آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إياكم أن تتحاربوا مع الروس…

إياكم أن تتحاربوا مع الروس…

باسل علي الخطيب

من الذي قال أن الحماقة قد تكون احياناً تاجاً على الرؤوس؟… لست أعرف أي نوع من الحمقى يحكم أغلب الدول الأوروبية، اعتقادي أنهم من نوع الأمعات الحمقى…. هل من عاقل يستغرب تلك التحولات السياسية الجذرية في اوروبا؟؟… ألم يكن صناع القرار في أوروبا يتوقعون هكذا نتيجة؟… لايخطر على بالي وانا اسمع تصريحاتهم النارية ضد روسيا، ومن ثم تراهم يضربون كفاً بكف عجزاً على التعامل مع نتائج تلك التصريحات إلا الطرفة التالي: ذات مرة كان هناك نسر و حمار على طائرة، قال النسر للمضيفة أحضري لي فنجان قهوة، أحضرت المضيفة فنجان القهوة للنسر، فقال لها النسر:لم أعد أريد قهوة، أريد كأساً من الشاي، انزعجت المضيفة قليلاً و أحضرت الشاي، قال لها ما عدت أريد الشاي أريد كابتشينو، انزعجت المضيفة كثيراً ولكنها أحضرت الكابتشينو، هنا قال لها ما عدت أريد شيئاً، أعيدي الكابتشينو، انزعجت المضيفة كثيراً و سألته بغضب: لماذا تفعل هذا؟ أجابها ببرود: ( حيونة )….. شاهد الحمار ما حصل و أعجبه ذلك، و قرر أن يفعل نفس الشيء مع المضيفة، و كرر كل ما فعله النسر، و في النهاية سألته المضيفة لماذا فعلت هذا، أجابها: ( حيونة )…… انزعجت المضيفة كثيراً و أخبرت كابتن الطائرة، فقال ألقي بهما خارج الطائرة، أمسكت المضيفة بالحمار و النسر و فتحت باب الطائرة، و عندما همت بإلقائهما، نظر النسر إلى الحمار الذي بال على نفسه من الخوف و سأله : أتجيد الطيران؟ أجابه الحمار : لا، فقال له النسر لماذا ( تتحيون ) إذاً؟ ….. خذوا على سبيل المثال ليتوانيا…. ليتوانيا دولة ضعيفة وصغيرة جداً، لاتكاد تزيد عن صالون وغرفتين ومنافعهما، وأكاد أجزم أن فرقة كشافة روسية قادرة على احتلالها خلال 24 ساعة…. أتذكرون عندما قامت ليتوانيا بإغلاق ممر سوالكي الذي يربط مابين روسيا في الشرق وإقليم كاليننغراد الروسي في الغرب؟؟…. لاحظوا سخافة التبرير الذي قدمته ليتوانيا، أنها تفعل ذلك تنفيذاً للعقوبات الأوروبية ضد روسيا فيما خص توريد البضائع والسلع الروسية، وكأن هذه البضائع تنتقل من دولة لأخرى…. لنفترض أن روسيا قررت أن لاتتصرف من مبدأ الاخ الأكبر، أنها تعامل الليتوان على قدر عقولهم، وقررت معاقبتهم، ألن تختنق ليتوانيا خلال شهر؟….. تدرك روسيا أن هذا القرار ليس قراراً ذاتياً من ليتوانيا، وليس حتى قراراً اوروبياً، إنما هو قرار امريكي بحت، في سياق المسعى الأمريكي لاستنزاف روسيا عبر فتح جبهة جديدة عليها….. بالعودة إلى التاريخ، خضع إقليم كالينغراد قبل ثمان قرون لسيطرة القبائل البروسية الألمانية في القرن الثالث عشر، وذلك عندما وصل فرسان اخوية التيوتون الألمانية عام 1226 إلى أراضي جنوب شرق البلطيق، وقهروا السكان الأصليين، وبنوا قلعة على ضفة نهر بريجل، أطلقوا عليها اسم كونيغسبورغ، أي جبل الملك، وتدريجياً ظهرت ثلاث مدن صغيرة اندمجت لاحقاً عام 1724 في مدينة واحدة تحمل اسم كونيغسبورغ…. في عام 1756 سيطرت القوات الروسية على المدينة خلال حرب السنوات السبع مع بروسيا، ولكنها عادت إلى التاج الألماني عام 1762، وصارت جزءً مما كان يسمى بروسيا الشرقية…. