بسام الابراهيم
لم تعد الوردة الشامية مجرد نوع من الزراعة تسري جذورها في أراضي قرية قلعة المهالبة بريف القرداحة بل أصبحت صديقة الأهالي الذين ينتظرون ساعات الصباح الأولى للاعتناء بها.
فبينما يضع المزارع يسير نديم هلالة بتلات الوردة التي لم تتفتح بعد في سلة القطاف لتحتفظ برحيقها وزيتها يتطلع بعين الرضا إلى انتشار زراعة هذه الوردة في قريته التي تختفي معها علامات حرائق عام 2020 التي أخذت معها أرزاق الأهالي من زيتون وأشجار مثمرة وغيرها.
هلاله الذي خبر زراعة الورود بأنواعها منذ 40 عاماً والشامية من عشر سنوات ويهتم بها كأنها من أفراد عائلته يقول لم تترك لنا الحرائق أي شيء نعيش منه من مواش ونحل وأشجار وخيرات ويصف ذلك بقوله الحكي غير الشوف، لكنه يرى أن زراعة الوردة الشامية كانت من الخيارات الناجحة لتعويض مصادر الدخل على المزارعين في قريته فالبيئة مناسبة، والتربة خيرة والنبتة تعطي كل من يحبها.
في حقله المحيط بمنزله ويطل عليه من شرفة واسعة تتسع لكل محبي الورد تجد أنواعاً مختلفة من الورود التي تتقاسم الأرض مع أشجار مثمرة متنوعة وتتوسطه شتلات الوردة الشامية وأخرى اختار لها أن تكون على أطراف الحقل زرعها قبل سنوات.
يدرك الرجل الستيني أن إنتاج الغراس الجديدة لا تعطي إلا القليل في موسمها الأول لكنه متأكد من إنتاجها المضاعف والوفير خلال الأعوام القادمة، وهو يدعو جميع أبناء قريته لزراعتها والاستثمار بها كمصدر دخل وفير.
هلالة مزارع من مئة مزارع في قريته حصل على مئة شتلة مجانية وسلة زراعية وبذور وشبكات ري بالتنقيط كنوع من الدعم للأهالي في القرية لتنويع مصادر دخلهم قدمته الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع شركائها في مديرية الزراعة واتحاد الفلاحين والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة اكساد.
صفاء بدور مديرة برنامج مشروعي في الأمانة السورية للتنمية باللاذقية تقول: تضررت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في قلعة المهالبة كغيرها من قرى ريف المحافظة وبحثنا عن مصادر دخل بديلة للأهالي في هذه القرية التي نتواجد بها ضمن برنامج مشرعي منذ عام 2014 وكانت الفكرة من أهالي القرية أنفسهم زراعة الوردة الشامية باعتبار أن الظروف كلها مناسبة لزراعتها.
بدأ تطبيق الفكرة وفق بدور بتأسيس الجمعية التعاونية الانتاجية للوردة التي ضمت 100 مزارع لتتبعها خطوات عملية أخرى في تقديم الشتول المجانية والسلل الزراعية والأسمدة وغيرها من الاحتياجات.. والتنسيق المتواصل بين الخبراء والمزارعين من بداية موسم زراعة الشتول وصولاً للقطاف والتقليم والتدريب.
لم يتوقف المشروع عند هذا الحد كما تقول بدور.. سنعمل على التوسع بالمساحات المزروعة وإنشاء مشتل خاص بها وزيادة الإنتاج للدخول بمراحل جديدة منه وتدريب المزارعين على تقطير الوردة لتكون أكثر عائدية.. واصفة ذلك بأنه حلم يتحقق مع التعاون الكبير من الأهالي.. لتكون هذه الوردة مصدر دخل ورديفاً لهم لحين عودة أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار المتضررة من الحرائق للإنتاج.
في هذه الزراعة تتشارك الأسرة الاهتمام بالشتلات والقطاف وإنتاج الزيت وماء الورد والمربيات والزهورات.. وتبدي سيدات من القرية سعادتهن وهن يعملن في الأرض وتقول ليلى رجب: “مع لحظات الشمس الأولى نكون في الحقل.. صحيح أن الإنتاج هذا العام قليل لكن العمل مع الورود ممتع.. هي لا تحتاج إلى جهد كبير ومع الدعم الذي توفره الأمانة السورية للتنمية نثق بأننا مقبلون على إنتاج أكثر لاحقاً.
ليلى رجب وجارتها نغم صالح صنعا بعضاً من قطاف ورودها هذا العام زهورات ومن بعضه الآخر ماء الورد.. ويتابعان مع الأمانة السورية للتنمية وخبراء اكساد والجمعية الفلاحية لتحصلا على الخبرات لكامل حلقة إنتاجها.
بعد سنتين على الحرائق التي اندلعت في قلعة المهالبة يجهد الأهالي لإعادة الحياة إلى أرضهم وهو حلم يتحقق مع إعادة زراعة الأرض المتضررة والاهتمام من الأمانة السورية للتنمية مع شركائها على الأرض في هذا المشروع وأصبح من يزور هذه القرية يخرج بباقة ورد تحمل كل ألوان المحبة والأمل.
سيرياهوم نيوز 6 – سانا