آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » اميركا تستعيد استقلالها

اميركا تستعيد استقلالها

 

كتب محمد خير الوادي :

هذه الجملة ليست من عندي ، وانما قالتها صحيفة هآرتس الاسرائيلية ، التي افردت مقالة كاملة ، تتحدث فيها عن الشرخ الذي اصاب مؤخرا العلاقات بين واشنطن وتل ابيب في ظل ترامب .اقتبس من المقالة جملة أخرى تقول : ان الولايات المتحدة – ولاول مرة منذ 250 عاما – بدأت تستيقظ وتتصرف كدولة مستقلة لا ” كجمهورية موز” ( تابعة لاسرائيل ). واضيف من عندي : انه اول مرة منذ سنوات طويلة ، يأتي رئيس امريكي الى الشرق الاوسط ، وقد استرد جزئيا مفتاح القرار الامريكي من مكتب نتنياهو ، ولايضع غشاوة اسرائيلية على عينيه.

اعتقد ، ان سبب هذا التحول الامريكي – الذي آمل ان يستمر – ،يكمن في ان الرئيس ترامب ،صاحب الشخصية الطاغية ، والمعتد كثيرا بنفسه ، قد اكتشف ،ان نتنياهو صار يشاركه في الهيمنة على القرار الامريكي ، لا بل ان رئيس الحكومة الاسرائيلية قد تجرأ على التواطؤ مع بعض اركان الادارة الامريكية ،لا سيما مع مستشار الامن القومي ، من اجل اتخاذ قرارات من وراء ظهر ترامب، تخالف التوجهات العامة للادارة الامريكية ازاء ايران. اضافة الى ذلك ،ادرك ترامب ان نتننياهو يعد ولا يفي ، ويكذب دائما ، ويلف ويدور للتهرب من التزامات اخذها على نفسه ، وانه يسير على نهج يخالف احيانا سياسة ترامب . ومعروف ، ان سيد البيت الابيض الحالي ، يمقت كل من ينافسه او يتجاهله ، ولا يطيق من يتآمر عليه ، حتى لو كان هذا الشخص نتنياهو .

كما اكتشف ترامب جانبا آخر من تعامل رئيس الوزراء الاسرائيلي معه هو ، أن اغداق الهدايا على نتنياهو ، والافراط في تقديم الخدمات المجانية له ، لم يجعلا رئيس الوزراء الاسرائيلي سلس القيادة لين العريكة او اكثر اعتدالا ، اومستعدا لتنفيذ كل ما يرغب به ترامب . والدليل على ذلك ، ان نتنياهو قد ازداد تطرفا ، واسهم في هيمنة المتطرفين العنصريين على قرار الحكومة الاسرائيلية . وهذا يعرقل كثيرا نجاح السياسة الامريكية في الشرق الاوسط .

وقد بدأت علامات انزعاج ترامب من صديقه القديم تطفو على السطح . فقد عزل الرئيس الامريكي مستشاره للأمن القومي مايك والتز ،الذي فتح اسرار البيت الابيض امام نتنياهو ،وعمل خفية معه . كما سارعت ادارة ترامب الى ابرام اتفاق وقف اطلاق النار مع الحوثيين دون اعلام رئيس الحكومة الاسرائيلية ، والغى ترامب زيارة وزير الدفاع الامريكي الى اسرائيل ،واستثنى تل ابيب من اول جولة خارجية يقوم بها في الشرق الاوسط .والشيء المهم كذلك ، ان ترامب قد تجاهل الموقف الذي كان يصرعليه نتنياهو ، وهو ،ربط التعاون النووي الامريكي المزمع مع السعودية ،بشرط التطبيع مع اسرائيل . كما بدأ الرئيس الامريكي محادثات مع ايران وفتح باب اتفاق سلمي معها ،دون التنسيق مع اسرائيل ، وهو امر كان يعارضه نتن ياهو بشدة . وفي الوقت الذي يخوض رئيس الحكومة الاسرائيلي حرب ابادة مع حماس في قطاع غزة والضفة ، اقدم البيت الابيض على اجراء محادثات مع قادة حماس من وراء ظهر نتنياهو .

وانا آمل ان يتحررالرئيس ترامب كذلك من تأثير احقاد نتنياهو على سورية ، وان يبادر الرئيس الامريكي الى الغاء العقوبات ضدها وتقديم المساعدة لها . لا سيما ان الوقائع تفيد ، ان الضغط الاسرائيلي الكثيف على واشنطن ، هو الذي يعرقل الغاء العقوبات الامريكية ضد سورية ، وهو – اي الضغط الاسرائيلي – يشوش الرؤية الامريكية ازاء الاستقرارـ ويساعد في تأجيج الطائفية . وهي امور تتعارض مع السياسة الرسمية المعلنة لادارة ترامب ـ،التي تقول بالحفاظ على وحدة سورية واستقرارها .وستكون مفاجأة سعيدة حقا ، لو تجاهل الرئيس الامريكي مواقف نتنياهو هذه فيما يخص سورية ، واقدم على فتح صفحة جديدة من التعاون معها .

واختم مقالتي ، بالاعراب عن الامل في ان يواصل الرئيس ترامب تخليص امريكا من الهيمنة الاسرائيلية ، التي وصلت الى حد معيب وغير لائق بدولة عظمى . والدليل على ذلك ما ذكرته الصحيفة الاسرائيلية ، من ان اسرائيل كانت تعامل البيت الابيض على انه فرع من مكتب رئيس وزرائها ، وتتدخل في صياغة كل جملة في الوثائق التي تصدرها واشنطن بشان اسرائيل
(اخبار سوريا الوطن٢-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عدم هزيمة ايران انتصار.. وعدم انتصار إسرائيل وامريكا هزيمة.. وتدمير ناطحات السحاب في تل ابيب وحيفا هو دليلنا.. وهذا ردنا على أكاذيب ترامب ونتنياهو

عبد الباري عطوان اذا اردنا ان نعرف من المنتصر ومن المهزوم في العدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك على ايران الذي استغرق 12 يوما، وانتهى بإتفاق امريكي ...