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية سيطرت القوات السوفييتية على المدينة في نيسان 1945، ومن ثم أحيل القسم الشرقي من بروسيا الشرقية إلى سيطرة الاتحاد السوفييتي بموجب قرار من مؤتمر بوتسدام… غير السوفييت اسم المدينة إلى كالينغراد صيف عام 1946، وصارت جزءً من روسيا، ومع استقلال دول البلطيق وتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 صارت مقاطعة كالينغراد وكأنها جزيرة معزولة يفصل بينها وبين روسيا جمهورية ليتوانيا…. لطالما شكلت كالينغراد حجر الزاوية في الاستراتيجية العسكرية السوفييتية والروسية على حد سواء في مواجهة حلف الناتو….. كالينغراد بكل بساطة هي قاعدة عسكرية روسية عائمة، ومركز جيوسياسي يكاد يقارب راس حرب لروسيا في مواجهة الناتو، عدا عن ذلك هي الميناء الروسي الوحيد شمالاً الذي لايتجمد في الشناء، ومنه تستطيع روسيا أن تسيطر على بحر البلطيق وصولاً إلى الدانمارك…. اتفاقية الشراكة والتعاون مابين روسيا والاتحاد الأوروبي لعام 1994 هي من نظمت العلاقة مابين روسيا وليتوانيا فيما خص الاقليم، وتقضي بإبقاء ممر سوالكي مفتوحاً مع عدم جواز حصار الاقليم. مع اشتداد المواجهة في أوكرانيا زادت أهمية الاقليم أكثر، لذلك قامت روسيا بنشر منظومات الدفاع الجوي S 400 وصواريخ اسكندر-ام الباليستية التي تطال كل أوروبا على أراضيه… نعود إلى ما قلناه أعلاه، أن قرار إغلاق المعبر هو قرار امريكي، وقد امهلت روسيا الغرب بعض الوقت لكي يجبر ليتوانيا لتعود عن قرارها، ومن جهة أخرى أطلقت روسيا وعلى أعلى المستويات تهديدات شديدة اللهجة پانه سيكون لها إجراءات رادعة غير متوقعة…. سؤالنا هو التالي، هل يذهب الروس إلى الحرب ضد ليتوانيا أن اضطروا لذلك؟….. جوابنا هو نعم، ويذهبون لهذه الحرب كالحرب الأوكرانية أنها حرب الأجبار وليست حرب الاختيار… لطالما تساءلنا لماذا وضعت روسيا قواتها النووية في حالة تأهب قصوى منذ الأيام الأولى للحرب في اوكرانيا، ولماذا ظهر الرئيس الروسي بوتين على التلفزيون وبجانبه الحقيبة النووية والزر النووي؟؟… مايحصل الان بين روسيا والغرب ليس معركة كسر عظم، إنما حرب كسر إرادات وفرض ارادات، وفي حروب الإرادات لايوجد تعادل، حروب الإرادات لاتنتهي بتبويس اللحى، يدرك الروس أن دول الناتو مجتمعة تتفوق عليهم في كل المجالات العسكرية والتعبوية، ويتفوق الروس في مجالين فقط، عدد الرؤوس النووية والقدرات الصاروخية، و يعي الروس جيداً أنهم لايمكن أن يخسروا هذا الصراع، هذا يعني بالنسبة لهم نهايتهم كدولة وكجغرافيا وكدور، وليس بعيداً إن خسر الروس هذه الحرب أن تتفكك الدولة الروسية، ويدرك الغرب جيداً خطورة بوادر خسارة روسيا للحرب، أنها لن تتردد في استعمال أقصى قوتها لكي لاتخسر، حتى ولو اضطرت لاستعمال السلاح النووي…. الصراع أبعد من أن يكون مجرد عض اصابع، الخاسر فيه هو من يصرخ اولاً، الجميع يصرخ الآن، وسيصرخون لاحقاً أكثر وبصوت أعلى، وبعض الصراخ يختلف عن بعضه، أكاد أجزم إن استمر حصار كالينغراد أن الروس سيجتاحون ليتوانيا، ولكن ليتوانيا دولة عضو في حلف الناتو، وحسب المادة الخامسة من ميثاق الحلف، فإن على دول الحلف كلها أن تهرع لحماية أي دولة ضمنه تتعرض للاعتداء، ولكني أعتقد جازماً أن دول الحلف الرئيسية أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أجبن من أن تتدخل لحماية ليتوانيا، وسيحكمون في ذلك بعض بقايا المنطق الذي يمتلكون، ولن يضحوا بجنودهم في سبيل دولة كليتوانيا، وهذا على فكرة سيكون القشة التي ستقصم ظهر الناتو…. لدينا في موروثنا الشعبي المثل التالي “على نفسها جنت براقش”، هذا ما قلناه عن أوكرانيا ، وقد نقوله عن ليتوانيا، وبراقش على فكرة لم تكن إلا كلبة، وهل ينظر ذاك الغرب العنصري إلى أوكرانيا و ليتوانيا بغير هذا الشكل؟؟