| علاء حلبي
جاءت انتخابات الإدارة المحلّية في سوريا، مكمّلةً لانتخابات مجلس الشعب والرئاسة، إذ حملت هي أيضاً رسائل إلى الداخل كما الخارج، سواءً من خلال إجرائها في موعدها المحدَّد، أو عبر التحسينات التي أُريدَ تظهيرها فيها عشيّة الاستحقاق، بما يكفل إنتاج مجالس مغايرة لِما أفرزته التجارب السابقة – وهو ما لا يبدو أن ثمّة مؤشّرات إلى تَحقّقه -. كذلك، بدا أن توقيت الانتخابات سياسي بامتياز لِمَا حمله من رسائل إلى الخارج الذي انتقل من مرحلة «إسقاط النظام»، إلى مرحلة تطبيع العلاقات معه
انطلقت في المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية انتخابات الإدارة المحلية التي يتنافس فيها 59498 مرشحاً على 19086 مقعداً في 7348 مركزاً انتخابياً، بعد زيادة 1200 مركز. وفيما أعلنت دمشق رغبتها في أن تسهم هذه الانتخابات في التقدُّم خطوة نحو «اللامركزية الإدارية»، تُظهر نظرة على القوائم الانتخابية في المحافظات، اكتساحَ ممثّلي حزب «البعث» لقوائم «الجبهة الوطنية»، ممّا نتج منه – مثلاً – نجاح قائمة «الجبهة» في المجلس البلدي في تجمّع شبعا في القنيطرة بالتزكية، بعد انسحاب مرشَّحَين مستقلَّيْن. وإذ ظهرت عشيّة الاستحقاق ملامح خوْض عناصر شابة الانتخابات، فإن ذلك يظلّ مرهوناً بالنتائج النهائية، التي يُستبعد أن تُفرز تغييرات كبرى، على رغم التحسينات التي أريدَ إدخالها من خلال القانون 107 الصادر عام 2011. وبعيداً من مضمون الانتخابات وما ستؤول إليه نتائجها، تنظر دمشق إليها على أنها «بوابة» لإصلاح ما خرّبته الحرب على صعيد البنية المجتمعية والسياسية في بعض المناطق السورية، وهو ما ظهر بوضوح خلال النقاشات التي خيضت بين دمشق و«قسد»؛ إذ ترى الحكومة السورية في الإدارة المحلية منفذاً جيّداً يمكن من خلاله ضمان مشاركة فئات المجتمع بما يمنحه القانون من مساحة حرية كبيرة نسبياً للعمل، غير أن هذا الطرح لم يلقَ استجابة من جانب «قسد» في حين، في ظلّ إصرارها على الحفاظ على «الإدارة الذاتية».
تحمل الانتخابات المحلية رسائل خارجية متمّمة لتلك الناتجة من انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية
إلى الرسائل الداخلية التي حملتها انتخابات الإدارة المحلية، والآمال المعقودة عليها لإحداث تغيير فعلي في آلية المجالس المنتَخبة، تحمل الانتخابات بالنسبة إلى دمشق رسائل خارجية، يمكن اعتبارها متمّمة لنتائج انتخابات مجلس الشعب عام 2020، والانتخابات الرئاسية العام الماضي، وهو ما مهّد الأرضيّة نحو الانتقال إلى مرحلة جديدة من تطبيع العلاقات بين سوريا وبعض الدول، مع انتهاء مرحلة «السعي إلى إسقاط النظام» بشكل نهائي. وبخلاف الحملات الدعائية والانتخابية التي شهدتها انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية، بدت حملات انتخابات الإدارة المحليّة خجولة، حيث شهدت بعض المحافظات تعليق صور المرشحين، الذين اكتفى بعضهم بالإعلان عن مشاركته، فيما قام آخرون بعرض برامجهم الانتخابية. وفي وقت تفاوتت المشاركة من منطقة إلى أخرى، ذكر رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات، جهاد مراد، في تصريح صحافي، أن «المشاركة مقبولة». وسبق إجراء الانتخابات محاولة ظهرت بوضوح عبر وسائل الإعلام الرسمية السورية لتبيان أهميّتها وشرْح التغييرات التي يمكن أن تؤدّي إليها، والدور المأمول منها، سواء على مستوى رفع سوية المعيشة والخدمات، أو على مستوى تمتين حلقات الوصل بين المواطنين والحكومة، وهو ما عبّر عنه صراحة رئيس مجلس الوزراء السوري، حسين عرونس، الذي قال، في تصريح للصحافيين أعقب مشاركته في الانتخابات، إن «الإدارة المحلية هي الأداة التنفيذية للحكومة على أرض الواقع، وهي صلة المواطن مع الدولة مباشرة»، لافتاً إلى أن «الدولة تنظر إلى الانتخابات باعتبارها مرحلة ستؤدّي إلى نقل العديد من الصلاحيات المركزية إلى الإدارة المحليّة»، منوهاً، في الوقت ذاته، إلى الرسائل الخارجية لهذه الانتخابات، بالقول إن «سوريا حريصة في كلّ الأوقات على الاستحقاقات الدستورية والانتخابية في مواعيدها».
يشار إلى أن هذه الانتخابات، وهي الثانية من نوعها منذ عام 2011، تأتي بعد استحداث 26 وحدة إدارية جديدة، وبعد قرار أصدرته وزارة الإدارة المحلية حدّدت فيه عدد الدوائر الانتخابية في المحافظات السورية، وفق ما يلي: 5 دوائر في محافظة دمشق، و11 في محافظة ريف دمشق، و11 في محافظة حلب، و25 دائرة انتخابية في محافظة حمص، و9 في محافظة حماة، و7 في محافظة إدلب، و5 دوائر في اللاذقية، و7 في طرطوس، و3 في دير الزور، و6 في الحسكة، فيما خُصّص لمحافظة الرقة 4 دوائر، و6 لمحافظة درعا، و4 للسويداء، وواحدة في محافظة القنيطرة. وتبلغ فترة ولاية المجالس أربع سنوات تبدأ في الثاني من شهر تشرين الأول.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن