تستمر معدلات المواليد البشرية في الانخفاض بشكل كبير خلال القرن المقبل، وفي غضون 25 عاماً فقط، سوف يتراجع أكثر من ثلثي عدد سكان بلدان العالم.
و حسب دراسة جديدة نشرت في «مجلة لانسيت» حذر الفريق الواسع من العلماء الدوليين الذين يقفون وراء الدراسة، من أنه يجب على الحكومات الاستعداد للتغيرات الهائلة في العقود المقبلة، نتيجة لهذه التغيرات في الأنماط السكانية العالمية.
وتقول ناتاليا بهاتاتشارجي، خبيرة الإحصاء السكاني في معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) في الولايات المتحدة: إنّ هذه الاتجاهات المستقبلية في معدلات الخصوبة والمواليد الأحياء ستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتوازن القوى الدولي بالكامل وستستلزم إعادة تنظيم المجتمعات.
وبحلول عام 2050، تتوقع الدراسة الجديدة أن الأشخاص الذين يعيشون في 155 من أصل 204 دولة ومنطقة مدرجة في الدراسة سينجبون عدداً أقل من الأطفال مما يتطلبه الحفاظ على استقرار عدد السكان.
وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2100، سيرتفع هذا العدد إلى 198 دولة ومنطقة ذات معدلات مواليد أقل من معدلات الوفيات، وأن البلدان الوحيدة التي من المتوقع أن تتجاوز معدلات المواليد فيها المستوى المطلوب للحفاظ على السكان «ولادتان على الأقل لكل أنثى» هي ساموا والصومال وتونغا والنيجر وتشاد وطاجيكستان.
وفي بوتان وبنغلاديش ونيبال والسعودية، ستنخفض المعدلات إلى أقل من طفل واحد لكل أنثى، وإذا حدث ذلك، فإن عدد السكان في الأماكن ذات معدلات المواليد المنخفضة سوف يتقلص حتماً.
من جانبه، يقول المؤلف البارز وخبير الإحصاء الحيوي ستاين إميل فولست: من نواحٍ عديدة، يعد انخفاض معدلات الخصوبة قصة نجاح لكن سوف يتعامل العالم مع “طفرة المواليد” في بعض البلدان و”كساد المواليد” في بلدان أخرى في الوقت نفسه ، في حين يقول المشاركون بالدراسة إننا كمجتمع عالمي، في الوقت الحالي، لسنا مستعدين لما هو قادم.
وحسب الدراسة الحديثة فإنّ تأثير مثل هذا التحول الجذري في عدد السكان سيعتمد أيضاً على كيفية إدارته، ومكان تواجد الناس، مؤكدة بما أنّ معظم دول العالم تواجه التحديات الخطيرة التي تواجه النمو الاقتصادي المتمثلة في تقلص القوى العاملة وكيفية رعاية السكان المسنين ودفع أجورهم، فإنّ العديد من البلدان ذات الموارد المحدودة في إفريقيا سوف تتصارع مع كيفية دعم السكان المسنين.
وخلصت الدراسة إلى أن أغلبية الأطفال بمعدل “ثلاثة من كل أربعة”، سيولدون في البلدان المنخفضة الدخل، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، خلال العقود المقبلة.
وتشير الدراسة إلى أن السكان الأصغر سناً والأسرع نمواً على هذا الكوكب سيتواجدون في بعض الأماكن غير المستقرة سياسياً واقتصادياً، في ظل الإجهاد الحراري، والنظام الصحي المجهد على وجه الأرض.
ويقول المؤلفون: إنّ سياسات الهجرة الأخلاقية والفعالة بالتعاون العالمي ستكون حاسمة في إدارة الأزمات السكانية التي من المقرر أن تواجهها العديد من البلدان ، مضيفين: بمجرد أن يتقلص عدد سكان كل بلد تقريباً، سيصبح الاعتماد على الهجرة المفتوحة ضرورياً للحفاظ على النمو الاقتصادي، موضحين أن استمرار هجرة العمال المهرة إلى الاقتصادات ذات الدخل المرتفع والمنخفضة الخصوبة يمكن أن يكون له أيضاً آثار مدمرة على الاقتصادات التي يتركها هؤلاء العمال وراءهم، وهو مفهوم يشار إليه باسم “هجرة الأدمغة”.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين