| حسين فحص
تنطلق فعاليات كأس العالم 2023 لكرة القدم للسيدات اليوم الخميس (يستمر حتى 20 آب) في أستراليا ونيوزيلاندا وسط تصدّر أجور اللاعبات العناوين العريضة. لا تزال الهوة موجودة مقارنةً بعائدات اللاعبين الرجال، ما يفتح فصلاً جديداً في ملف صراع التّمييز الرياضي
فارق الأجور بين الجنسين ليس بالأمر الجديد. هو قضية مفتوحة تثير جدلاً كبيراً ضمن مختلف القطاعات بما فيها الرياضة. يتقاضى اللاعبون الذكور أجوراً أعلى من اللاعبات الإناث بفارقٍ شاسع، ما يعود على القيمين باتهاماتٍ جندرية. يكفي الإشارة إلى تقرير نشره الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قبل أشهر لتبيان الهوة، حيث تشير الأرقام إلى أن متوسط راتب اللاعبات يبلغ 14 ألف دولار أميركي سنوياً فقط، وهو أقل مما يتقاضاه لاعب «متوسط المستوى» يومياً. وباستثناء البطولات الأربع الكبرى للتنس التي عملت لأكثر من 50 عاماً حتى قاربت الجوائز المالية بين الرجال والنساء عام 2007، تعرف باقي الرياضات تحيزاً واضحاً في الأجور لصالح الذكور.
حوربت النساء في كرة القدم منذ نشأة اللعبة وتم إجبارهنّ أحياناً على الاعتزال القسري. ففي إنكلترا مثلاً، اكتسبت لعبة كرة القدم النسائية شعبية كبيرة خلال الحرب العالمية الأولى وأخذت المباريات تستقطب حشوداً هائلة، غير أن الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم أعلن حينها بأن اللعبة غير مناسبة للنساء «ويجب عدم التشجيع عليها». استمر قمع لعب السيدات حتى عام 1969، حين رفع الاتحاد الحظر في النهاية.
ومنذ ذلك الحين، أخذت كرة القدم النسائية تتطور بوتيرة أسرع من تحسّن الأجور. اللاعبات طالبنَ بالحصول على أموال كافية للتفرغ إلى كرة القدم، في ظل التضحية بالوقت والعمل والتعليم من أجل حضور التدريب ولعب المباريات، لكن المطالبات اصطدمت بعوائق عديدة.
يبلغ إجمالي قيمة الجوائز المالية المخصصة للمونديال الحالي 110 ملايين دولار
وعلى الجهة المقابلة، نددت المطالِبات بالمساواة بحجج المعارضين، كتلك التي تتعلق بعدم تمتع النساء بنفس القوة الجسدية للرجال، كما أشرنَ إلى أن عدم الاستثمار بالرياضة النسائية بنفس المبالغ التي استُثمرت في رياضة الذكور حال دون النمو المطلوب. وكان الاتحاد النرويجي لكرة القدم من أبرز الداعمين للاعباته، حيث اعتبر أن قيمة أداء الفريق لا تعتمد على الطلب ولكن على التدريب والوقت الذي تستثمره اللاعبات، والظروف والفرص لا يمكن أن تكون متساوية إلا إذا حققت المرأة التكافؤ المالي مع نظرائها من الذكور.
في خضم فارق الأجور الشاسع، كان هناك تحركات متتالية من اللاعبات طالبن خلالها الاتحادات الوطنية ومن خلفها «فيفا» بزيادة جوائز المسابقات، على أن تذهب مباشرةً إليهنّ. أبرز تلك التحركات حصلت في تشرين الأول من العام الماضي، عندما خاطبت مجموعة تضم 150 لاعبة من 25 منتخباً «فيفا» بهدف توفير ظروف متكافئة وضمان تقديم جوائز للاعبات بنسب عادلة. وقبل ذلك، خاض منتخب السيدات الأميركي لكرة القدم حرباً مع القضاء إثر التمييز بالأجور. عززت اللاعبات موقفهن بجلبهنَّ مالاً للاتحاد الأميركي لكرة القدم أكثر من منتخب الرجال إثر فوزهن بأربع بطولات كأس العالم وأربع ميداليات ذهبية أولمبية… ومع ذلك، جنى فريق الرجال أجراً أكبر. تجدر الإشارة إلى تحصيل منتخب السيدات الأميركي تسوية تمييز بقيمة 24 مليون دولار في نهاية المطاف، مع دفع الاتحاد لتوقيع اتفاق يحصل بموجبه لاعبو المنتخب الوطني من رجال وسيدات على أجر متساوٍ في جميع المباريات الودية والبطولات الرسمية.
كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم عن جوائز مالية قياسية لبطولة كأس العالم 2023 لكرة القدم للسيدات بحيث تحصل كل لاعبة من المنتخب المتوج باللقب مبلغ وقدره 270 ألف دولار، على أن تنال كل لاعبة مشاركة في البطولة 30 ألف دولار كحد أدنى.
ويبلغ إجمالي قيمة الجوائز المالية المخصصة لمونديال السيدات 110 ملايين دولار، بما يزيد عن 3 أضعاف الجوائز المالية لنُسخة 2019 التي أقيمت في فرنسا. بالإضافة إلى ذلك، يتلقى كل منتخب ما يقرب من مليون دولار أميركي كتَمويل تحضيري.
وبحسب رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو، الهدف النهائي هو المساواة بين ألعاب الرجال والسيدات بحلول كأس العالم 2026 للرجال ونسخة 2027 للسيدات. من جهتها، أثنت النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو) على «فيفا» للاستماع إلى أصوات اللاعبات فيما يتعلق بالأجور، كما العدالة في توفير منشآت التدريب ووسائل النقل ضمن مونديال السيدات مقارنة بكأس العالم 2022 لكرة القدم للرجال.
وتلعب المغرب أولى مبارياتها يوم الاثنين المقبل الساعة 11:30 بتوقيت بيروت مع ألمانيا.