آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » انتهى زمن القطيعة.. سيارات خليجية تجوب شوارع العاصمة السورية

انتهى زمن القطيعة.. سيارات خليجية تجوب شوارع العاصمة السورية

السياح الخليجيون يعودون إلى شوارع العاصمة السورية دمشق مع تحسّن العلاقات بين دمشق وعواصم الخليج العربي، وذلك بعد سنوات من القطيعة، إلا أنّ حواجز عديدة لا تزال تعيق التحرك الاقتصادي الخليجي في سوريا.

في سوق الشعلان، وسط العاصمة السورية دمشق، تمرّ سيارة حديثة تحمل لوحةً تعريفيةً تدلّ على أنّها من المملكة العربية السعودية، في مشهد لم تألفه شوارع المدينة طوال سنوات الحرب الماضية، حيث أدى قطع العلاقات السياسية من قبل دول الخليج إلى توقّف الحركة السياحية إلى المدن السورية بشكل كامل.

في عام 2018، قررت الإمارات العربية المتحدة إعادة افتتاح سفارتها في دمشق، لكن تلك الخطوة لم تتبعها عودة الحركة السياحية الخليجية إلى المدن السورية، لكن بعد قرار الجامعة العربية تعليق تجميد عضوية سوريا في الجامعة، وتفعيل العلاقات السورية – الخليجية على نطاق واسع بجهود سعودية – إماراتية، بات الحديث عن عودة السيّاح الخليجيين مطروحاً بقوة، وبدأ يترجم على أرض الواقع من خلال وجود عدد لا بأس به منهم في شوارع العاصمة، وغيرها من المدن.

أحمد صقر، وهو صاحب محل ألبسة في منطقة الشعلان بدمشق، يؤكد للميادين نت أنّه “بدأ يلحظ وجود عدد من السيّاح العرب داخل السوق خلال الأسابيع الماضية، وخاصّة من الجنسيات الإماراتية والسعودية والبحرينية”.

وعلى الرغم من الأعداد القليلة نسبياً، يؤكد صقر أنّ “عودة السيّاح الخليجيين ستساهم تدريجياً في إنعاش الأسواق السورية، خاصّةً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد”، متمنياً أن “تشهد المرحلة المقبلة وجوداً أكبر للسيّاح الخليجيين، لزيادة الحركة التجارية وتحسين الأوضاع الاقتصادية”.

“الخليج – سوريا” قبل الحرب

في مطلع الألفية الجديدة، توافد مئات المستثمرين الخليجيين وشركاتهم إلى سوريا، لدراسة الفرص الاستثمارية المتاحة، حيث شملت القطاعات المستهدفة جميع المجالات الصناعية والتجارية، لكن الزخم الاقتصادي الخليجي تركّز على: السياحة، العقارات، المصارف والخدمات المالية.

يصعب تحديد نسبة مساهمة الاستثمارات الخليجية من إجمالي تدفّقات الرأسمال الأجنبي المباشر إلى سوريا قبل عام 2011، ومن إجمالي الاستثمارات الموظَّفة عموماً من قِبَل القطاع الخاص المحلّي والخارجي، نظراً لغياب الإحصاء الدقيق لإجمالي الاستثمارات الخليجية، تبعاً لجنسية المستثمرين وقطاعات الاستثمار.

إلا أنّ مسح الاستثمار الأجنبي الذي جرى عام 2009، وشمل 178 منشأة استثمارية منفَّذة قبل عام 2008، أنّ ثمة استثمارات تعود إلى 5 دول خليجية، من بين 33 دولةً تستثمر في سوريا، وتقدّمت السعودية هذه الدول بنحو 77.8 مليون دولار، فالكويت بنحو 25.6 مليون دولار، ثم الإمارات العربية المتحدة ثالثاً بقرابة 21.3 مليون دولار، وأخيراً البحرين بنحو 6.4 ملايين دولار.

وشكّلت سوريا لسنوات طويلة قبل الأزمة مقصداً رئيسياً للسيّاح الخلجيين، لما تتمتّع به من موقعٍ جغرافيّ مميّز، وطقس معتدل، ومواقع سياحية وأثرية فريدة من نوعها على مستوى العالم، ولذلك فكانت إعادة العلاقات السياسية مع دمشق خبراً سارّاً لكثير من الخليجيين، الذين ينتظرون الفرصة للقدوم إلى المدن السورية.

في سوق الجزماتية، الواقع بمنطقة الميدان وسط دمشق، يقف خالد العوضي (63 عاماً) داخل محل للحلويات لشراء بعضٍ منها، كذكرى يعود بها إلى بلده الإمارات، وهو يقول للميادين نت: “جئت إلى سوريا أكثر من مرة قبل الحرب، لكنها المرة الأولى التي آتي بها منذ أكثر من 12 عاماً، حيث توقّفت خلال تلك المدة الرحلات السياحية إلى الأراضي السورية من الإمارات بشكل كامل”.

