فقار فاضل
انعكست الأزمة السورية على الوضع السياسي العراقي بشكل مباشر، وهو ما تجلّى في المواقف الأخيرة التي أظهرت الخلاف بين القوى السياسية حيال تعاطي الحكومة مع الملف السوري. وانتقد الأمين العام لمنظمة «بدر»، هادي العامري، الموقف الحكومي، قائلاً خلال كلمة في منتدى الحوار السياسي الذي تقيمه المنظمة، إن «لدينا مخاوف في سوريا ويجب أن نحسب حساب كل شيء. ونخشى أن تتحول سوريا إلى ليبيا ثانية». وأضاف: «عجيب أن ترى أميركا وروسيا وتركيا وحتى الكيان الصهيوني يدافعون عن أمنهم القومي في سوريا، والعراق يقف مكتوف اليدين».
وحذّر رئيس «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، بدوره، من تداعيات الأوضاع في سوريا على أمن المنطقة وخاصة العراق، مشدّداً على ضرورة التنسيق والتعاون بين دول الجوار لمنع تأثيرات الأوضاع هناك على الاستقرار الإقليمي. وأكّد خلال استقباله سفير تركيا لدى العراق، أنيل بورا إنان، أن «العراق يستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية في ظل صمت المجتمع الدولي». كما شدّد على «أهمية تشكيل حكومة شاملة في سوريا تعكس إرادة جميع مكوّنات الشعب السوري»، محذّراً من «استغلال القوى الإرهابية للأوضاع الراهنة في سوريا»، ومؤكّداً أن «ذلك قد يؤدي إلى انعكاسات سلبية على العراق وباقي دول الجوار».
وتنشطر المواقف حول تعاطي رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مع الحكومة السورية الانتقالية إلى نصفين: الأول يضم رئيس «ائتلاف النصر»، حيدر العبادي، ورئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، و»تيار الفراتين» بقيادة السوداني، ورئيس تحالف «السيادة»، خميس الخنجر، وبعض القيادات السنية والكردية المؤيدة لتشكيل حكومة سورية مستقلة، والثاني يمتلك فصائل مسلحة ويتحفّظ على التعامل مع حكومة تشكّلها «هيئة تحرير الشام».
القوى التي تملك فصائل مسلحة تتحفّظ على التعامل مع حكومة «هيئة تحرير الشام»
ويشير السياسي المقرّب من «الإطار التنسيقي»، عائد الهلالي، إلى أنه «في الوقت الذي ترى فيه بعض الأطراف السياسية أن الحكومة يجب أن تكون أكثر فاعلية في التدخّل والمساهمة في حل الأزمة، هناك أطراف أخرى ترى أن التحفظ والحياد هما الخيار الأفضل من أجل الحفاظ على استقرار العراق». ويرى، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هذا التباين قد يفضي إلى تصعيد سياسي داخل العراق، حيث تُستغل هذه القضايا من قبل الأحزاب السياسية لتحديد موقفها من الحكومة». كما يعتبر الهلالي أن «هذه الخلافات قد تنبع من اختلاف الرؤى الاستراتيجية للقوى حيال دور العراق في المنطقة وعلاقته بكل من سوريا والدول الكبرى. مثل هذه الانقسامات قد تعكس التوترات الإقليمية وتأثير الصراعات في سوريا على السياسة الداخلية العراقية». ويستدرك بأنه «بغضّ النظر عن التصريحات التي تنتقد الحكومة، فإن دول المنطقة والعالم تثني على موقفها وتصفه بالمتزن، والذي أبعد العراق عن دائرة الصراعات التي ستكلّف الكثير بعد أن شهدنا حالة التعافي الواضحة للبلاد».
بدوره، يرى القيادي في «تحالف الفتح» الذي يتزعمه العامري، أبو ميثاق المساري، أن «الانتقاد السياسي للحكومة كان تقويمياً بأسلوب المعارضة الإيجابية. وبالتالي، فالحكومات وفق هذا النهج تُعاتَب ولا تُحاسَب. لذلك، لا يمكن اعتبار كل ما تقدّم ضمن حيز الصراع السياسي». ويضيف، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «يمكن اعتبار أن هناك تبايناً في وجهات النظر داخل الإطار التنسيقي حيال الوضع الراهن في سوريا، وذلك طبيعي تماماً».
أما القيادي في حزب «تقدّم»، كامل الغريري، فيرى أن «التدخل العراقي في ما يحصل في سوريا غير صحيح، وهو ما تظهره تجربة إرسال فصائل مسلحة خارجة عن القانون إلى تلك الدولة على مدى السنوات الماضية، وبعلم الحكومة العراقية، ما تسبّب في خلق أعداء للبلاد». ويضيف في تصريحات صحافية أن «التدخل والتبرعات والاستقطاع من رواتب الموظفين ليس لها داع، فشعب العراق متعب ومرّ بظروف صعبة ولا يزال يعاني من النازحين داخل البلاد والمغيّبين والمختطفين وبعضهم كانوا في سجون سوريا، ما يشير إلى فشل الحكومة وعدم قدرتها على قيادة البلاد بصورة صحيحة وحماية شعبها، في وقت هناك فيه أبرياء في السجون العراقية ويتم رفض تشريع قانون العفو العام لإنصاف المظلومين».
أخبار سورية الوطن١_الأخبار