آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » انتصار طالبان في افغانستان واندحار داعش في العراق وسوريا ولبنان.. المشتركات والعِبَر

انتصار طالبان في افغانستان واندحار داعش في العراق وسوريا ولبنان.. المشتركات والعِبَر

 د. جواد الهنداوي

أهّمُ مُشترك ،في اثرهِ و وضوحهِ و تجلياتهِ ، بين ظاهرة طالبان في افغانستان و ظاهرة داعش في العراق و في سوريا و في لبنان هو الدور الامريكي . احتلت امريكا افغانستان عام ٢٠٠١ ، وخلال فترة الاحتلال ، ترعرت ونمت وكَبُرت حركة طالبان ، واصبحت اليوم هي القوة المؤهلّة للسيطرة ميدانياً و سياسياً على افغانستان عند اتمام القوات الامريكية انسحابهم المؤكد من افغانستان عند نهاية شهر آب القادم من هذا العام .

 نتساءل : هل بقدرة قادر مجهول ام بقدرة تخطيط امريكي استراتيجي محسوب أنْ تصبح هذه الحركة ، وبعد تواجد امريكي و ناتوي عسكري لمدة عشرين عاماً في افغانستان لمحاربتها، اقوى سياسيا و عسكرياً من الحكومة الافغانية ،والتي حظيت بالدعم وبالتدريب الامريكي و الناتوي ؟

 هل من المعقول ان تستعيد طالبان السيطرة على ٨٠. بالمئة من الاراضي الافغانية ،بمجرد الاعلان الامريكي الرسمي بانسحاب الجيش الامريكي في نهاية شهر آب ؟

 اوعدتْ امريكا الافغان ،عند احتلالها بلدهم عام ٢٠٠١ ، بالقضاء على طالبان و الجماعات الارهابية ، وباحلال السلام و الامن و الاستقرار ، وبالحريات وبالديمقراطية !

 الآن ، وبعد عقدّين من الزمن ، تُسّلمْ امريكا افغانستان الى حركة طالبان ، وتترك شعبه ، يرزخُ تحت بطش وارهاب الحركة ، لاسلام و لا امن و لا ديمقراطية !

 وقّعت الادارة الامريكية اتفاق سلام مع حركة طالبان ،بتاريخ ٢٠٢٠/٢/٢١، في الدوحة . و اوهمت الادارة الامريكية حكومة افغانستان بضرورة عقد اتفاق سلام مع حركة طالبان ، و تفاوضت الحكومة مع الحركة و برعاية امريكية ، ومن ضمن بنود الاتفاق ، بند ينصُ على ان تفرج الحكومة عن ٥٠٠٠ اسير مقاتل من الحركة !

 واليوم هولاء المُفرج عنهم يقاتلون مع طالبان القوات الحكومية !

 أعادة بعض القوات الامريكية انتشارها في افغانستان ، و انسحبت البعض من افغانستان ، وتركت مخازن اسلحة وصواريخ و عتاد ، تّمَ الاستيلاء عليها من قبل مقاتلي حركة طالبان ،حسبما نقلته بالصوت وبالصورة مراسلة قناة CCN التلفزيونية ، و ذهبت هذه المراسلة، بدعوة من حركة طالبان ،لتصاحب تقدّم المقاتلين واستيلائهم على بعض مخازن الاسلحة الامريكية المتروكة .

 ستنسحب ،بكل تأكيد القوات الامريكية و القوات الدولية من افغانستان ، ولكن لن تذهب القوات الامريكية بعيداً عن افغانستان ، و ستتمركز في احدى الدول المجاورة ، وهذا ما اكدته افتتاحية صحيفة واشنطن بوست ،بتاريخ ٢٠٢١/٤/١٤ . ومهمّة القوات الامريكية ستكون ،حسب ما وردَ في الصحيفة ، مراقبة الوضع عن كثب في افغانستان. و لا نستبعد من استمرار التفاهم والتفاوض بين حركة طالبان و الادارة الامريكية او بين الحركة و القوات الامريكية ، و لا نستبعد ايضاً من ان توظّف الادارة الامريكية مقاتلي الحركة من اجل ارباك او ازعاج ايران او روسيا .