يضيف العوضي: “سوريا وشعبها يعنيان لنا الكثير، لذلك نتمنى أن تعود الأمور إلى سابق عهدها داخل سوريا، حيث يوجد الكثير من الإماراتيين الذين يريدون القدوم إلى هنا، حيث الطعام المميز والطقس الاستثنائي”.

العودة إلى الجامعة العربية نقطة تحول

اليوم، وبعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لا يتوقّع أحد أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، لكن التقارب السياسي الذي حصل مؤخراً، وتمثّل بمشاركة الرئيس السوري، بشار الأسد، في اجتماعات القمة العربية بمدينة جدة السعودية، وما لحقه من تطورات سياسية بين دمشق والعواصم الخليجية، يوحي بأنّ المرحلة المقبلة سوف تشهد انفتاحاً اقتصادياً متبادلاً، سيساهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد السوري.

عضو مجلس الشعب السوري محمد خير العكام أكد للميادين نت أنّ “سوريا لم تمنع أحداً من الخليجيين من القدوم إليها، لكن تغيّر المزاج السياسي والمواقف السياسية للدول الخليجية سمح بتدفق السوريين المقيمين في الخليج أولاً، والعرب الخليجيين إلى الأراضي السورية”.

ويضيف العكام أنّه “يمكن للسياحة الخليجية وعودة المغتربين السوريين خلال فصل الصيف أن تؤدي إلى تحسّن العلاقات الاقتصادية بين دمشق والعواصم الخليجية، وتالياً، يمكن أن تؤثّر هذه العودة إيجاباً على الاقتصاد السوري”، لافتاً إلى أنّ “الأمور لن تعود إلى سابق عهدها كما كانت قبل الحرب دفعة واحدة، وإنّما بشكلٍ تدريجي”.

الموسم السياحي الحالي سيكون أفضل مما كان عليه في السنوات الماضية، مع استمرار توافد السيّاح الخليجيين إلى الأراضي السورية، وهذا ما سيؤدي، بحسب العكام، إلى “حدوث تحسّن طفيف في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، نتيجة تدفّق العملة الصعبة، الناتجة عن قدوم السياح من دول الخليج وغيرها، كما يمكن أن يؤدي إلى تحسّن العملية الإنتاجية، وهذا يعود بالنفع على الاقتصاد السوري بشكل عام”.

حواجز على الطريق

في المقابل، من المتوقع أن يصطدم التحرك الخليجي الاقتصادي بحواجز عديدة، في مقدمتها العقوبات الأميركية والأوروبية المشددة على سوريا، وعلى جميع الدول والمؤسسات والشركات التي تنوي المساهمة في إنعاش الاقتصاد السوري، وهذا الأمر يقف إلى الآن بوجه بدء عملية إعادة الإعمار التي تهم مختلف شرائح الشعب السوري.

أما الحاجز الثاني، فهو مرتبط بالمبادرات السياسية المطروحة لحلّ الأزمة السورية، وتحديداً مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، التي تعتمد على قيام الدولة السورية بإصلاحات سياسية واقتصادية وأمنية معيّنة، مقابل مساعدة دمشق في ترميم البنية التحتية وإعادة الإعمار ورفع العقوبات، وهذه المبادرة تشكّل أساساً للدور الخليجي المتوقع في سوريا خلال المرحلة القادمة.

لكن المشكلة الأبرز التي تواجه الاستثمار الأجنبي بشكلٍ عام، والخليجي بشكلٍ خاص، هي تهالك البُنى التحتية في سوريا، نتيجة السنوات الطويلة من الحرب والمعارك التي أدت إلى تدمير ركائز الاقتصاد السوري، وحدوث أضرار جسيمة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

ولا يمكن الإغفال أيضاً عن المشكلة الكبيرة التي تواجهها سوريا حالياً، وهي وجود القوات الأميركية بمحيط حقول النفط في منطقة الجزيرة السورية، وإقامتها قواعد عسكرية غير شرعية، تمنع من خلالها سيطرة الدولة السورية على الثروات الطبيعية الموجودة في الشمال الشرقي.

اليوم، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها السوريون نتيجة الحرب القاسية التي أرخت بثقلها على مختلف مفاصل حياتهم اليومية، فإنّهم يعوّلون على أيّ خطوة سياسية لكي تحمل معها طوق النجاة، بحيث تنعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي، ولذلك فإنّ عودة السيّاح الخليجيين على نطاق واسع يمكنها أن تساهم في إنعاش قطاعات حيوية عديدة في المستقبل القريب.

 

سيرياهوم نيوز-الميادين1

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“تتخلَّفُ الآثارُ عن أَصحابِها حيناً وَيُدرِكُها الفَناءُ فَتَتبَعُ”.. ماذا يحدث في أهرام مصر؟ من المسؤول؟ وهل تتم الإطاحة بوزير السياحة والآثار؟

محمود القيعي: موجة استياء كبيرة أثارها فيديو لأحد العمال وهو يكسر في حجارة الهرم الأكبر، وهو الأمر الذي دعا للتساؤل: ماذا يحدث في مصر ومن ...