بيانات المنظمات الإقليمية والأممية كمنظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي وصندوق الأمم المتحدة للسكان والهيئة الطبية الدولية، ومنظمات العمل ضد الجوع..الخ مع الوحشين “الإسرائيلي والأمريكي” لإنقاذ ملاييين المدنيين من القتل والجوع والتشريد وبتأمين الأدوية والرعاية الصحية، فمن يقوى على ردع الوحش وإعادته إلى الزنزانة هم المقاومون على الحافة الأمامية في الجنوب، ولا أحدا سواهم قادر على ردع الوحوش!!
(موقع سيرياهوم نيوز-1)