 لنقارب الآن سيناريو الدور الامريكي في افغانستان مع الدور الامريكي في العراق :

 أحتلت امريكا العراق ، ولا تزال قواعدها ولا يزال دورها السياسي والعسكري فاعل وحاكم في العراق ، ومنذ ما يقرب عقدّين من الزمن .اي ذات مدة تواجد القوات الامريكية في افغانستان !

 نشأت و ترعرت و انتشرت وتناسلت مجاميع ارهابية متعددة وبقيادات متعددة ، و بوجود القوات الامريكية في العراق ، والتي كانت تنظّم و توزّع ادوار ومهمات الداعمين بالمال وبالسلاح المجاميع الارهابية ، وخاصة داعش ، وبأعتراف السيد حمد بن جاسم ال ثان ، رئيس وزراء قطر الاسبق و وزير الخارجية .

 شهدَ العراق ،منتصف عام ٢٠١٣ ، قبيل سقوط مدينة الموصل على يد داعش ، هروب او تهريب الارهابيين و الدواعش من سجون ابو غريب و التاجي ، وقد قُّدر عدد الهاربين آنذاك باكثر من ١٠٠٠ سجين ،معظمهم ،محكومين بالاعدام .

 و اعتقد هولاء شاركوا بالقتال مع داعش لاحتلال الموصل ،مثلما يشارك الآن سجناء طالبان ،الذين اُفرِجَ عنهم ،بموجب ،اكذوبة مفاوضات السلام بين الحكومة الافغانية و حركة طالبان ، بالقتال مع اقرانهم للاستيلاء على المدن والقصبات الافغانية .

 لم يكْ سقوط الموصل في قبضة داعش عام ٢٠١٤، دون تخطيط تآمري مُسبق، مُرتكزاً على ما سادَ من اخطاء و شاعَ من فساد . مشهد خروج الجيش العراقي من الموصل ، و تركه اسلحة و مخازن عتاد ، استخدمها تنظيم داعش للتقدم نحو بغداد و اربيل ، يتكرر هذا المشهد الآن في افغانستان ،حيث هروب الجيش الحكومي تاركاً خلفه اسلحة وعتاد و مخازن اسلحة امريكية لتقع في ايدي مقاتلي طالبان .

ما الفرق اذاً بين مشهد العراق و مشهد افغانستان ، والذي سمحَ للعراق دحر داعش ؟

 الفرق هو وجود الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الاخرى و دخولهما ساحة العمل العسكري ، وصّدهما داعش ، و دحرهِ لاحقاً في العراق و في المنطقة .

 ظاهرة الحشد وفصائل المقاومة احبطت نتائج مؤامرة الموصل ، وأحبطت ما هو ابعد من مؤامرة الموصل . وهذا ما يفسّر أستماتتْ اسرائيل و امريكا من اجل النيل من مكانة و دور الحشد و فصائل المقاومة ، وسعيهما و آخرون لايقاع الفتنة بين الحشد و الجيش ،بين الحشد و الشعب ، وتصفية الحشد الشعبي ،الذي اثبتَ قدراته في حماية العراق .

 تفتقر افغانستان لتجربة الحشد ، لذلك يتوقع المراقبون اتمام حركة طالبان سيطرتها على افغانستان ، وهروب الجيش او انضمامه الى الحركة ، ومغادرة الحكومة العاصمة كابول ،في غضون ستة اشهر او اقل .

 ولا نستبعد من ان تقوم قوى سياسية افغانية، وقبل فوات الآوان ، من الاستفادة من تجربة الحشد الشعبي في العراق .

 ما يجري في افغانستان ، شاهدُ و دليل ،لشعوب المنطقة ( العراق ،سوريا ،لبنان ،فلسطين ) ، والتي تواجه دوراً اسرائلياً امريكياً تخريباً ، وبوسائل عسكرية و اقتصادية و نقدية ، على ضرورة تعزيز وسائل المقاومة من اجل الدفاع ومنّ اجل محاربة الارهاب .

سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قوة حزب الله تكمن في دمشق

الدكتور خيام الزعبي إن ما تتعرض له لبنان لا يقل خطورة عن ما تواجهه سورية، إنه الإرهاب الذي يستهدف قدرات ما تبقى للأمة العربية من ...