آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » انها ليست فضيحة محطة الـ”بي بي سي” وانما قمة جبل الجليد لأكاذيب حرية الاعلام الغربي واستقلاليته وهيمنة اللوبيات الصهيونية عليه.. انها لعنة غزة

انها ليست فضيحة محطة الـ”بي بي سي” وانما قمة جبل الجليد لأكاذيب حرية الاعلام الغربي واستقلاليته وهيمنة اللوبيات الصهيونية عليه.. انها لعنة غزة

عبد الباري عطوان

استقالة كبار المسؤولين في هيئة الإذاعة البريطانية BBC ، وعلى رأسهم مديرها العام تيم ديفي ومساعدته رئيسة قسم الاخبار ديبورا تورنيس، بعد فضيحة فيلم وثائقي بثه برنامج “بانوراما” المشهور بدقته ومهنيته وجرى تحريف فقرات من خطاب لدونالد ترامب جاء بمثابة “فضيحة” كبرى ليس للإعلام البريطاني، وانما لمعظم الاعلام الغربي المنحاز، والذي يتستر كذبا بإدعاءات الحياد وحرية التعبير.

هناك العديد من الأفلام الوثائقية ونشرات الاخبار المنحازة بالكامل لدولة الاحتلال، والمتسترة على حرب إبادتها في قطاع غزة على مدى عامين كاملين، ولم ولن يتم الكشف او الحديث عنها، تطبيقا لسياسة الحكومة، وربما بأمر مباشر من رئيسها ومسؤولين فيها، ولكن لن يتم فضحها، لأن الضحايا من العرب والمسلمين، وليسوا مثل دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الداعم، والمتورط، في هذه المجازر الذي كان يتبنى ويدافع عن السردية الإسرائيلية، ولم يعترف مطلقا بحرب الإبادة ووجودها، ورفض الاعتراف بحرب التجويع في القطاع رغم وثائق الأمم المتحدة الدامغة، فاذا كان التزوير يصل الى ترامب زعيم العالم الحر، والحليف الأكبر لبريطانيا وزعيم حلف الناتو، يتعرض خطابه للتحريف ومن قِبل أكبر هيئة تلفزيون وإذاعة في العالم، فكيف سيكون حال “الأعداء” او أبناء ودول العالم الثالث؟

***

هيئة الاذاعة البريطانية “BBC” وقفت موقفا داعما لجرائم دولة الاحتلال، وحجبت معظم السردية العربية والفلسطينية، وفصلت العديد من الصحافيين العرب والمسلمين، بتهمة الانحياز الى الضحية في حرب غزة، واعطوا الجانب الإسرائيلي مساحة ضخمة لبث أكاذيبه عن الحرب الدموية الإسرائيلية، والرمي عرض الحائط بكل قيم المهنية والاستقلالية والحياد.

لا يمكن ان ننسى موقف رئيس الوزراء البريطاني الذي اعتبر حرب الإبادة في قطاع غزة التي أدت الى استشهاد أكثر من 70 الفا نصفهم تقريبا من الأطفال حربا مشروعة وتأتي في إطار حق الدفاع عن النفس.

اللوبيات الاسرائيلية منعت العديد من الأصوات والمحللين والمعلقين العرب من الظهور على شاشة وسائل الاعلام البريطانية، ومنهم كاتب هذا المقال، الذي كان ضيفا دائما على شاشاتها وميكروفوناتها لأكثر من 40 عاما، سواء التابعة للدولة، او للقطاع  الخاص، الناطقة باللغة الإنكليزية او العربية، وبلغت الوقاحة بأحد المعلقين الإسرائيليين المشارك في أحد برامج تلفزيون الهيئة الناطق باللغة العربية، وعلى الهواء مباشرة، ان يطالب بمنع عبد الباري عطوان من الظهور، وطرده من المحطة مثلما تم طرده من الاخريات الناطقة بالإنجليزية، وجرت الاستجابة لمطلبه فورا، ونملك نسخة مصورة لما نقول.

اللوبيات الصهيونية بهيمنتها على وسائل الاعلام الغربية، ومنع السرديات العربية والإسلامية، والآن على معظم منصات التواصل الاجتماعي، دمرت أهم مرتكزات ما يسمى بالقيم الغربية، وأبرزها حرية التعبير، وحرية التفكير، وشاهدنا كيف جرى طرد الأساتذة والطلاب ومنع المساعدات المالية عن كبار الجامعات الغربية سواء في بريطانيا او الولايات المتحدة او فرنسا وألمانيا، ولعل ما حدث لجامعتي هارفارد وكولومبيا في أمريكا، على سبيل المثال هو أحد الأمثلة وأبرزها التي تؤكد ما نقول.

ان ننتقد الاعلام الغربي، وانحيازه والتحريف ومنع الرأي الآخر الحقيقي، وهيئة الاذاعة البريطانية تحديدا، لا يعني ان الاعلام العربي والإسلامي يتمتع بالحرية والاستقلالية، ولكن الفرق انه معروف بقمعه للرأي الآخر، واعتقال، بل واغتيال بعض الكتاب والصحافيين، ومنع وسائل الاعلام المستقلة او حتى الشبه مستقلة، ولا ينكر هذه الحقيقة.

الرئيس الأمريكي ترامب الذي يحتفل بالانتصار على هيئة الإذاعة البريطانية ويهدد بمقاضاتها، وفضح تحريفها لخطابه، لم يوجه كلمة تعاطف واحدة مع أكثر من 250 صحافيا فلسطينيا من أبناء القطاع والضفة الغربية وجنوب لبنان اغتالهم رصاص الجيش الإسرائيلي لمنع وصول الحقائق عن فصول حرب الإبادة والتجويع، وعلى رأس هؤلاء الشهيدة شيرين ابو عاقلة التي تحمل الجنسية الامريكية، بينما تدخل جيوشه الحروب، وتفرض حكومته الحصار والعقوبات ضغطا للإفراج عن صحافي امريكي ابيض.

***

عندما ينجح اللوبي الصهيوني في بريطانيا على طرد غاري لينكر أشهر لاعبي كرة القدم في بريطانيا، وربما في أوروبا، من تقديم برنامجه الاسبوعي الأكثر شعبية ومشاهدة في الـ “BBC” (مباراة اليوم) والذي قدمه لأكثر من 26 عاما، والتهمة التعاطف مع ضحايا حرب الإبادة من أطفال غزة، فإن هذا يلخص حرية التعبير والمهنية والاستقلالية في هذه المحطة، ومعظم المحطات والصحف الغربية الأخرى، وسيطرة الإسرائيليين عليها.

فضيحة الـ”بي بي سي” هذه التي جاءت في الوقت المناسب، هي مجرد البداية، وقمة جبل الجليد من الكذب والخداع، والوقوف في خندق الجزار وليس الضحية، وربما تكون بداية اصلاح الأخطاء القاتلة هذه أيضا، او هكذا نأمل.

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير التعليم العالي يبحث مع وفد بريطاني تعزيز التعاون العلمي والأكاديمي

بحث وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي مع وفد من الحكومة البريطانية برئاسة “آن سنو” الممثلة الخاصة للمملكة المتحدة لشؤون سوريا و”ماري شو كليدج” نائبة رئيس ...