…. على فكرة هناك اغنية روسية شهيرة عنوانها إياكم أن تتحاربوا مع الروس، انصح أولئك الأمعات الذين يحكمون الدول الاوروبية، بدءً من ماكرون و ….وصولاً إلى زيلينسكي و أن يستمعوا لها…. أضف إلى ذلك، هناك مثل روسي يقول ” أن الروس يسرجون خيولهم ببطء، ولكن حالما يركبون ينطلقون بأقصى سرعة”….. ذات يوم وصل جيش نابليون موسكو، بل ودخلها على انقاضها بعد أن أحرق الروس عاصمتهم حتى لايهنأ بها نابليون، على فكرة عندما وصلت طلائع القوات الألمانية النازية باريس في الحرب العالمية الثانية، قام الفرنسيون بتسليم عاصمتهم للألمان حتى لا تتعرض مواقعها الجميلة للدمار، وارتضوا مهانة الاستسلام مقابل الحفاظ على جمال مدينتهم…. هذه الحادثة رويتها للمقارنة…. بعد سنة من احتلال نابليون لموسكو، الحق به الروس هزيمة ساحقة في معركة…، بعد أن انهكوه في حرب استنزاف لمدة عام، إلا يذكركم ذلك باوروبا الحالية، أنها تظن أنها تعاقب روسيا، والحقيقة أنه يتم انهاكها في عملية استنزاف طويلة؟… في الحرب العالمية الثانية وخلال فترة قصيرة وصلت الجيوش النازية إلى موسكو، وحاصرتها من ثلاث حهات، بعد اربع سنوات من هذا كان الجنود الروس يرفعون العلم ذو المنجل والمطرقة فوق مقر الرايخ الثالث في برلين… أنتجت هوليود فيلماً عن معركة ستاليننغراد، محوره كان القناص فاسيلي زايتسف، المجند في الجيش الروسي، اسم الفيلم Enemy at the Gates ( العدو على البوابة), البعض يظن أن الفيلم في سياق الإضاءة على شجاعة الروس وبراعتهم وتضحياتهم في الحرب العالمية الثانية، بالعكس، مرة أخرى، اسلوب السم في العسل الذي تتقنه هوليود، الفيلم يصور وبطريقة بشعة الدولة والجيش في الاتحاد السوفييتي، ويعزون النصر إلى بطولات فردية وحسب، على مبدأ الفرد السوبرمان، تلك الثقافة التي تحكم العقلية الامريكية، وهنا يكمن الفرق بين العقليتين، العقلية الروسية التي تجعل عمل الفرد يصب في مصلحة الجمع لصالح الجميع، وبين عقلية الفرد الآله، التي تقدم المصلحة والنزوات الفردية على كل شيء…. أترانا من فراغ ظهرت ثقافة الليبرالية المتوحشة في امريكا؟؟.. هل تعرفون ماهو عدد الشخصيات في رواية الحرب والسلم العبقري ليف تولستوي؟؟.. عددها 1500 شخصية، لاتوجد رواية في العالم تحوي حتى ربع هذا العدد، هل العقلية التي أنتجت هذه الرواية هي عقلية فردية أم جمعية؟ بكلام آخر، لو أن تولستوي ولد في المانيا، هل كان ليتجز هكذا رواية؟…أن يستطيع هذا العبقري أن يحبك ويربط حياة 1500شخصية على مسرح واحد، لعنري هذه عبقرية فذة، و يعكس طبيعة الشخصية الروسية….. على فكرة، يقال إن منظومتي S300 و S400 يمكنها التعامل مع عشرات أو مئات الأهداف في نفس الوقت…. هل وصلت الفكرة…. في الختام هل تعرفون ما معنى كلمة غراد باللغة الروسية؟.. ترجمة هذه الكلمة باللغة الروسية القديمة هو مدينة، ولطالما ارتبطت المعارك الفاصلة في تاريخ روسيا بأسماء مدن تنتهي باللاحقة غراد، في الحرب العالمية الثانية التي يسميها الروس الحرب الوطنية العظمى، كانت معركتي لينينغراد (سانت بترسبورغ) وستالينغراد المعركتين الأكبر والفاصلتين في مواجهة القوات النازية الألمانىة الغازية…. تعرضت لينينغراد لحصار دام أكثر من 1000يوم ولم تسقط ولم تستسلم… وقاتل الروس على خراب ستالينغراد بعد أن استحالت كلها خراباً ولم يستسلموا وانتصروا في النهاية…. أنصحكم بالإستماع لأغنية لاتتحاربوا مع الروس…..

(سيرياهوم نيوز6-خاص بالموقع28-9-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...