| إسماعيل مروة
بعيداً عن العبارات الإنشائية الجميلة المعتادة التي يرصفها الكاتبون عن منابرهم «بيتي الثاني» أو «بيتي الأول»، أو غير ذلك من العبارات المعتادة التي أراها تكتب من باب أداء الواجب، بعيداً عن هذا أتحدث عن صحيفة «الوطن» المكان الذي أتشرف بالعمل فيه، وأباهي بانتمائي إليه، وأزدهي بولائي له وإخلاصي، فقبل ثمانية عشر عاماً من اليوم كانت «الوطن» تتأهب لتكون صوتاً سورياً إعلامياً خاصاً ومنتمياً، بعد شهور من العمل المضني والتخطيط والماكيت والاجتماعات والكادر، وكل ذلك يتابعه رئيس التحرير الأستاذ وضاح عبد ربه على مدار الساعة..
ثمانية عشر عاماً من الصحافة والمهنية التي أرساها رئيس التحرير ولم تكن معهودة في مؤسساتنا، ثبات وتطوير ودورات ومشاركات وتدريبات، وتواصل مع المجتمع والجامعة بشكل مفتوح لا تحفظ فيه..
قد أكون وحدي أو من القلة في التحرير الذين بدأت «الوطن» تعبر عنهم، ولا أزال في مكاني وعملي، وقد شهدت تقلبات الحياة، والتطورات والحرب والموقف، وتغير الأشخاص وكل ما كان، وأظني كنت قريباً من رئيس التحرير لأسباب كثيرة، وبإمكاني أن أتحدث عن «الوطن» المؤسسة المتميزة والمتمايزة من خلال سياسة عمل وإدارة وتحرير أرساها رئيس التحرير، وطورها في كل يوم دون أن يخرج عن ثوابته المهنية والإنسانية والإدارية، وإني إذ أكتب في ميلادها الثامن عشر، فإنني أدون تجربة لا شهادة، وعيشاً لا تعايش فيه، وأتحدث عن عشق لا عن إكراه وقبول بالمتاح..
يعرف كثيرون ممن عملوا في «الوطن» أو عايشوها أو تابعوها الانطلاقة القوية، والتي لا تزال ترافقها، واستمرت على مستوى يتطور ويرتفع، ولم يخضع للمراهنات التي كانت ولا تزال، إدارة وتحريراً وإخراجاً وطباعة، كانت «الوطن» متميزة في رحلتها وحلتها ورسالتها، وبرأي الإدارة ودعمها أصدرت الصحيفة ملاحق عديدة دورية، للشباب والمجتمع والإعلام، وأقامت في مراحل عديدة، ولا تزال تدريباً للخريجين في كلية الإعلام، أو لمن يعشق الإعلام وله فيه نصيب، والمتدرب يمارس تدريبه في الأقسام كافة، ليتعرف على كل فاصلة في العمل، ثم يتم تحديد القسم الذي يمكن أن يبدع فيه فيما لو كان من المعينين، وقد صدرت «الوطن» عدداً لا يستهان به من الخبرات والطاقات التي صارت في مكانة مرموقة حيث حلَّت.
و«الوطن» استضافت على صفحاتها أقلاماً كبيرة، وهامشها الفكري كان أكبر مما يتوقعون،ولم يغادروها إلا من تلقاء أنفسهم، أو من وجودهم خارج حدود المنطق..
خاضت «الوطن» معارك عديدة من أجل سورية ومصالحها، واصطدمت في مرات عدة بمسؤولين في مواقع القرار، لكنها لم تتراجع عن موقفها المنحاز إلى سورية الوطن، وأثبتت الأيام على الدوام صوابية النظرة الوطنية في مواجهة الفاسدين والفساد في أي مكان كان الفساد.
الهدوء والسكينة يسيطران على الصحيفة ومكاتبها وكوادرها، فلا وجود لأي نوع من الصراخ والفوضى والصراعات على الإطلاق، فكل واحد يعرف مهامه ويعمل بها، والإدارة تعمل وفق الأسس والإنجاز، لذلك لا مجال لأي افتعال تنافسي، وأي مشكلة يمكن أن يتم التعامل معها وحلها ببساطة دون أي إشكال..
وأذكر خلال هذه الأعوام أن الإدارة لم تعمل على إعفاء واحد من العاملين إلا إذا خرج هو من نفسه، أو إذا تعارض تعارضاً تاماً مع المصلحة الوطنية، وفي ذلك كان التعامل سواسية بين جميع المنتمين إلى هذه المؤسسة.
وعلى صعيد شخصي أسجل للصحيفة ورئيس تحريرها الأستاذ وضاح هذا النزوع إلى الثبات والاستقرار، ومنح الثقة للكادر في الصحيفة، وعلى مدى تسعة عشر عاماً لم يتم أي توجيه نحو شيء، ولم يتم منع أي مادة من المواد، وكانت ثقته المطلقة دافعاً للتجويد، وحافزاً للانتماء إلى الصحيفة ورسالتها، وللصحيفة الفضل في الاستقرار النفسي والمهني، وقد ساعدت كثيراً في بناء علاقات شخصية لم تكن لولا الصحيفة، فلها الفضل كله، وفي عيد ميلادها الثامن عشر أضيء شمعة من روح ومعرفة في محرابها، عسى أن تبقى منارة في قابل الأيام، وفي حياة سورية الناهضة للأيام.
سيرياهوم نيوز١_الوطن