| حسني محلي
كمال كليجدار أوغلو أكد في لقائه مع قيادات حزب “الشعوب الديمقراطي” ضرورة الحل السياسي والسلمي للمشكلة الكردية في تركيا. وقد يساهم ذلك بشكل إيجابي في التوصّل إلى حلّ مماثل لهذه المشكلة في سوريا.
مع استمرار النقاش الرافض لترشيحه لولاية ثالثة، وهو ما يمنعه الدستور، يواجه الرئيس إردوغان العديد من
المشاكل، ليس فقط في تحدّيه لحملات المعارضة، بل أيضاً داخل حزبه والقوى الحليفة له.
فالجميع يتذكّر كيف أن حليف إردوغان المهم وهو دولت باهشالي، زعيم حزب الحركة القومية، كان من ألد أعدائه حتى أواسط 2015 وهو حال وزير الداخلية سليمان صويلو، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان كورتولموش، حيث كانا ينتقدان إردوغان بأشد العبارات، وهما الآن مواليان له، فيما لم يبقَ إلى جانبه في السنوات الماضية إلا عدد قليل جداً من مؤسسي الحزب وفي مقدّمتهم الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، والأخيران هما الآن حليفا كمال كليجدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة لانتخابات الرئاسة.
وأراد إردوغان أن يعوّض خساراته هذه بالسعي للتحالف مع أحزاب صغيرة ومنها حزب “الرفاه الجديد” الذي يتزّعمه فاتح أربكان، نجل الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، على الرغم من أن شعبيته لا تتجاوز 1%. وعلى الرغم من أن إردوغان حظي بتأييد حزب “الهدى” وهو إسلامي كردي متطرّف، إلا أنه فشل في إقناع فاتح أربكان، الذي قال في آخر لحظة إنه لن ينضمّ إلى تحالف الجمهور الذي يتزعّمه إردوغان.
وجاء رفض أربكان هذا بعد الانتقادات العنيفة التي تعرّض لها وذكّرته بانتقادات والده لإردوغان وقال عنه وعن حزبه وأكثر من مرة: “إنه صنيعة أميركية إسرائيلية يهودية”. ومن دون أن يتراجع إردوغان عن نهجه هذا.
وقيل إنه أقنع محرم اينجا لدخول سباق الرئاسة كي يمنع بذلك فوز كمال كليجدار أوغلو من الجولة الأولى من الانتخابات. مع التذكير أن اينجا كان منافساً لإردوغان في انتخابات الرئاسة في حزيران/يونيو 2018 وباسم حزب الشعب الجمهوري وحلفائه الذين حقّقوا انتصاراتهم المعروفة في الانتخابات البلدية في آذار/مارس 2019 وفازوا في إسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة وأنطاليا ومرسين والعديد من الولايات المهمة.
وجاءت الصدمة الكبرى بالنسبة لإردوغان عندما أعلن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (قد تتخذ المحكمة الدستورية العليا قراراً بحظره أواسط الشهر المقبل) وحلفاؤه من الأحزاب اليسارية أنه لن يشارك في الانتخابات الرئاسية وهو ما اعتبرته الأوساط السياسية تأييداً من الحزب لمرشح تحالف الأمة كمال كليجدار أوغلو.
وتوقّعت جميع استطلاعات الرأي لكليجدار أوغلو أن يحظى بدعم ما لا يقلّ عن 55% من مجموع أصوات الناخبين، فيما تراهن استطلاعات أخرى على أن هذه النسبة قد تصل إلى 60% بسبب ردود الفعل العنيفة لسياسات إردوغان الداخلية والخارجية، وبشكل خاص فشله في التعامل مع تبعات الزلزال وقبل ذلك الأزمة المالية والاقتصادية الخطيرة.
ويقول الناخب التركي إن سبب جميع هذه الأزمات هو الفساد الذي تورّط فيه إردوغان وأفراد عائلته والمقرّبون منه، وقدّر زعيم الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو حجم هذا الفساد بـ 418 مليار دولار، كما أنه تحدّث عن اختفاء 128 مليار دولار من احتياطيات المصرف المركزي، وقال إنه بعد استلامه السلطة سيلاحق كل المسؤولين عن هذه السرقات وسيحاسبهم.
وجاء الرفض السوري ومعه المصري لمساعي المصالحة مع أنقرة وتأجيل الموضوع إلى ما بعد الانتخابات أيضاً ليضع الرئيس إردوغان في وضع أصعب بعد أن عقد آمالاً كبيرة على هذه المصالحات التي يبدو أن موسكو لم تعد متشجّعة لها بسبب التطورات الإقليمية الأخيرة وأهمها المصالحة السعودية-الإيرانية بوساطة صينية.
وبالعودة إلى قرار “الشعوب الديمقراطي” بتأييد كليجدار أوغلو، مع التذكير أن شعبية الحزب المذكور ستصل إلى 12% تقريباً، يبدو أن ذلك سيضمن فوز كليجدار أوغلو، الذي أكد في لقائه مع قيادات “الشعوب الديمقراطي” أول أمس ضرورة الحل السياسي والسلمي للمشكلة الكردية في تركيا.
وقد يساهم ذلك بشكل إيجابي في التوصل إلى حل مماثل للمشكلة الكردية في سوريا باعتبار أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا هو الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، وحزب الشعوب الديمقراطي وهو ثالث حزب في البرلمان التركي وهو الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
ويتوقّع البعض لمثل هذه الحسابات أن تزداد أهمية إضافية بسبب أحاديث كليجدار أوغلو المتكرّرة عن ضرورة المصالحة العاجلة مع الرئيس الأسد، وإعادة فتح السفارات والاتفاق مع دمشق حول مجمل التفاصيل الخاصة بحل الأزمة السورية وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال فترة أقصاها عامان على أن تساهم تركيا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب. ومن دون أن تعني كل هذه المعطيات أن الأمور ستكون سهلة هكذا بالنسبة للمعارضة لأن الجميع يعرف أن إردوغان لا ولن يتقبّل الهزيمة هكذا بسهولة.
ويدفع هذا الاحتمال العديد من الأوساط السياسية للحديث عن سيناريوهات مثيرة وعنصرها الرئيسي هو التصعيد وتفجير الوضع الأمني وتضييق الحصار على وسائل الإعلام المعارضة واحتمالات إغلاقها تماماً قبل الانتخابات، كما هو الحال بالنسبة لشبكات التواصل الاجتماعي التي يتوقّع الكثيرون لإردوغان أن يحجبها بعد أن تبيّن له أن المعارضة هي الأقوى في هذا المجال على الرغم من سيطرة إردوغان على الإعلام الحكومي برمّته و90% من الإعلام الخاص وهو ما لم يعد كافياً لإقناع المواطن للتصويت له، والرأي السائد في الداخل والخارج هو أنه سيخسر الانتخابات مهما فعل.
هذا بالطبع إن لم تكن في جعبته مفاجآت ليست في حسبان أحد، ومنها عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات أو الادعاء بتزويرها، حتى إن كان ثمن ذلك باهظاً جداً بالنسبة لتركيا ومستقبلها.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين